الشعر نص جمالي وابداع , تعبير عن تجربة شخصية للشاعر وغير بعيدة عن واقعة وحركة مجتمعة ,, والشعر الغنائي يأخذانا ويحلق بنا في فضاء بعيد واسع , واللحن والموسيقى يحلقان بنا الى فضاءات ابعد واوسع .. منذ فترة قريبة اهداني الاستاذ الشاعر علي حيمد ديوانة الشعري الاول ( احلى ابتسامة ) الذي صدر منذ اكثر من عشر سنوات , وحين بدأت بقرأتة وجدت نفسي اهيم في رحلة ممتعة ينقلني بانسيابية من قصيدة الى آخرى ومن بيت شعري الى آخر , تنهمر منه الجمل الشعرية والصور الابداعية التي تتوزع على مجمل قصائدة , ويقدم فيها تعبير وجداني وإحساس مرهف , ومناجاة للحبيب / الحبيبة والاشتياق في آطار اخلاقي عفيف بعيد كل البعد عن الابتذال والمجون والتشبيب , وهذا نابع عن نزعة اخلاقية متجذرة في الشاعر علي حيمد , وهذه الاخلاق الرفيعة لايختلف عليها كل من عرفوه .. وتتجسد المواقف الاخلاقية تجاه الحبيب/الحبيبة في كثير من قصائدة , على سبيل المثال وليس الحصر , في قصيدة ايش جابك .. حيث يقول : اجيت مره تصارحني ... بحبك لي واعجابك اجيت من بعد ماقد فات ... زمان الحب ايش جابك وفي هذا يقدم موقف اخلاقي في عدم التلاعب بمشاعر الآخر واستغلال تلك المشاعر ,, ويتضح ذلك في مقطع آخر من نفس القصيدة حيث يقول : لأن الحب مش لعبه ... ولايمكن يكون كذبه وفي قصيدة ( كبرت في عيني ) : كبرت في عيني ... وفي عيون الناس وفيها تقدير واحترام الحبيب/الحبيبة , وتقدير واحترام للآخر , وهذا نابع من تقدير الشاعر لذاته واحترامه لنفسه .. وفي قصيدة ( شعور صادق ) يعطي الحبيب/الحبيبة مكانته عنده الى درجة عاليه من الأهمية والضرورة : باتصدق لو اقول لك ... ياحبيبي عن شعوري باتصدقني وجودك ... في حياتي شئ ضروري وتتعدد الصور الجماليه التي يتحفنا بها الشاعر علي حيمد في قصائده , ويعرض لحظات الشوق والاشتياق للمحبوب , ففي قصيدة ( ردوا عليه السلام ) يشكي البعاد والجفا .. من كثر شوقي لقربه ... ماذاق طرفي النوم ليه الجفا ليه ذا الصد ... وليه هذا الخصام اذا لقيتوا حبيبي ردوا عليه السلام وفي مقطع آخر من نفس القصيدة يقول : باصبر على طول بعده ... ماباخاف الملام بارسل له شوق قلبي ... مع طيور الحمام اذا لقيتوا حبيبي ردوا عليه السلام وفي هذا صبر المحب الوفي ,, وتكررت الجملة الشعرية ( اذا لقيتوا حبيبي ردوا عليه السلام ) بعد كل مقطع من القصيدة , كما تكررت بعض الجمل الشعرية في بعض قصائده ,, وهذا التكرار لايعيب على الشاعر الغنائي بل هو توكيد لفظي من الناحية اللغوية , وعن الحالة الحسيه التي يريد الشاعر تأكيدها بهذا التكرار , كما انها ضبط ووزن موسيقي للنص , وموسيقى داخلية وإيقاع داخلي , وتمهيد للجملة اللحنية .. وتتجلى تلقائية وبساطة الشاعر في قصيدة ( لمحتك ) : لمحتك مره بالصدفة ... وفي بالي انطبع رسمك ومنها همت في التفكير ... في لقياك واحلم بك تمنيتك تكلمنا ... تمنيت لو عرفت اسمك ويتضح هنا الشعور المرهف والإحساس الشفاف للشاعر , ويؤكد مقولة ( الحب من اول نظرة ) .. كثيرة الحالات التي يقدمها لنا الشاعر علي حيمد ضمن ديوانه في قالب ابداعي متميز , ارتباطه بأسرته وأصدقائه وعمله والأماكن , ولحظات الاشتياق والوفاء والصبر وغيرها ... هذا التعدد والتنوع في عرض الحالات الوجدانية يترافق بتعدد اللهجات التي كتب بها , لهجة ابين التي ينتمي لها ومسقط رأسه منطقة الدرجاج على ضفاف وادي حسان في قلب دلتا ابين , ولهجة عدن التي يسكن فيها من سنوات طويلة وهام بها غراماً , واللهجة الواضحة والتي هي حل وسط بين اللهجات المحلية , , وكتابة الشعر بالعامية ليس بالأمر اليسير (الحديث عن الكتابة بالعامية طويل وعميق ) ,, ومع هذا التعدد والتنوع ثراء في التجربة وغزارة في الابداع يقدمها بتلقائية وبساطة دون تكلف ولأتصنع وباحترافية عالية .. يحتوي الديوان على كثير من القصائد ولكنني اخترت بعض منها حتى لااطيل على القارئ , كما ان الكتابة عن جل الديوان تحتاج الى قرأة متأنية ودراسة عميقة قد تنتج عشرات الصفحات ,, الشاعر علي حيمد احد المبدعين التي اغفلتهم وأهملتهم المؤسسات الثقافية الرسمية وغير الرسمية , ولم يجدوا الاهتمام من اجهزة الاعلام , ليعيش مع ابداعة في الظل , بينما يفسح المجال وتسلط الاضواء على الدخلاء وفاقدي الموهبة لتزدحم الساحة بالضوضاء والضجيج . رائد صالح النينوة