مع ادراكنا أن الحرب عندما تبدأ يكون الموقف أعقد وأصعب من الكلام وأنها أي الحرب معادلة حسابية المجهول فيها أهم عواملها مع كل ذلك إلا أن إدارة الحرب يمكن لها أن تقلل من تكاليفها وتستشرق المستقبل ولو كان غير واضحاً وتضع خطط لمواجهة أكثر السيناريوهات قتامة وسوداوية . لاشك أن الحرب قد فرضت على جنوباليمن كما فرضت على شماله من عصابة مارقة عقائدية تؤمن بأنها الأنزه والأشرف لا لعمل قامت به يعطيها هذا الحق بل لأن إرادة الله هي تبؤها هذا المركز . هكذا انخرط الكثير في الجنوب في هذه الحرب فرادى ليس لهم قيادة وكانت لهم غاية نبيلة سامية هي الدفاع عن النفس من تتار العصر الذي اتجهوا جنوبا كالسيل الجارف لمحاربة الجنوب واخضاعه لحكم المركز المقدس بعد ان سقطت في أيديهم أو اسقطت كل محافظات الشمال بفضل التحالف القائم مع الرئيس السابق ( نيرون صنعاء ) علي عبد الله صالح . جاءت عاصفة الحزم كمنقذ وهلل لها الناس وزادت الجميع حماسة في خوض غمار الحرب لكن المشكلة الرئيسية أن كل جزء ممن أتوا في ساحات الوغى يحمل اهداف تختلف عن رفيقه في المعركة وشاء الله أن تتحرر عدن وجزء كبير من المحافظاتالجنوبية ومازالت اختلاف الأهداف قائم , لابل أن النصر أبرزها بشكل واضح وهو أمر طبيعي , إذ أن السؤال يصبح أكثر إلحاحا بعد النصر , وماذا بعد ؟؟؟! المقاومة الجنوبية التي كانت الأكثر حضوراً في مختلف الجبهات وسطرت أروع صفحات البطولة هي الآن الأضعف في تحديد مسار الأحداث وتوجيهها وأكثرها عجزا عن الإجابة على هذا السؤال ( ماذا بعد ؟؟؟ ) وسبب هذا العجز واضح وجلي إذ ان المقاومة تكونت بمبادرات فردية أخذتها الحمية على الأرض والعرض والدين ولم تكن لها قيادة حقيقية حددت أهدافها بوضوح , أو بالأحرى كانت مقاومات كثيرة لا يربط بينها رابط ولا يكفي الهدف وحده أن يكون موحدا حتى تستطيع المقاومات بلوغه وهي جزء متناثر لا تنسيق أو رابط بينها .
نعود إلى السؤال ماذا بعد , ولنأخذ عدن مثالا : تحررت عدن وترك المقاومون مواقعهم وعادوا إلى حياتهم السابقة واعتقدوا أن دورهم انتهى أو هكذا أرادت لهم بعض القوى أن يكون دورهم انتهى , هذه اللحظة الفارقة في تاريخ عدنوالجنوب كانت فيها عدن مستعدة لأي تغيير وكانت سمعة المقاومة والتفاف الناس حولها تأهلها للقيام بدورها في ضبط الأمن وإعادة الحياة إلى عدن إلا أن هذه اللحظة مرت وانتهت وعادت عدن إلى إدارة من كان سبب كل ما حدث لها . الأكثر قتامة وسوداوية في الموضوع ان بدأت تطل من عدن جهات غريبة ترفع الرايات السوداء وتشحذ سكاكينها والمقاومون يشاهدون العرض وكأن الأمر لا يعنيهم . مرة أخرى أيها المقاومون عليكم أن تدركوا ان العالم مستعد للقبول بعصابات الحوثي وعفاش إذا كان البديل الآخر هو داعش وأخواتها وعلى الجميع في الجنوب أن يدركوا أن عصابات عفاش والحوثي مجرمون لأنهم أدخلوا اليمن في حرب كان يمكن تفاديها وسنكون نحن مجرمون إذا تقاعسنا عن خوض حربا لا يمكن تفاديها .