في التاريخ دروس وتجارب وعبر ، لمن أراد أن يستلهم ويعتبر ، وعلى العكس من ذلك ، فيه ما يجعل من كل متغافل أو متجاهل للتاريخ ووقائعه ولحقائق الأمور ، أن تنقلب عليه الأيام وتدور على رأسه الدوائر ، وتذهب به ظنون التغافل والتجاهل إلى ساحات الأوهام البعيدة ، وعلى إنها من الأمنيات التي يسهل تحقيقها ، بينما إذا ما تأملها الإنسان الحصيف والحكيم والكيس ، فسوف تتبدى له أمنيات الجنون من التي لا تصدر إلا عن مجانين ، وكما قيل أن بعض الأمنيات من الجنون ومن عدم الدراية بالأمور ، فالمصيبة هنا تكون أعظم واكبر عندما ترافقها الحماقات ، وهذا هو حال رئيس الجمهورية العربية اليمنية السابق ، علي عبد الله صالح ، الذي أوصلته غفلة الزمن إلى ما لم يكن يحلم به ، وغدا حاكما لشعب جبل العيش تحت المذلة والهوان ، حاكم لا يحمل غير سيرة ذاتيه من المكر والخداع والمؤامرات والدسائس والفتن ، ومؤهل دراسي بمستوى لا شيء ، وبدرجة صفر على الشمال من الوعي والثقافة والحضارة ، وهاهو التاريخ الذي لم يعتبر منه قد أحاله إلى حاكم مخلوع ومنبوذ ومشرد . وليس بغريب في نفس الوقت أن يظهر في هذه الجمهورية العجيبة ، مغامر جديد هو الآخر متخلف ومتغافل ومتجاهل لأي شيء ولكل شيء ، وفي غفلة من الزمن أيضا ، حينما استدرج الشباب الثائر في تلك الجمهورية وتمت عملية استغفاله ، والالتفاف على ثورته آنذاك في العام 2011م حتى استفاق على واقع مؤلم ، بأن سرقت منه ثورته التي كان ينادي بها ويصارع من اجلها ، برز إلى السطح في الجمهورية العربية اليمنية المغامر وصيف سلفه ، عبد الملك الحوثي حامل المؤهل الدراسي من المعلامة ( الكتاب ) ، وصاحب السيرة الذاتية الرافضية ، المعجب بنفسه وبعقليته والمصاب بعقدة تقليد غيره ، وصاحب الخطابات المكررة والعبارات المرددة كلما أطل من على شاشة التلفاز ، بمناسبة أو بدون مناسبة ، فارتدى معطف الزعامة ، وها هو كسلفه أودى بهذا الشعب المسكين إلى قاعة الهاوية ، دافعه إلى ذلك حب الوصول إلى الحكم بأي ثمن كان وبأية وسيلة كانت ، وعلى حساب جماجم أهله وناسه حتى من الأطفال ، هذه الصورة والانطباع الذي أعطوها إياه من ظن أنهم اخبر للوصول إلى سدة الحكم من أقصر الطرق ، بل واستعباد الشعوب بقليل من التمثيل والفهلوة ، وها هي النتائج الأخيرة لمغامراته الخاسرة ، أن جعلته إذا اطل برأسه من الكهف المختبئ فيه ، سرعان ما يعود إليه بما أوتي من خفة بغية الاختباء ، راسما بذلك حياته القادمة التي اختارها لنفسه .
إن قليلا من التأمل ودراسة هذه العقول ، سوف يضعنا أمام فرضية أن هؤلاء المغامرون المتعطشون للسلطة ، إنما يعيشون معنا في هذا القرن الواحد والعشرين بأجسادهم فقط ، وحقيقة الأمر والواقع فهم ما زالوا بعقلية إنسان العصر الحجري ، وإلا لما أوصلوا أنفسهم وشعبهم في الجمهورية العربية اليمنية ، المغلوب على أمره إلى هذا الواقع المرير ، ولو أنهم يدركون أن بعض الأمنيات من الجنون ، وأن الجزاء من جنس العمل لكان خيرا لهم ، ولما كانوا في ما هم فيه من حال يرثى له ، ولكن حب الذات والتعطش الجنوني للسلطة عند البعض ، والتعالي على خلق الله بالقوة والجبروت ، داء لا دواء له غير قدرة الخالق فسبحانه جلت قدرته . !