سربت وزيرة الإعلام نادية السقاف عزم الحكومة على تحويل عدن عاصمة سياسية للبلاد ولمدة خمس سنوات ، ولم يكن ذلك التسريب عفوياً أو عارضاً ، بل كان مقصوداً ، هدفه التهيئة الاجتماعية لاتخاذ القرار في وقت لاحق ، وكذا جس ردة فعل الجنوبيين من مشروع القرار المزمع اتخاذه . وهو قرار ينطوي على خبث ، وإن كان في ظاهره يبدو جميلاً . وهو على شاكلة دس السم في العسل . لأن من أهداف المشروع الأساسي هو تحويل عدن إلى مركز لإدارة الحروب في البلاد ، وكأن الجماعة لم يكتفوا بما لحق بها والجنوب من مآسي وويلات من جراء تلك الحروب التي حًشر فيها الجنوب حشراً . هذا علاوة على نوايا جماعة الرياض في إجهاض المشروع الجنوبي ، لصالح مشروع الأقاليم عبر آليات جديدة لاحتواء عدن ، بعد أن تآكلت آلياتهم القديمة التي بالغت في استخدام العنف والقمع . وتنطلق الفكرة من النظر إلى عدن بوصفها خاصرة الجنوب ، ومن ثم فان تحريف بوصلتها باتجاه آخر ، من خلال احتواءها أمنياً وإدارياً . إضافة إلى خلخلة بنيتها الاجتماعية والسكانية لصالح الشمال ، سيلقي بأثره على مشروع الجنوب عامة . وبتكتيك مغرٍ لن يشعر به الجنوبيين إلا وقد وقع الفأس على الرأس . بعد أن ينتقل مئات الآلف من المحافظات الشمالية باتجاه عدن سواءً عبر الانتقال الموجه والممنهج لجماعات من مختلف مكونات المجتمع الطبقية ، أو الانتقال العفوي من المناطق ذات الكثافة السكانية بهدف تصريف فائض كثافتها السكانية ، وهو أمر لا مناص منه . إذ ما تحولت عدن مدينة مشرعة للجميع ، وليست مدينة الجنوب . وقد يتحقق هدفهم في غضون السنوات الأولى من تنفيذ قرارهم . وهو المشروع الذي فشل في تحقيقه الرئيس السابق صالح حين أراد توطين نسبة كبيرة من سكان الشمال في المدن الساحلية الجنوبية مع مطلع العام 2000 م تحت مبرر إعادة توزيع السكان . \ يحدث كل ذلك وهم يعلنون للملا بأن صنعاء في طريقها للتحرير قريباً ؛ ومن أجندة التحرير لديهم القضاء على صالح و الحوثي كما يقولون . فلماذا بعدئذٍ يهربون من صنعاء ، ويلحون للحاق بعدن ؟ ثم لماذا لم يتم اختيار تعز لتكون العاصمة مثلاً ؟ كون مشروع الأقاليم هو المعبر عن مصالح مناطق جنوب وغرب الشمال بدرجة أساسية . أما أن تأتون إلى عدن لتنفيذ أجندات غيرها ، وعلى حسابها ،فهو أمر ينم عن استخفاف بالغ بمجتمع الجنوب . إن تسويف انتصارات المقاومة الجنوبية ، واحتوى عدن ، وإفراغها من هويتها الجنوبية ، وتحويل المدينة إلى طرف مكاني في الصراع الناشب بين رموز النظام القديم ، والبطانات الضيقة و الواسعة الملحقة بهم ، هو ما يرمي القرار إلى تحقيقه . وعليه فلا ينبغي أن تأخذنا الغفلة وحسن النية من وجود شخوص جنوبية مؤثرة فيما بينهم ؛ فهذه جماعة اختارت التبعية للآخر وتبنت خياراتها إلا من رحم ربي ، مع تبنيها موقف الضد من خيار أهل الجنوب سواءً أكان ذلك بدافع النفاق أو المصلحة أو لأية أسباب أخرى . وكان آخرها قول كبيرهم كما ورد في الجزيرة بأن مشروع الستة أقاليم هو الخيار ، شاء من شاء وأبى من أبى . وهو خطاب مستفز بلا شك للمقومة الجنوبية. ولذا فينبغي على القوى الوطنية الجنوبية مواجهة هذا التوجه بالرفض بكل أشكاله الثقافية والسياسية ، وتبصير الناس بخطورة أبعاده على مدينة عدن ، وعلى الجنوب عامة ، وتوصيل رسائل للآخر برفض الجنوبيين لقرارهم ؛ كونه شرك محكم لأحتوى القضية الجنوبية بوصفها قضية هوية ، وهو شرك قائم على إدماج الآخر في بنية خاصرتها ، كي يتم إفراغها من عناصر قوتها الرئيسية أقول مثل ذلك لأن الجماعة ذات الامر