عانى الجنوبيون الكثير من ظلم وجبروت الغزاة العفاشيين خلال ربع قرن من الزمان خلت ومورست بحقهم ابشع الاساليب الاستعمارية الاجرامية التي حرصت على تعميم الجهل والهمجية وتكريس ثقافة الفساد الممنهج بمفاصل الحياة الخاصة والعامة للمجتمع ناهيك عن استغلال بؤس الناس وظروفهم القاسية وابتزازهم بالترغيب تارة والترهيب تارات عديدة مما ساهم بوجود طابور طويل من المعدمين العاطلين عن العمل وجاهزين لخدمة ذيول النظام بأبخس الاثمان فوفروا لهم عوامل البقاء والارتزاق وحتى اليوم مقابل تنفيذهم لدسائس الغزاة ومؤامراتهم الدنيئة بحق الجنوب وثورته الابية حيث شارك البعض من مرتزقة الطابور الخامس بنشر الفتن وزرع بذور الخلاف والانقسامات في منظومة الحراك السلمي الجنوبي حينها ومثلما يعملون اليوم وبلا هوادة لبث الاشاعات المغرضة بحق المقاومة الجنوبية وقياداتها الفتية التي يتبوأ البعض منها مناصب رسمية هامة ويعملون بحرفية عالية لنشر ثقافة المناطقية والشللية بين عوام الناس كما يتفننون بتشوية ذمم واخلاقيات قيادات وطنية جنوبية وازنة مشككين بكفاءاتها في ادارة مهامها الرسمية الجديدة كما لا يترددون في التقليل من قيمة وعظمة الانتصار الذي تحقق للجنوبيين بعودة السيادة وتحرير الأرض . إن الجنوب اليوم يواجه تحديات كثيرة لا يقل شأنها عن تحديات عملية التحرير المظفرة والمنجزة فاستحقاقات الحاضر اليوم كبيرة وهي بحجم استعادة الدولة المخطوفة وبنائها واستعادة الامن السليب والاستقرار المنشود وسيادة النظام والقانون وتوفير الخدمات العامة الحيوية للناس ودوران عجلة التنمية والبناء لكلما تخرب وكلما تهدم في عاصمتنا الجريحة عدن وجنوبنا المنكوب عامة وكل تلك الاستحقاقات اضحت تمثل تحديات كبيرة وعظيمة تتطلب تظافراً للجهود الرسمية والشعبية واضطلاع احرار الجنوب وشرفائه بأدوار نضالية جسوره في جميع ميادين البناء الوطني الشامل مثلما يتطلب الأمر الحفاظ على وحدة النسيج الاجتماعي الجنوبي وصيانة الجبهة الداخلية الجنوبية من أي اختراق وتحصين القوى الشعبية الجنوبية ضد اشاعات قوى الثورة المضادة (وطابورها الخامس) الذي بدأ جليا بإذكاء عوامل الفرقة والانقسام بين الإخوة المناضلين وفي كل مكان . وبعيداً عن نظرية المؤامرة لا يستطع احد نكران وجود الطابور الخامس بيننا انهم معنا في الاسواق والحافلات وفي المجالس ومقابل القات معنا في كل الساحات وفي كل مكان معنا وهم اناس عاديون يأكلون من اكلنا ويشربون من مائنا ويتنفسون هوائنا وليسوا بغرباء عنا وهم يعملون بسوء النوايا مع سبق الاصرار ويجيدون صناعة الوهم واشعال الحرائق بقلوب وعقول بسطاء الناس الابرياء المتذمرين من اوضاع بائسة (اوضاع ما بعد الحرب) وهي طبيعية ومتوقعة عند من يفقه من الناس .. بيد أن التعاطي مع الاخطاء بمسيرة إعادة البناء ينبغي أن يكون دقيقاً ومسئولاً تحدد فيه المسئوليات وتوضع النقاط على الحروف وحتى لا تتحول تلك الاخطاء إلى باب تنفذ منه اشاعات الحاقدين على الجنوب وثورته أو إلى معاول هدم بيد زبانية هذا الطابور الخبيث !! وعلى ذلك فان استحقاقات عملية استكمال التحرير كثيرة ومازالت مستمرة لان حرب الغزاة ضد الجنوب وأهله لم تنتهي بخروجهم مدحورين من ارض الجنوب فحروبهم لنا مازالت قائمة بكل الطرق والاساليب ولعل ما يحدث لعدن الجريحة اليوم من اختلالات امنية متكررة ليس ببعيد وحربهم هذه من اضطر الحروب التي تعمد لتخريب الثورات والاوطان من داخلها . فلنحذر جميعا من شياطين هذا الطابور اللعين واساليبهم الاجرامية المخادعة ولتحشد كل الطاقات لمواجهة هذا الخطر المستمر والداهم والعمل على تبصير الابرياء من الناس بخطورة التماهي مع اشاعاتهم الخبيثة فتردي الاوضاع القائمة هو نتاج طبيعي لمخلفات ربع قرن من غياب الدولة وسيادة العبثية والهمجية والضياع .. ربع قرن من طغيان وظلم وظلام تجرع مراراته الجنوبيون كثيراً ... فلنتق الله بمعاناة هذا الشعب المطحون وبأنهار الدماء التي سالت وحجم التضحيات التي قدمت في سبيل الوصول لهذا اليوم !!! والعاقبة دائماً للمتقين .