السياسة من اسمها تعني التسويس اي القيام بالأمر العام وسائس الخيول هو من يقوم بأمرها يرعيها ويطعمها ويغسلها ويدربها وينميها ويعالجها ... الخ باستمرار وبصمت وحنية ورفق وإخلاص ، وهكذا هو معنى السياسة في لسان العرب وهذا التعريف لا يتقاطع مع تعريف السياسة الحديث التي تعني القيام بالشأن العام ، بمعنى تدبير امر الناس الذين نسوس أمرهم ونحكمهم والذين كان وجودنا السياسي بفضلهم وبهم ومن اجلهم وراحتهم وبهذا هو معنى الحكم والحكومة ، اي حكم الناس وضبط شأنهم العام بما يجعله يسير سيرا طبيعيا بأمن وأمان وعدل وكرامة واستقرار بلا خوف او ظلم او توتر او نقصان ، وبهذا المعنى سميت السياسة فن الحكم ، وقد كانت الحكومات منذ ان وجدت في عالم الانسان الى يوم يبعثون معنية بالفعل الدائم والعمل المستمر بصمت وصدق وإخلاص في سبيل حياة وعافية وسعادة من تحكمهم او تدعي انها حكومتهم ووجودها بفضلهم ، وهي بذلك كما قال احدهم ( تقول ولا تتكلم ) اي ان أفعالها وأعمالها هي التي تتحدث عنها وعن حقيقة أمرها . اذ ان الحكومة تفعل وتعمل والناس هم الذين يتكلمون عن أفعالها وأعمالها وهذا من طبائع أمور السياسة الا في بلاد اليمن السعيد بجهله وظلمه وظلامه انقلبت السالفة اذ وجدنا ان الناس يفعلون ويعملون ويقاومون ويستشهدون ويموتون ويجوعون وينزحون ... الخ والحكومة الشرعية تتكلم عنهم وعن أفعالهم وأعمالهم وكأنما هي من يقوم بذلك هههههه وهكذا تحولت الحكومة الشرعية اليمنية الى جوقة إعلامية واسعة كل الوزراء في حكومة هادي وبحاح تحولوا الى مراسلين صحفيين ًإعلاميين في القنوات الاخبارية ، يتحدثون عن انتصارات المقاومة ويتحدثون عن دعم دول التحالف ويتحدثون عن المساعدات الانسانية ويتحدثون عن قرارات الامم المتحدثة ويتحدثون عن الخلايا النائمة ويتحدثون عن كل شاردة وواردة ! بينما المقاومة الجنوبية قاومت الغزو الحوثي العفاشي في عدن والحج والضالع وأبين وشبوة ودحترته وحررت الارض من براثنه منذ قرابة شهر والمقاومة الشعبية في البيضاء وتعز ومأرب وأب تقاتل الان في سبيل التحرير والحكومة الشرعية لم تفعل شيئا ذات بال في تعزيز الانتصار وتحفيز المقاومة ، لقد كنا نتوقع ان الحكومة الشرعية تغتنم فرصة تحرير عدن والمحافظات الجنوبية بأسرع وقت ممكن وعلى الفور وتعيد الحياة والأمل للناس هنا وتجعلهم يشعرون ويلمسون قيمة المقاومة وحلاوة وثمرة الانتصار الغالي الثمن وتجعل من هذه المدن المحررة نماذج جاذبة ودافعة وحافزة لسكان المدن الشمالية التي مازلت تدين بالولاء والطاعة الحوثي وعفاش ، لكنها للأسف الشديد خيبت الآمال اذ رغم مرور اكثر من شهر على تحرير عدن فمازالت أوضاعها العامة مضطربة ومرتبكة وغير أمنة ما هكذا تكون السياسة والحكم والمقاومة والانتصار يا حكومة ! اغتنموا الفرصة قبل ان تضيع ويضيع الجميع ! لمن يفهم الكلام والسلام