إن الإحتفاء بثورة 14 أكتوبر الغالية على قلوبنا جميعاً، يجب ان يكون بشيء من التقييم والتحليل لمسيرة 49 عاماً من انطلاقتها.. واقول ان تقييم الثورة الأكتوبرية والتي انطلقت من ردفان تحمل في طياته شقين من وجهة نظري المتواضعة الشق الاول وهو ذات علاقة بالمناضلين الذين ضحوا بحياتهم ليرى الوطن نور الحرية وينعم بالعيش الكريم وهذا الجانب لا نكن له سوى الاعتراف بالجميل والاجلال والدعاء لهم بالرحمة لانهم قدموا انفسهم واموالهم رخيصة من اجل الحرية والاستقلال وكانت نواياهم حسنة ولكن الاوطان ورقيّها لاتبنى بالنوايا الحسنة فقط وان كانت مطلوبة ، فلم يكن -رحم الله من مات منهم وامد الله في عمر من يعيش منهم- لديهم مشروع متكامل (سياسي-اقتصادي-اجتماعي-ثقافي...الخ) بديل للنظام الاستعمار. ونجحت الثورة في اجلاء المستعمر ولكن هل نجحت في تحقيق اهدافها، وهنا نأتي للشق الثاني وهي مرحلة ما بعد الاستقلال والتي سيطر فيها فصيل واحد فقط من فصائل الثورة على مقاليد الحكم في الجنوب وغرد بعيدا خارج السرب وتلحف بلحاف الاقصاء للأخرين وانسلخ من القيم والثوابت التي يفرضاهما عليه التاريخ والجغرافيا، وكان نتاج ذلك مزيداً من إزهاق الارواح ومزيدا من الصراعات الدموية التي اكلت الاخضر (ما تبقى من تركة بريطانيا) واليابس، حيث لم يسمع هذا الفصيل الا بعينه ولم يسمع الا باذنه ووجد نفسه اخيرا وحيدا بمعزل عن الكل ومثقلا بالجراح ومجردا من الادوات التي تضمن له الاستمرار. وحتى عندما قرر العوده والهبوط من عليائه عاد من الباب الخاطئ ليرمي بنفسه وبشعبه في احضان القبلية المتعفنة المسيطرة على الثورة السبتمبرية في الجمهوملكية اليمنية التي جرعت ابناء الشمال الذل والهوان فكيف لها ان ترحم من التحق اليها مؤخراً من ابناء الجنوب واستبيحت الارض ودمر الانسان واستمر مسلسل الاقصاء وبعد ان كان الجنوب يساريا بيد فصيل مستحوذ هاهو اليوم اصبح متطرفا ارهابيا بيد الفصيل المحتل .. ومن هنا اقول ان الثورتين الاكتوبرية والسبتمبرية لم تحقق ما كانتا تصبوا اليه الا النزر اليسير فمازلنا نعيش بدون حرية ولاعدالة ولاتنمية ولا مساواة لانها لم تطبخا –اي الثورتين- على نار هادئة ولم تكن حبلى بنظام متكامل يقام على اثر سقوط الانظمة السابقة .