من المراحل المهمة والضاغطة بعض الشيء مرحلة المراهقة، وهي الانتقال من مرحلة الطفولة إلى مرحلة الوسط تسمى المراهقة قبل الدخول إلى مرحلة النضج والوعي والاستقرار.
هذه المرحلة - والتي أقصد بها مرحلة المراهقة - تحتاج إلى الكثير من الوعي والإدراك بمفهومها، وحدتها، وقوتها، وكيفية التفاعل والتعامل معها، من دون إفراط أو تفريط، من دون قسوة أو دلال.
مرحلة تحتاج من الوالدين الاطلاع أولاً على سمات المراهقة وصفاتها، والتقلبات التي يمر بها أبناؤنا ذكوراً وإناثاً.
ما لا يدركه الوالدان أن الأبناء أيضاً يعانون في هذه المرحلة من البحث عن الهوية، هويته الشخصية من يكون، نجده تارة يقلد شيخاً أو مطرباً، أو نجده تارةً منعزلاً متفرداً بنفسه، أو متصلباً برأيه، أو نجده يوماً مطيعاً ويوماً مخالف تماماً ومناقض كل ما تحدث فيه، يحتار هنا الوالدان من هذا التناقض الذي يعيش فيه المراهق، فتبدأ سلسلة العداء والعناد والصراع الذي لا ينتهي بينهم.
لا بد أن نعلم أن الدخول في حال الصراع مع المراهق أن الخاسر هما الوالدان، مما يزيد الفجوة والبعد، ولا سمح الله تكون النتائج خاسرة وباهظة الثمن للأسف.
المراهق لا يدرك حقيقة ما يمر به من تغيرات فسيولوجية ونفسية عميقة، فهي مرحلة ينتقل من طفل من دون مسؤوليات، إلى مراهق مطالب بتحمل المسؤولية والتوازن في كلامه وردود أفعاله، في حين أنه يشعر بأنه كبر وأصبح لديه رأي خاص به ومستقل، فكيف ما زال والداه يعاملانه كطفل صغير بالأمر والنهي، أيضاً يشعر برغبته في العزلة والابتعاد عن الأهل والغوص في الخيال والأحلام، ويعاني قلة النوم ليلاً لعدم شعوره بالراحة أثناء النوم بسبب التغيرات التي تحدث في جسده وسرعة دقات قلبه، كل ذلك يجعله يشعر بالغربة والتفرد والتناقض، لكنه لا يعلم ما الذي يحدث معه، وهذا يجعله متوتراً غاضباً، يسقط ذلك على نفسه بتأنيب، أو يسقطه على الأهل بالعدوانية والعناد خصوصاً إذا الوالدان لم يدركا كيف يتصرفان معه.
لذا على الوالدين أن يتعرفا على السمات التي يمر بها المراهق، كما ذكرت وأن يبتعدا عن القسوة أو الأحكام السريعة أو التحقير والإهانة أو المقارنة والصراع مع المراهق، عليهما أن يوفرا أولاً: مبدأ الحب غير المشروط ومن دون مقابل، أي يتقبَّلان أبناءهما كما هم. ثانياً: أن يوفرا عنصر الاحترام، احترام رأيه وعدم التلفظ والتجريح له أمام نفسه أو أمام الآخرين. ثالثا: الاحتواء بكل ما تعنيه الكلمة، وأن يكون الوالدان الصدر الحنون الذي يتقبل الأبناء ويرشد السلوكيات الخاطئة بطريقة الحوار والتفاهم والتقدير. رابعاً: توفير وقت ممتع مع الأبناء بعيداً عن النصح المباشر المستمر ليلاً ونهاراً، بل يستمتعان مع أبنائهما بأي وسيلة كانت قراءة كتاب ومناقشته، لعب الكرة، الخروج للبر، حضور مناسبات مع بعضهما، مشاركة أي هواية يحبها الأبناء ومصادقتهم. خامساً: زرع الثقة بنفوس الأبناء مع المراقبة البعيدة غير المباشرة، لا تحسس المراهق أنك سليط عليه أو مراقب كل تحركاته لأن ذلك يشعره أنه مقيد وهو في سن يبحث عن التمرد والتفرد غصب عن إرادته. سادساً: التشجيع والتقدير للمراهق يعني الشيء الكثير، وهذا إحدى الطرق الذكية بأن الوالدين يركزان فقط على إيجابيات المراهق ليوسعا هذه الدائرة بامتياز.
لذا أول عمل نقوم به كوالدين القراءة والاطلاع عن المرحلة العمرية التي يمر بها المراهق؛ لكي نعرف كيف نتواصل معه ونكسبه ونقوي إيجابياته وفكره وحبه وانتماءه، ليكون عضواً فعالاً ينفع نفسه وأهله ووطنه.