أرجو ألا تغضبوا من رؤيتي هذه فأنا أشارككم حبا وشغفا بهذا الوطن ولكن من أولويات هذا الحب أن نكشف ونتوقع ما ستأول اليه الاوضاع السياسية في مصر لإنقاذ ما يمكن انقاذه من مستقبل , وبخاصة ان واقع ما نعيشه اليوم يقول اننا قادمون علي ما هو أسوا منه خلال الشهور القليلة القادمة , وتعليلي انه بعد قيام شباب مصر بثورتين كانت المحصله صفر وان سياسات السيسي ونظامه ستدفع البلاد نحو انفجار غير محسوب العواقب , وان حالة الاحباط والقهر والكبت الموجودة لدي المصريين سيكون لها مردود سيئ بردود فعل غير متوقعه لان الكل يحيا بغير امل , بل ان كثير من الناس تترحم علي ايام مبارك ليس لأنه الافضل ولكن المقارنة تمت بين مبارك السيئ ومرسي الأسوء والسيسي الاسوء منهما مجتمعين . ومن يتابع الحياه اليومية بتفاصيلها في مصر سيدرك قسوة الايام القادمه وان الشارع سيسبق النظام والحركات والجماعات والتيارات السياسية في حركته فضيق الناس بتردي الاوضاع الاقتصادية وتخفيض اجور الموظفين في الدولة تحت عار ( قانون الخدمة المدنية ) والتوقف عن صرف مستحقات العمال من ارباح وبدلات وعدم تنفيذ الاحكام القضائية التي قضت لصالحهم والتوسع في تحصيل الضرائب ومضاعفه الرسوم علي كل شيء حتي وصل الامر الي محاكم مجلس الدولة في الصعيد وتحصيل جباية علي قضايا مقامة منذ سنوات سابقه تحت عنوان عدم قبول الدعوي لجماعيتها بغير سند او اصل قانوني وبمخالفة للدستور والمنطق . غير ما اثير عن خلافات كبار رجال الاعمال الذين يبحثون عن مزيد من السيطرة والحماية علي حساب المواطن قليل الحيلة مع انحياز كامل من السيسي وأعوانه للأغنياء علي حساب الشعب كلها امور ادت الي توقف أي نشاط تجاري او زراعي او صناعي ووضعت مصر في حاله ركود غير مسبوقة . اضف الي ذلك التوسع في الاستدانة من الخارج وبخاصة صندوق النقد الدولي وشروطه المجحفة حول الغاء الدعم وتحرير اسعار الوقود وتخفيض الاجور مع عدم العلم بالمنح والعطايا التي جاءت منذ 30/6 حتي الان ... اين ذهبت ؟ وفيما انفقت ؟ واكتشاف الناس ان المجلس العسكري وممثله في الرئاسة يبيعون الوهم لهم بكذب كل ما تبناه السيسي من مشروعات بداية من فيرس سي وانتهاء بقناة السويس الجديدة والمليون ونصف فدان والعاصمة الجديدة ومشاريع المليون وحده سكنية . انه الوهم الذي قضي علي أمال المصريين في الحصول علي الكرامة أو العدالة الاجتماعية لتمضي الايام المرة بهم بزياده في معدلات الفساد تفوق مثيلاتها ايام حكم مبارك ويخرج تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات مؤلما للرأي العام مؤكدا عدم تغير أي شيء في هذا الوطن ويخبرنا ان حجم الفساد خلال عام 2015 فقط يتجاوز الستمائة مليار جنيه . مع فقدان الناس للعدالة وسقوط الثقة في القضاء بتدخل السلطة التنفيذية في أصدار الاحكام او وقف أصدارها نجد الشرفاء في القضاء عندما يتخذون قرار في أي قضية هامة يتخذون ذلك القرار علي مسئوليتهم الشخصية متحملين عناء الاهمال أو النقل ومن يلتزم بالتعليمات يصبح في سده المشهد . وتستمر الايام السوداء في ملاحقة المصريين وتأتي الشرطة متكبرة ومتجبرة أكثر بطشا وفسادا وتسمع كل يوم عن اخبار قتل وتعذيب داخل الاقسام والسجون وانتشار واسع للجريمة والنظام يدافع عن هذا وهو ما ادي الي فشل امني في ربوع الوطن لانشغالهم من جديد بالأمن السياسي علي حساب الامن الاجتماعي ويأتي في المشهد شيئا لم يكن في حساب المصريين وهو سلوكيات بعض ضباط وقيادات الجيش في التعامل مع المواطنين وتحديدا ( النيابات العسكرية – المحاكم العسكرية – الشرطة والتحريات العسكرية ) وهو شيء مؤلم لم ينتظره او شاهده المصريون من قبل . ومن هنا يزداد غضب وسخط الناس وان قبولهم بالذل والاستبداد والفساد والفشل مقابل الامن لم يعد ذي جدوي وان ابسط حقوق المصري في الحياه والكرامة والأمل في المستقبل اكذوبة يعيشها كل يوم , وان رضاهم بالقهر خوفا من عودة الاخوان لم يعد له قيمه فهو ضائع ضائع بين كلاهما . ويدفع شباب الامه ثمن الثورتين بتكميم الافواه وقيد المشاركة في الحياه السياسة واختفاء قسري وحبس وأذلال مقابل اخلاء سبيل أتباع مبارك وتوسع في انشاء سجون يقيدون فيها بدلا من اقامه مصانع ومزارع يعيشون بها . ويستكمل بتضليل أعلامي حول مصر الي مسخة أمال العالم وتحكم مباشر من الامن في الصحافة والتليفزيون وترك الدولة لفضائيات وفنانين يقدمون فنا اقل ما يقال عنه أنه تدمير لما تبقي من أجيال هذه الامه . وتزداد الايام مرارة بعد الانحراف عن تنفيذ خارطة الطريق في 30 يونيو بمجلس شعب أتي بعوار قانوني ودستوري معيب سواء في تقسيم الدوائر الانتخابية او مباشرة الحقوق السياسية ليكون النتاج مجلسا اقبح من كل مجالس مبارك واقبح من مجلس الاخوان , لن يسأل او يحاسب أي مسئول بل سيواطئ مع السلطة التنفيذية ، وتمتد الامور في مصر بتولية الأسوء و الافشل والمشوه بداية من المديرين العموم ووكلاء الوزارات ونهاية بالمحافظين والوزراء انفسهم والنتيجة انهيار كامل لكل الخدمات ( الصحية و الصرف الصحي ومياه الشرب و الطرق والمواصلات و التعليم و الزراعة و الري و الكهرباء ) ولم يكتفوا بالفشل بل ضاعفوا بشكل جنوني رسوم تحصيل فواتير هذه الهيئات ليزداد المرار سوادا وبغضا . وتأتي السياسة الخارجية عاكسة للتردي في الوضع الداخلي للدولة المصرية وننتقل من فشل الي فشل في سد النهضة وانبطاح للسياسة الامريكية والصهيونية بالتصويت لصالح أسرائيل في مجلس الامن ثم تحطم الطائرة الروسية ومهزله الاتفاق مع شركة بريطانية لمراجعة الاحتياطات والتدبير الامنية للمطارات وهو استكمال لسيناريو مبارك في خصخصة الداخل لحساب الغرب ثم حرب اليمن وربما التورط في سوريا تحت مسمي التحالف العربي الاسلامي بدعوة سعودية وهي مزيد من الانهاك للجيش المصري وابتزاز جديد للاقتصاد العربي . ثم ما يتردد عن حتمية المصالحة مع الاخوان برعاية غربية وما اشيع عن اجتماعات في هذا السياق, وما أعلن علي لسان د/ يوسف زيدان حول المسجد الاقصي وتسريبات له بهذا الشأن ان الامر يتم برعاية السيسي بهدف خلق اجيال جديدة تؤمن بالتعايش السلمي مع اسرائيل وتقبل به ككيان طبيعي في المنطقة . كل هذه الامور تؤكد اننا نعيش في مرار طافح بتعبير ابناء الصعيد في مصر ، والسؤال الان هل سينتهي المشهد عند هذا الحد ؟!! اعتقد لا والف لا , فلم يعد بقدر احد ان يتحمل هذا وسيخرج المصريين في موجة ثورة ثالثه ستكون فيضانا جارفا غير منظم وستخرج فئات لم تخرج من قبل في الثورتين السابقتين المها الجوع والمرض كفرت بالعسكر والاخوان والنخبة والفلول والثوار وستقود هي ثورة بمعرفتها ولكن بشكل انتقامي , وبمنهج تصفية الحسابات مع الشرطة والقضاء والاعلام وقيادات بعينها في الجيش ، هذا حديث الناس وتوقعهم في الشارع , وهنا مكمن الخوف لان النظام سيقمع بحكم التكوين النفس للسيسي ومحيطية وسيرد الناس بكل قوه ولا استبعد تأجيج الاوضاع من قبل الاخوان ولا استبعد زيادة اختراق الغرب للداخل ولا استبعد ان يسعي النظام لأحداث فتن قبلية في الصعيد وفتن طائفية بين المسلمين والمسيحين لترويع الناس واجبارهم علي الرجوع واخشي واخشي من الاقتتال الاهلي . وستشتعل الامور في شكل مأساوي ولن يصبح أمام المجلس العسكري الا حلا وحيدا .... فأذا ترك الثورة الثالثة تنجح بتنحيه السيسي والقبض عليه سيدفع كل المجلس العسكري الثمن لان الأخوان سيعودون للحكم بحكم الجاهزية والتنظيم والاعلام الذي يملكونه وهنا سيكون الأنتقام ما بعده انتقام وعليه لن يضحي المجلس بنفسة ولكنه سيضحي بالسيسي ويحاكم بعض شباب الإخوان علي اغتياله . وعلي الفور سيقوم المجلس بالإتيان برئيس المحكمة الدستورية رئيسا بعد حل مجلس الشعب والتجهيز لانتخابات رئاسية خلال عام وسيصدر حزمه من القرارات بالغاء قدر كبير من القوانين التي أصدرها السيسي وكذلك ضخ أموال للموظفين والعمال وصرف متأخراتهم واحكامهم , والغاء بعض القرارات الخاصة برفع الدعم لتخفيف الاسعار, والغاء بعض القوانين الخاصة بقيد الحريات لتهدئة الشباب ، مع الوصول لبعض الترضيات مع قيادات الاخوان , هادفا من كل هذا استرضاء الشعب حتي ولو كان استرضاءا جزئيا أملا في تجهيز بديل عسكري او عسكري سابق ، ولا استبعد التحالف مع جمال مبارك في مرحلة ما . وعلية يأتي سؤالا قد طرحته من قبل :- هل سنظل ندور مرة اخري بين العسكر والاخوان ؟ والي متي ستبقي هذه الدائرة المفرغة ؟ التي لا يدفع ثمنها سوي هذا الوطن وشعبة , الاجابة عند الشباب المصري وحدهم فعليهم ايجاد طريق جديد من بينهم بعيد عن العسكر والاخوان ... كيف ... ومتي ... ومن ... ؟هم فقط مكلفون بالإجابة لان الثورة ثورتهم . المشهد صار بالغ التعقيد ولكني أراهن علي وعي الشعب وعلي شباب مصر لإخراجها من هذا الخندق ، وربما الدماء التي أريقت والتي ستراق والخوف من زوال الدولة المصرية تغير في الافكار والتصورات والاتجاهات الايديولوجية ما لم تقدر السياسة علي تغييره. اسأل الله السلامة لمصر واهلها ( فليس لها من دون الله كاشف ) بقلم وائل رفعت سليم المحامي