سنوات طويلة بعدد شعرات رأسي البيضاء قضيتها في حضن عاصمتنا الحبيبة عدن جعلتني اتشبع بحقيقة أن صيف عدن الحارق اللاهب الشاحب لا ينفع معه مروحة تركض ككلب ينبح على رأي بطل مسرحية (معك نازل)، ولا تشفع معه رحلة نحو البحر المالح ورياحه التي تكوي الوجوه و الاجساد على حد سواء!يعاني المواطن في عدن من موجة حر تتدفق في صورة شلالات من الرطوبة العالية والمسافة الفاصلة بين حمام الاستحمام والمروحة تكفي لأن يعيش المواطن (الحران) ثوان من المعاناة المتشنجة، هذا عندما تكون الكهرباء في عدن بخير وعلى مدار الساعة ، قبل أن تدخل خبطات (كلفوت) الخدمة في مأرب بتوجيهات من النمس الشرير ، أما وقد دخلت كهرباء عدن مرحلة (طفي لصي ) فابشروا يا أهل ذا الساكن برحلة عذاب فوق الاحتمال ، على أساس أن الاحتباس الحراري لهذا الصيف يخرج لسانه ساخرا من مولدات كهربائية انتهى عمرها الافتراضي من زمان (الترك) شأنها شأن علب الفول والفاصولياء المنتهية الصلاحية! ما يحدث لعدن التي نرددها في نشيدنا الوطني ليلا ونهارا وقبل ووسط وبعد الأكل (عاصمتنا عدن لما تقوم القيامة) امتدادا طبيعيا للعلاقة الشاذة مع صنعاء ونظام شمالي بربري وزع وصاياه في حزمة من عقوبات تستهدف عدن التي أبت أن تكون من (بنات الخالة) وهي ساندريلا الجزيرة والخليج ، فكان أن حولها قانون (ميكيافيللي) الاعرج الى قرية تعيش على الشموع والدموع ومواطير الصين التي لوثت وسممت أجواء عدن! تخيلوا أن محطة الحسوة التي تغذي مديريات عدن بالطاقة اللازمة مازالت تعمل بنفس اليات وادوات بريطانيا ، وتصوروا بالمقاس الذي يعجبكم أن الطاقة نضبت في عدن بفعل فاعل معلوم على رأسه بطحة يحسس عليها، لم تعد حقنات الصيانة تجدي لانعاش قلب الطاقة الذي يحتضر ، ولم تعد الحلول الساندوتشية تجدي نفعا مع كهرباء تختزن في أجهزة أكل عليها الدهر ثم شبع ، ويستطيع (جحا) أن يركب حماره ويمضي مدافعا عن سياسة قتل مدنية بخنجر الوحدة ، كما يستطيع أن يشمت في احتلال بريطاني رفد عدن بكل مقومات الحياة الكريمة فدمرها تماما بشهوة الانتقام! عدن مقبلة على صيف أحد من السيف ، والحلول الترقيعية لن تزيد الطين الا بلة ومعها ستتعدد أصناف المعاناة على المواطن الغلبان ، ولا أدري كيف سنتحمل صنوان الحر بزخمه الحراري في غياب جدول مفهوم لكهرباء يمكن أن تخفف علينا موجاته لو أن الحكومة أوجدت حلا جذريا للمشكلة وفصلت عدن عن لؤم (كلفوت) الذي اختفى قليلا عن المشهد ربما طمعا في توجيهات مدسوسة من صنعاء تنكد على البلاد والعباد معا! ولأن الجزاء من جنس العمل فمن الواجب الاشارة بعيدا عن التلميح الى الدور الكبير الذي يبذله الهلال الأحمر الاماراتي في جانب تخفيف العبء عن عدن وجهوده الحميدة في رفد كهرباء عدن بكل جديد ومفيد للوصول الى الحد الأدنى من معالجة المشكلة ، ولولا جهود الاشقاء الاماراتيين في هذا الجانب لماتت كهرباء عدن بالسكتة القلبية رغم انها تعاني من زمن طويل من (قرحة) في اقدمية ادواتها ، ومن (روماتيزم) حاد في ابراجها المتهالكة ، ومن (فشل كلوي) في مولداتها العامة ! ولأن الأثر يدل على المسير والبعرة على البعير أجدني اناشد الاعزاء الكرام اصحاب الشهامة في الهلال الاحمر الاماراتي بضرورة خلع ضرس الكهرباء المسوس بدلا من حشوة بمهدئات ، فكهرباء عدن بحاجة الى شبكة جديدة وخاصة تنفصل من خلالها بمحطة الشمال ، وتستقل بنفسها لتغطي العاصمة فقط ، والمعنى الذي يفسر المبنى أن كهرباء عدن بحاجة الى نظام جديد في الطاقة تستغل فيه الطاقة الشمسية على نحو مثمر ، ويكفينا الركض خلف سراب الزعيم الذي وعدنا ذات خطاب عاصف بتوليد الكهرباء من جحر حمار تنبعث منه الطاقة النووية! ألفت نظر الاشقاء في الهلال الاحمر الاماراتي الى التعاطي مع كهرباء عدن بعقلية دكتور متخصص يؤمن أن الحلول الترقيعية فاشلة ومكلفة، وأنه من المحتم مواجهة المشكلة فورا والبدء بتجهيز غرفة عمليات مستعجلة لبناء محطة جديدة تكتفي ذاتيا من وقود خيرات الجنوب التي تذهب الى جيوب ناهبي الوحدة والشراكة ، وعمل كهذا سيرفع من أسهم الاماراتيين في عيوننا وسنحتفظ لهم بالجميل كدين في اعناقنا ، فالكهرباء في عاصمة ساحلية بحرها الغائظ واحتباسها الفائض تمثل للمواطن في عدن عصب الحياة ، فهل من المعقول والمقبول أن نستقبل رمضان والكهرباء في عدن مابتجمعش كما هو الحال بالفنان الراحل يونس شلبي؟ وهل من لوازم الاخلاق ابقاء كهرباء عدن في خدمة محطة شمالية تغذيها بنظام التقطير الى درجة أنه اذا سقط عمود كهربائي في تايوان ينقطع التيار الكهربائي عن عدن ! قصر الكلام على المؤسسة العامة للكهرباء في عدن أن تقوم بدورها في متابعة فواتير المواطنين وتقسيط المبالغ المالية اذا كانت متلتلة وكبيرة ، كما يفترض اجبار التجار والشركات والمؤسسات على دفع ما عليها لتجاوز الضائقة المالية كي يؤدي كل موظف التزاماته ودوره في ممارسة عملة بعيدا عن جبروت صنعاء، وعلى المواطن أن يحكم ضميره قبل عقله في دفع الاقساط التي تنوء بكاهله والابتعاد عن شر النصب والاحتيال ، فكهرباء عدن لن تنهض من كبوتها الا بروح الفريق الواحد ، مواطن يستجيب للدفع حسب ما انفقه من طاقة، وادارة تؤدي التزاماتها بعيدا عن فلسفة الانفراد ، وحكومة توفر المحروقات والمحركات بطريقة منصفة وعادلة تراعي خصوصية عدن صيفا على الأقل ! وكلام مسك الختام عدن تنتظر من الهلال الاحمر الاماراتي لفتة انسانية بديعة تعيد لكهرباء عدن حيويتها بنظام جديد يتماشى مع مقولة الكي آخر العلاج !