ربما لان مجريات الأحداث قادته الى هذا الطريق ، وربما لحسابات سياسية دقيقة ... لا اعلم ... ولكن الاكيد ان الرئيس هادي وضع قدمه في الطريق الصحيح ، وهذا الطريق هو المسلك الآمن الذي يقية وعورة الطرق الاخرى التي طالما اتعبه السير فيها دون ان يصل الى حيث يريد . عبدربه منصور سار مع الجميع وعرف الجميع وتعامل مع الجميع ... ومثله من المفترض ان يخرج بكم وافر من التجارب والعظات والعبر والحكم ... التي على اساسها يضع لبنة تعامله مع السياسة ليسبر أغوارها ويكتشف ادق خفايها ، ولكنه لم يفعل ولم تظهر عليه ملامح الاعتبار ولا بوادر الحكمة ، فاخذ في سفينتة ، الموقوذة والمتردية والنطيحة ، حتى كادت الامواج ان تغرقها ، او بالاصح أغرقتها ولكن ثمة محاولات جادة لانقاذها ، ليس من قبله ولكن من قبل اخرين يهمهم انقاذها للحفاظ على سفنهم . وفي خضم حالة التخبط والتوهان التي تعيشها بلاد تتجاذبها الصراعات وتحاول فيها المليشيات ان تشرعن خروجها عن القانون ، تتاسقط اوراق هادي ، وتسيخ اقدام خيوله في صحراء مارب والجوف ووديان تعز ... ويشعر باطراد الأحداث ودنوا الوقت الذي قد ترفع فيه عاصفة الحزم ملوحة بالوداع الذي قد يكون بمنزلة تلويحة النهاية الغير سعيدة لهادي وكل تفاصيل شرعيته . (ان تعود متاخر خير من الا تعود ) هذه الحكمة عادة يرددها من يهمهم عودة شيء يعنيهم ، ونحن يعنينا عودة هادي ، بل هو من يعنية ان يعود لعدة اعتبارات ، أهمها انه لم يقهر اعداءها ويدمي قلوبهم الا في الجنوب ، والاهم من هذا ان دول التحالف انتصرت بمعركة الجنوب بعُشر مقدار تكاليف معارك مارب والجوف والوهم الذي يسمونه أطراف صنعاء ... اما اهم الاعتبارات فهو الأمان الذي يشعر به هادي والمقاومة الجنوبية تحيط بقصره من كل الاتجاهات ، ومن لايصدق عليه ان يطلب من هادي ان يشد رحاله الى مارب ليقيم فيها ويشرف على سير العمليات . باعتقادي ان هادي سيعجبه المضي في هذا الطريق ، عندما يكتشف (ان لم يكن قد اكتشف ) ان ليس كل الطرق تؤدي الى ساحل النجاة ، وان الطريق الذي يكون محددا اتجاهه رغم صعوبته ، افضل من كل الطرق التي تودي بك الى المنتصف لتتفاجئك بتشعباتها وسبلها المتناقضة . كل يوم يمر يضرب للجنوب فيه موعد مع تحقيق حلم ينتظره السواد الأعظم من الجنوبيين ، ويدخل الشمال في حسابات معقدة يتوه معها علماء الحساب وتتتطاير فيه أوراقهم ، ويخسر الشمال ماتبقى من نسيج وترابط هو في الأساس هش ومتهالك ! يقول المثل الشعبي العامي ( من بلع ابرة طرشها سحب ) وصنعاء بلعت كثير وستطرش اكثر مما بلعت ، وهذه سنة العدالة .