خفتت أصوات كثيرة كانت تدعي أنها تمثل الجنوب عندما ارتفعت أصوات الرصاص والمدافع وعندما سالت الدماء وكشف الاحتلال عن دمويته .. لكن هذه الأصوات عادت بأسلوبها القديم ، الممثل الوحيد ، وكأنها لا تعلم بأن هناك مقاومة وحرب ودماء وشهداء وأن هناك شعب نهض وقاوم عندما غابت تلك الأصوات التي تدعي القيادة .. وتشكلت مقاومته الذاتية وظل يقاوم بمجهوده الذاتي قبل ان يلتفت إليه التحالف والشريعة التي غادرت الجنوب بكافة مكوناتها السياسية والأمنية والدفاعية قبل أن تبدأ المعركة على الأرض .. كما أن تلك الأصوات مازالت في غيبوبتها لاتعلم بأن هناك قوة جديدة أصبحت على الأرض تمثل واقعاً جديداً . ومثلما افرزت الثورة السلمية متغيرات على الأرض كذلك افرزت المقاومة المسلحة واقعاً جديداً أيضاً ربما تعتقد تلك الأصوات أنه حقها لا أدري إلى متى سيظل البعض يتخيل أنه في قمة الهرم والآخرين دونه أو في الأسفل ؟!! . إن الأبداع في العمل السياسي اليوم هو العمل الذي يخفف معاناة شعب يدفع ثمن أخطاء قيادات غير مؤهلة فرضت نفسها بالشرعية السلمية أو اتت بها حسابات سياسية معينة ولم تحقق إلا الفشل .. لكن اقبح أنواعه هو العودة إلى اقناعنا عبر بياناتهم بتجريب الفشل مرة آخرى . إن منتجي البيانات ربما لا يعلمون بأن اعداء الوطن يقيّمون حجم كل طرف بقدرته على مواكبة المتغير وبمعنى أخر فإن إصدار بيان لا يكلف الكثير ، بينما التضحيات التي قدمت في سبيل تحقيق هذا الانجاز جاءت ثمرة جهد موحد لشعب غابت عنه كثير من قياداته العسكرية في ساعة الصفر الأولى وهي ساعة الحسم وساعة تصنع الرجال والرجال يصنعون النصر . من المحزن أن نرى جهات وأشخاص يقزمون المقاومة الجنوبية التي اعترف بها الأعداء ، وتعلم منها الأشقاء والأصدقاء ، ويجعلونها اليوم مكون ضمن عدة مكونات بعضها وهمية ومفرخة ، يذيلون بها البيانات القديمة في قالب وصايا جديد بإعتماد واهم .. بأن ذلك سيزيدهم وزنا ًسياسياً .. لكن الحقيقة أنه عمل يقزم من يسعى أن يكون وعاء ينصهر فيه الجنوب ويصبح لون واحد تحت عباءة من يسمون أنفسهم ( مجلس الثورة) .. فنقول لهم أن المقاومة موحدة وقوية ويصعب تقسيمها وليست هي التي ارفقتموها مكوناً من المكونات التفريخية التي تتقنون صنعها .. فهي أكبر من حجمكم ياسادة . المقاومة شعب وأرض وإنسان .. المقاومة جماجم وأشلاء .. المقاومة دموع ودماء .. ليست مكون تذيلون بها هراء بياناتكم .. المقاومة مناضلون كانوا قدوة لنا ، ولم يبخلوا علينا عندما كانوا بيننا في الثورة السلمية ، وجسدوا ذلك بإن سبقونا في التضحيات من أجل صناعة النصر الجنوبي . إن من يحاول اختطاف المقاومة الجنوبية وانتصاراتها عليه إن ينظر إلى جبل شمسان .. هل يستطيع أن يغير اسمه وحجمه .. وبالتالي عليه إن يقدر حجمه الطبيعي وتأثيره في الواقع الجنوبي اليوم ؟.. لذلك أدعوكم إلى العقل والمنطق وأن ندرك ان أحاديث وعقول السياسيين اليوم يجب إن تتغير وفقاً لمجريات الأحداث والمتغيرات وليس كما كان عليه بالأمس لأسباب عدة توجب ان نتكلم ونعمل بما يريده من حولنا . أن المطلوب اليوم لغة المصالح وليس اللغة الثورية الفارغة من الثورية التي شربنا منها بمافيه الكفاية لانه ببساطة يعرفوها الجميع اليوم .. لدينا شركاء قدموا كل غال ونفيس من أجلنا ولو لا ماقدموه بعد توفيق الله ماتحقق كل ماتحقق .. لذلك يجب أن نترك اللغة القديمة ونتكلم بلغة بفهمها الشركاء الذي نريد منهم تكملة المشوار معنا وإعادة البناء والإعمار والتأهيل العسكري والمدني . يجب أن لانختصر قضيتنا في (حزب الاصلاح وبادي والحذيفي ) ويجب أن نعمل وفقاً لما تقتضيه المرحلة .. وإذا كنا في المليونيات نرفع أعلام دول الخليج ونقول نريد منكم موقف سياسي وإنساني نحو الجنوب وشعبه .. فقد جاءوا إلينا اليوم بكل ثقلهم العسكري والسياسي والاقتصادي فلا نفوت الفرصة من أجل نزوات غريبة عقيمة ، ولغة تجاوزها العقل والمنطق . العالم اليوم يدار بالمصالح وليس بالنظريات والخطاب السياسي القديم .. لن يؤكل الجنوبيين العيش ولن يبنوا وطن بهذه الطريقة العمياء ، فحذاري من إنتاج الماضي وإنتاج أزمة سياسية جنوبية شأنها شأن هذا الخطاب في المنعطفات السياسية الجنوبية التي خلقت لنا أزمات متعددة أوصلتنا باب اليمن .. ولن نستطيع الخروج منه إلا إذا تغيرت عقولنا السياسية للتعامل مع الحاضر بالإستفادة من الماضي .