قال أبو الحسن الهمداني صاحب الإكليل، كهلان أهل الوبر (مَن يعيشون حياة البداوة، وخيامهُم مَن وبر وصوف الحيوانات)، وحِميَّر أهل المدر (مَن يستقرون ويتخذون المنازل والحصون والممالك). لقبائل كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرُب بن قحطان (جامع شمل العرب العاربة اليمانية) أربعة 4 شعراء فحول كُلاً لعصره، مِن قبل الإسلام إلى وفاة البردوني، وصنفناهُم هَكذا بالعودة لعلم الأنساب وبإجماع وشبه إجماع النُقاد على تفوُّقهُم الشعري، واثنان منهم توفّيا قبل صدر الإسلام (الشنفرى وأُمرؤ القيس)، اثنان بعده (المتنبي و البردوني)، واحد من كندة (أمرؤ القيس)، و واحد مِن الأُزد (الشنفرى)، واثنان مِن مذحج (المتنبي و البردوني).
نُسرِد الأربعة الشُعراء زمنياً:
أ- الشَّنْفَرَى ثابت بن أواس (من أبناء حجر بن الهنوء بن الأُزد بن كهلان) (توفَّي نحو 70 ق ه = 525م)، قال الشنفرى في بيتاً له يفتخر بنفسه : (انا ابن خيار الأواس بيتاً ومنصباً)، وقبائل أولاد الحجر معظمها نزحت بعد تهدُّم سد مأرب لجبال السراة، وتمتد جبال السراة من اليمن إلى الحجاز إلى خليج العقبة وأعلى قمة قمة جبل النبي شعيب الواقع في صنعاء، وتنقسم سراة الحجاز إلى خمس سروات، سراة ثقيف و غامد و زهران و سراة الحَجْر تتصل بها من الناحية الجنوبية الشرقية سراة عسير الموجودة حول أبها وشرقها في سراة عبيدة.
والشنفرى من شعراء الصعاليك ومِن فتَّاك العرب وعدّائيهم سبَّاقي الخيل، وسبب مقتله أن اثنان من قبيلة البقوم (بطن من الأُزد) كمنا له عند شربه الماء واستيسروه وسلموه لقبيلة بني سلامان التي قتلته بعد أن قتل منهم 99 رجُل، وهو صاحب القصيدة المُسماة لامية العرب تعظيماً لبلاغتها الشعرية، بعض الرواة قالوا أن الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : علموا أولادكم لامية العرب، فأنها تعلمهم مكارم الأخلاق، ومطلعها :
أقيموا بني أمي صدورَ مَطِيكم فإني إلى قومٍ سِواكم لأميلُ
فقد حمت الحاجاتُ، والليلُ مقمرٌ وشُدت، لِطياتٍ، مطايا وأرحُلُ
وفي الأرض مَنْأيً للكريم عن الأذى وفيها، لمن خاف القِلى، مُتعزَّلُ
ب- أمرؤ القيس حندج بن الحارث الكندي (مِن كنده بن كهلان) (520 م - 565 م) ملك قبيلتي كندة وبني أسد، وكانت ولا زالت كندة في شمال حضرموت ونجد والكوفة وبعض العراق، وأشار أمرؤ القيس في شعره لموطنه دمون بشمال حضرموت ( تطاول الليل علينا دمون .. دمون إنا معشر يمانون و إننا لأهلنا محبون)، ودمون وادي في الجهة الشمالية من مدينة تريم، ودمون ساقية من أودوية دوعن بحضرموت، وفي غربيها مَسيل وادي الغَبَر، ويقال إن دمون قرية دمون الهجرين، وما تزال أسامي دمون إلى اليوم.
أمرؤ القيس من أوائل مُدخلي الشعر لمخادع النساء، وأول من استوقف وبكى في الديار، وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلَّم أنه قال في حق أمرؤ القيس: (هُوَ أشْعَرُهم ، وَقَائدُهُم إلى النَّار)، رواه المتقي الهندي في كنز العمال بلفظ قريب، وقال عنه الخليفة علي رضي الله عنه : (رأيته أحسن الشعراء نادرة، وأسبقهم بادرة، ولم يقل الشعر لرهبة أو لرغبة)، وهو صاحب المعلقة الأولى ومطلعها :
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل بسقط اللوى بين الدّخول فَحَومَلِ
أفاطم مهلاً بعض هذا التدلل وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
وقلتّ لها أي القبائل تُنسبي لعلّي بين الناس في الشعر كي أسل
فقالت أنا كنديّة عربيّة فقلتُ لها حاشا وكلّا وهل وبل
ج- أبو الطيب المتنبي أحمدُ بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد الجعفي (من جعفي بن سعد العشيرة بن مذحج بن كهلان – ونسبوه لكندة في الكوفة التي ولد فيها) (303ه - 354ه) (915م - 965م) نادرة زمانه، وأعجوبة عصره نظم أول أشعاره وعمره 9 سنوات، وله عشرة ألف بيت، كثير منها صارت أمثالاً مشهورة للعرب، وفي شعره مدح لسيف الدولة الحمداني صاحب حلب، وهجا حاكم مصر وقتها كافور الإخشيدي، وسبب مقتله هجاءه ضبة بن يزيد الأسدي العيني، وهو من قال :
عندما أنتسب المتنبي بهذه القصيدة لقضاعة بن حِميَّر بن سبأ التي سكنت بادية الشام، لأنه أقام فيها جُزء من حياته، و قضاعة تنتسب ل مالك بن حِميَّر بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان، وهُم بدو حِميَّر، ولم يسكنوا سرو حِميَّر، ومِن قضاعة بني عذرة و المهرة و نهد و جهينة و بلي و كلب و خولان.
د- عبدالله البردوني (من الحدآ بن مراد بن مذحج بن كهلان) (1929 - 30 أغسطس 1999) شاعر وناقد أدبي ومؤرخ في تاريخ الشعر اليمني القديم والحديث وغلب على قصائده الرومانسية القومية والميل للسخرية والرثاء، لم يطرق أبواب الحكام في عَهدَي الإمامة والجمهورية، قال عنه الشاعر الراحل عبد الرحمن الأبنودي .. الشعر ثلاثة أنواع، شعر قديم وشعر معاصر وشعر بردوني، وله أثنى عشر ديوان، وهو من قال:
فظيع جهل ما يجري وأفظع منه أن تدري وهل تدرين يا صنعاء من المستعمر السري
غزاة لا أشاهدهم وسيف الغزو في صدري فقد يأتون تبغا في سجائر لونها يغري
وفي صدقات وحشي يؤنسن وجهه الصخري وفي أهداب أنثى في مناديل الهوى القهري
وفي سروال أستاذ وتحت عمامة المقري وفي أقراص منع الحمل وفي أنبوبة الحبر
وفي قنينة الوسكي وفي قارورة العطر ويستخفون في جلدي وينسلون من شعري
وقال:
يمانيون في المنفى ومنفيون في اليمن جنوبيون في صنعاء شماليون في عدن
وكالأعمام والأخوال في الإصرار والوهن خطى(أكتوبر) انقلبت حزيرانية الكفن
ترقّى العار من بيعٍ إلى بيع بلا ثمن ومن مستعمر غاز إلى مستعمر وطني
وقال في مدح خير البشر مُحمَّد صلى الله عليه وسلَّم، اخترنا مِنها بتصرُّف :
(مِن قصيدة بُشرى النبوءة)
بشرى من الغيب ألقت في فم الغار وحيا و أفضت إلى الدنيا بأسرار
بشرى النبوّة طافت كالشذى سحرا و أعلنت في الربى ميلاد أنوار
و شقّت الصمت و الأنسام تحملها تحت السكينة من دار إلى دار
و هدهدت " مكّة " الوسنى أناملها و هزّت الفجر إيذانا بإسفار
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
و فاض بالنور فاغتم الطغاة به واللّصّ يخشى سطوع الكوكب الساري
و الوعي كالنور يخزي الظالمين كما يخزي لصوص الدجى إشراق أقمار
نادى الرسول نداء العدل فاحتشدت كتائب الجور تنضي كلّ بتّار
كأنّها خلفه نار مجنّحة تعدو قدّامه أفواج إعصار
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
مضى إلى الفتح لا بغيا و لا طمعا لكنّ حنانا و تطهيرا لأوزار
يا قاتل الظلم صالت هاهنا و هنا فظايع أين منها زندك الواري
أرض الجنوب دياري و هي مهد أبي تئنّ ما بين سفّاح و سمسار
يشدّها قيد سجّان و ينهشها سوط ... ويحدو خطاها صوت خمّار
تعطي القياد وزيرا و هو متّجر بجوعها فهو فيها البايع الشاري
فكيف لانت لجلّاد الحمى " عدن " و كيف ساس حماها غدر فجّار ؟
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
يا " أحمد النور " عفوا إن ثأرت ففي صدري جحيم تشظّت بين أشعاري
" طه " إذا ثار إنشادي فإنّ أبي " حسّان " أخباره في الشعر أخباري
أنا ابن أنصارك الغرّ الألى قذفوا جيش الطغاة بجيش منك جرّار
تضافرت في الفدى حوليك أنفسهم كأنّهنّ قلاع خلف أسوار
نحن اليمانيين يا " طه " تطير بنا إلى روابي العلا أرواح أنصار
إذا تذكّرت " عمّارا " و مبدأه فافخر بنا : إنّنا أحفاد " عمّار "
" طه " إليك صلاة الشعرر ترفعها روحي و تعزفها أوتار قيثار
................................................
همدان حميد الحيدري
8 جماد الثاني 1437 ه 17\03\2017
المصادر:
شرح المعلقات السبع، لأبي عبدالله الحسين الزوزني، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، 2011م.
ديوان المتنبي، شرح عبد الرحمن المصطاوي، دار المعرفة للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، الطبعة الرابعة 2007م.
ديوان عبدالله البردوني، الأعمال الشعرية لأثنى عشر ديوان، مكتبة الإرشاد، صنعاء، الطبعة الرابعة 2009م.
كتاب الجامع-جامع شمل أعلام المهاجرين اليمنيين المنتسبين إلى اليمن وقبائلهم، تأليف المؤرخ العلامة مُحَمَّد عبد القادر بامطرَف (الطبعة الثانية دار الهمداني \عدن \ 1984 \ أربعة 4 مجلَّدات، وطبع في صنعاء بالعام 2004 بمجلَّد واحد).
المنَّجد في اللغة والأعلام، الطبعة الخامسة والعشرون، 1973م، دار المشرق بيروت.
ويكبيديا الموسوعة الحَرَّة. تعليقات القراء 197143 [1] وما دخل كهلان بن سباء في كل هذا؟ الجمعة 18 مارس 2016 خالد | عدن كفى تعلق بماضي سحيق لا يسمن ولا يغني من جوع .. الأجيال الحاضرة تريد العلم والاختراع والتكنولوجيا والطب والهندسة والقانون وتقنية المعلومات وفنون الإدارة الحديثة لا السيف والرمح والبكاء على الاطلال هل تفاخر نيوتن بجده السكسوني او أشاد لويس باستور باصله الروماني؟ وهل عرفت قبائل لكل من وليم شكسبير وشارلز ديكنز و شارلوت برونتى وارنست همنجواي وبابلو نيرودا ونجامين فرانكلين وطاغور وفينشو شارما (مؤلف اصل اصل قصة كليلة ودمنة) وغيرهم من شعراء وكتاب وفلاسفة أوروبا واسيا وامريكا .. هل رايت بريطاني يقول لك انا حفيد شكسبير؟ 197143 [2] دراسة جديدة تربط بين علم الأنساب واللغة الجمعة 18 مارس 2016 همدان الحيدري | عدن يا خالد عدن، هذه دراسة جديدة تربط بين علم الأنساب واللغة والشعر، ولم ندعو بالتعلق بالمجد القديم وأهمال أسباب النهضة، وأزيدك من الشعر بيتاً، أبو تمام ووووووووو، مِن كهلان.