تشتغل عتبة العنوان في رواية " عاشق نسوان " الصادرة عن مؤسسة أروقة للدراسات والترجمة والنشر للروائي اليمني الدكتور " عبد الله الشعيبي " علي فضاء حسي مشحون بروح الغواية، ويحتشد النص الروائي بشخصيات نسوية متنوعة : هبة،سامية،سميرة،هيام،إيمان،أبتسام،نبيلة،خديجة،ياسمين،اللاتي يقعن جميعاً في غرام الراوي البطل "جلال " الذي يتبدي معشوقاً بجدارة كما هو عاشق بإفراط. يعمد الراوي البطل الي عملية تناسل ضمن متوالية حكائية سردية ( حكاية داخل حكاية )، فيعرض حكايته مع كل منهن في حيز بصري نفسي عاطفي يتضافر مع الحيز الذي تصنعه اللغة في وصف هذه الشخصيات،و بينما يكثر الراوي من وصف مشاهد العشق الجسدي الملتهب الجموح بأساليب مختلفة في علاقته بكل منهن، إلا أنه تظهر بين الفينة والأخري مشاهد الألم والحزن في حياة هذه الشخصيات وهي تتعري أمام نفسها وتكشف عن ماضيها ومخبوء أسرارها في معية الراوي البطل. يتسع الفضاء المكاني في الراوية ليشمل عدة مدن في بلدان مختلفة :اليمن، الهند،سوريا، الكويت،الأردن، مصر، عبر رحلات عديدة يقوم بها الراوي للعمل والنزهة، ويعتمد الراوي علي وصف بانورامي للطبيعة والأماكن والناس في هذه البلدان، غير أننا نجد أن الاحداث الرئيسة في الراوية محصورة في مدن اليمن " صنعاء،عدن " وتختص الأماكن المغلقة : شقق، حجرات فنادق، مكاتب، منازل، فيلات بالأحداث الشخصية البارزة في حياة الراوي البطل. يقع السرد الروائي في نمطين رئيسين: السرد الداخلي وفيه يقدم الراوي صورة للذات من الداخل في علاقته الفردية بمجموعة النسوة وعائلته وأصدقائه ورؤسائه في العمل ومرؤسيه وهو يستحوذ علي السواد الأعظم في الراوية، ثم السرد الخارجي وفيه يقدم الراوي صورة شاملة لعلاقات الذوات الحاضرة في النص ورؤيته التي تتضمن تفسيرا سياسيا واجتماعيا للعديد من الأحداث الكبري في اليمن،وهنا ينعطف السرد في مسار مواز للمسار الفردي للراوي البطل، إذ يرصد الراوي هذه الأحداث بداية من المفاوضات السياسية بين قيادتي الشطرين اليمنيين الشمال والجنوب مرورا بإعلان الوحدة في 22 مايو 1990م، وهو يستشرف الخطر في بروز الاستقطابات السياسية والحزبية والاجتماعية قبل أن تأتي الأحداث بصدق توقعاته في حرب صيف 1994م، ومع النتائج الكارثية لما حدث تظهر حالة الإدانة الواسعة والعميقة في طيات السرد" حرب 1994م غيرت الكثير من المفاهيم لدي أبناء الجنوب تحديدا فقد أصبحوا يعتبرون الوحدة احتلالاً متكاملاً من قبل دولة شقيقة وجارة وأن ما تم كان عبارة عن حلم تبخرت أهدافه، فدولتهم ضاعت وتاريخهم أيضا ضاع بل شوهوه بتعمد وإصرار،وثراوتهم تتعرض للنهب المنظم والمخطط،طردوامن وظائفهم وحرموا من حقوقهم المادية، ولا مجال للمساوة أو المقارنة بين كادر جنوبي وشمالي إلا وتذهب لصالح الشمالي والمصيبة عندما لا يكون الشمالي من ذوي المؤهلات أو الخبرات، ممارسات السلطة تجاه الجنوبي انتقامية بحتة أنهم ينتقمون من الشجر والحجر والتراب، ولم يرحموا حتي المؤسسات العامة وخصخصوها بعيدا عن القانون بدلا من أن يشغلوها بأي من الطرق والوسائل وكانوا من دون شك سيستفيدون منها ويجعلوها شماعة يعلقوا عليها حبهم للوحدة والجنوب ". يضفي البعد السياسي والاجتماعي عمقا في بنية الحكاية كما أنه يكشف عن الانحياز الوطني و الانساني للراوي البطل والذي يتعرض من جراء ذلك للعديد من المضايقات والاستبعاد من العمل نظرا لمواقفه السياسية الصريحة المعارضة لما يحدث والتي تنتهي بإعتقاله ليلة مع نفر من اصدقائه، علي أنه يختتم حياته الشخصية بزيارة للبيت الحرام، مكفرا عن خطاياه و معلنا توبته - وهو ما يظهر الوازع الديني المستتر في وجدانه - وعودته إلي حياة الاستقامة مع أسرته وأبنائه