صحيح لكل زمان ومكان رجال ...ولكل زمن أدواره والياته وطرق تنفيذه...فهكذا هي الحياه وهكذا نتعلم منها ومن احداثها وتقلباتها. سبحان الله العلي العظيم بقوته وضعفه يهدي ويمتحن ويرفع ويذل ويوفق من يشاء .
بالأمس القريب تعرفنا على افراد وجماعات عصفتهم الظروف عن تحمل واقع الاحتلال اليمني لمدنهم ومجتمعهم فخرجوا عن طاعة الحاكم واخذوا طريق بعيد عن الصمت وبعيد عن اغراءات السلطات المحلية التابعة لذلك النظام البوليسي الإستخباري ...لذلك فقد عرفناهم فقراء الحال واجساد نحيله ووجوه مقلوبه مرسوم على جباههم خيوطآ وتعرجات تؤكد ظنا العيش الذي هم فيه. عرفهم المجتمع كل المجتمع بأنهم اولئك ذات الجباه السمراء المتلونة بلون الشمس الحارقة طوال احدى عشر عامآ من البقاء تحت نار أشعتها الملتهبة على طول الوطن وعرضه وفي مختلف ميادين الاحتفال وشوارع المظاهرات والمليونيات رغم جبروت التنكيل العسكري لقوات السلطة العفاشيه ضدهم. عرفناهم بموجب تعريف المحتل لهم ب (البلاطجة) حينما قالوا عنهم انهم قطاع طرق وحراميه ولصوص ،حتى رسخت غرف العمالة في اذهاننا كشعب ومجتمع بأن اولئك الذين نراهم وهم لايحملون في جيوبهم الا علبة ( الشمه) وبضعة من حبوب السجارة ان وجدت معهم هبةً من صديق او معروف عابر!!.
تعرفنا على اولئك البلاطجة ونحن نراهم يتسابقون على حضور المظاهرات والمليونيات الجنوبية دون ان يكون لهم مايغطي رمقهم اليومي .!!!. اذآ هم الذين نشاهدهم يعبرون على ارصفة الطرق رافعين ايديهم لسائقي الحافلات المتنوعة بالتوجه الى عدن والمرور معهم (كتعبيره) بعد ان منعتهم الظروف من التوجه الى ساحات الفرزات الرسمية.
نعم انهم بلاطجة وهم يمشون على ارجلهم عشرات الكيلومترات وعلى ظهور الموترات لمئات الكيلو من المسافات من محافظة لأخرى ورياح الشتاء القارس تخلط اوجاع الفقر والعوز مع إرادة البحث عن الحرية والأستقلال بينما يذهب الفارهون والمتزلفون والفاسدون على سياراتهم الفارهة والفارغة وزجاجاتها المغلقة بأغلفة (العاكس) خوفآ من تعبيره (بلطجي) مسكين أو معاق أو محتاج يريد الذهاب أو الإياب من و الى المليونية المعينة.
اتأمل وأشعر بقناعتي المطلقة في( تقبيل) تلك الوجوه وتلك النعال لأولئك الأحرار بعد أن رأيت صاحبي الذي اركب معه على متن سيارته يرفض ان يقف لهم وهم يتوزعون على ارصفة الطرق ينادونه بالتوقف لهم لغرض الركوب معنا بعد ان فشلت بأقناعه بقبولهم.
لكن في كل الأحوال تلك هي الحياه بمعاناتها ...وتلك هي فاتورة الشرفاء والمناضلين وكبار الأوطان التي تدفع كضريبةً لوطن حر ومستقر.!
نعم اليوم قبل الأمس ايقنت تمامآ أن التاريخ الحقيقي لا يكتبه الا الأبطال والصادقين مع وطنهم وشعبهم، وأن من يسمون انفسهم بدعاة الفكر الإستراتيجي واصحاب الأبعاد السياسية البعيدة لا مكانة لهم. اليوم يحق لأولئك (البلاطجه) بالأمس (الابطال) اليوم ان يفرحوا ويرقصوا بالنصر ،فهم في نظري أشرف وأعز وأخلص واوفى ممن يحملون الألقاب العلمية والفكرية والأكاديمية وأهل المناصب والإدارات طالما وهم جالسون على مقاعد المقاهي والبقالات وعلى غرف نومهم الباهظة المأخوذة على حساب الوطن وشرفائه ومناضليه .
لا اللاه الا الله اليوم نقف احترامآ واجلالآ لكل المناضلين الشرفاء ونرى كبرياء الوطن يكبر بكبر تضحياتهم الباسلة.
التحية تلو التحية والقبلة تلو الأخرى والسلام يتبع السلام لهم أينما كانوا وأينما حلوا ....فأنتم ستضلون السم القاتل في وجوه الفاسدين. ومن نصرآ الى نصر بإذن لله تعالى.