اود في البدء التأكيد على ان اختياري لعنوان المقال تحت هذه التسمية ليس لغرض لفت انتباه القارئ واجباره على قراءة المقالة بل ان ما تضمنه العنوان حدث فعلي في بلاد الصومال بعد ان دمرت الحرب الاهلية كل مقومات الدولة وحطمت كل المنشآت والمباني بما فيها وسائل النقل وغيرها. ففي العدد(10907) بتاريخ 20/ديسمبر 1992م نشرت صحيفة الحياة اليومية الصادرة في لندن ، الصفحة الخامسة مقالا حول وجهة نظر الاممالمتحدة في مسألة بقاء القوات المتعددة الجنسيات ،وفي اعلى المقالة صورة مواطن صومالي وحمار وعربة وجنود من ( المارينز) موجهين اسلحتهم الى الصومالي قائد الحمار والعربة ، وقد كتبت تحت الصورة إياها التعليق التعليق التالي: (( جنود المارينز يراقبون صوماليا وهو ينقل هيكل سيارة على عربة يجرها حمار)).. وقبل ان ابدأ بقراءة المقال اياه برزت امامي كثيرا من الاسئلة وانا امعن النظر في الصورة .. ومن هذه الاسئلة : هل شعوب البلدان المتخلفة تريد اثبات ان وسائلها القديمة ((الحمار)) افضل وسائل النقل الحديثة للبلدان المتقدمة ؟ وهل هذه الشعوب المتخلفة تريد اثبات بأنها قادرة وبأسرع وقت ممكن وبأحدث الاسلحة على تطبيق نظرية الحروب وما تلحقه من قتل للسكان ظاهرة ايجابية لتطور البشرية ؟؟ وخاصة بلدان الشمال ((وهذه اضافة من عندي)). كثيرة هي الاسئلة التي كانت تدور في ذهني حول الاوضاع التي وصل اليها الشعب الصومالي من جراء الحرب الاهلية التي قضت على الاخضر واليابس ولقد عادت بي الذاكرة الى عام 89م عندما كنت مرافقا لسياد بري خلال زيارته لعدن لحضور الاحتفالات التي اقيمت بمناسبة العيد الفضي لثورة 14 أكتوبر وهذا موضوع سنكتب عنه ان شاء الله في الاعداد القادمة من مجلة (( الجيش اليمني)).. ان ما وصلت اليه الاوضاع في الصومال وغيرها من البلدان الافريقية العربية منها والافريقية واقول ان هذه الاوضاع المأساوية يجب بل وبالضرورة ان تكون دروسا تاريخية لشعوب العالم قاطبة ولأنظمتها المختلفة وجعلها منار تهتدي به لتجنب مآسيها ومحنها القاسية وهذه في نظري هي مسئولية كل الخيرين من ابناء هذا البلد او ذاك المتواجدين في قمة الوطن او قيادة المنظمات الاجتماعية والسياسية والثقافية والحكومية . قبل ستة اشهر تقريبا وفي اجتماع رسمي مع الاخ العزيز المهندس حيدر ابو بكر العطاس رئيس الوزراء كنت قد تقدمت اليه بالسؤال التالي : -ماهي الاجراءات التي ستتخذها الحكومة على ضوء ما يحدث في البلدان المطلة على الضفة الاخرى من البحر الاحمر؟ وكنت مدركا تمام الادراك لوضع مثل هذا السؤال . رغم ان بعض الزملاء قد قللوا او بالأصح استخفوا طرح مثل هذا السؤال في مثل هذا الاجتماع الهام. واقول ذلك لأننا جميعا لم نعط الاهتمام الكافي لما حدث حولنا ولو فعلنا ذلك لما ظهرت تلك الصعوبات والمشاكل او على الاقل الحد منها من جراء عودة المهاجري اليمنين من هذه البلدان وخاصة المشاكل التي احدثها اللاجئون الصوماليون. ونود التأكيد بأنه لا يوجد ادنى شك من ان الشعب اليمني قدم ويقدم كل ما يستطيع تقديمه من دعم للاجئين .وهو البلد الوحيد الذي استقبل اللاجئين بعد ان اوصدت الابواب في وجوههم من قبل البلدان الشقيقة. ان ذلك التسهيل الذي قامت به اليمن تجاه اللاجئين لا يعني ان تفتح الباب على مصراعيه لمن هب و دب الأخذ بالضوابط اللازمة المتعارف عليها في جميع البلدان بما فيها البلدان الشقيقة حتى لا يأتي اليوم الذي نندم فيه وحينها لا يفيد الكلام. لقد تناقلت وكالات الانباء وبعض الصحف المحلية ان من بين اللاجئين توجد عناصر التي لها سوابق في الجرائم وعناصر اخرى مدفوعة او مدسوسة لخلق بعض الارتباكات لدولة الوحدة. دون الأخذ والرد عن مدى صحة تلك الانباء . فقد ظهرت كثيرا من الاشكالات والتي يجب حسمها باتخاذ الاجراءات الضرورية والسريعة من جهات الاختصاص ومن هذه الاشكالات نوجز التالي: اولا: تنقل اللاجئين في مختلف مناطق الجمهورية بدون تصاريح رسمية وان وجدت تصاريح فمزورة ولم تتخذ الاجراءات الصارمة واللازمة لأمن السلطات المركزية ولا المحلية وحتى المركز والناحية خصوصا في الوقت الذي يدرك الجميع ان هناك قانون متعارف عليه دوليا بالنسبة للاجئين والمعروف عليه دوليا بالنسبة للاجئين وهذا يعني تعسكرهم الدائم فيه وحركتهم تكون محدودة وبطريقة منظمة ، ولكن ما يحصل عندنا هو العكس وادى ذلك الى بروز المشكلات التالية: ارتكاب الكثير من جرائم السرقة من قبل البعض منهم وقد حدث ذلك وبشكل متكرر في مديريات محافظة عدن.. - مزاحمة الايدي العاملة المحلية في كثير من الاعمال وخاصة تلك الاعمال التي تعتمد اكثر على العمل العضلي .. واضف الى ذلك امكانية نشر بعض الامراض المعدية وغيرها من الظواهر السيئة . ثانيا: الاختيار العشوائي لمعسكر اللاجئين غير الموفق وغير المدروس هو ما تم تحديده لهم بجانب استراحة العمال في ساحل ابين السياحي ومن المشكلات التي سببها : 1-الاضرار بشكل مباشر بالاقتصاد الوطني ، اذ لا يعقل ان يقام معسكر للاجئين على شاطئ من اهم الشواطئ السياحية في اليمن كونه يقع مباشرة بجانب استراحة العمال في (مطلع ابين) ولا يبعد عن مدينة الكود الا بأمتار معدودة . 2- وضع المعسكر في ذلك الموقع يساعد على بروز جماعات التهريب من والى البلد مثل ما حدث في الفترة الماضية حيث تمت بعض التهريبات الكبيرة عبر ذلك الموقع . وختاما نأمل ان لا يفهم من ذلك ان الهدف من مقالنا هذا هو التحريض ضد الضيوف وان ما قصدناه يهدف فقط الى الاستفادة من الاخطاء حتى لا تضر بالسلم الاجتماعي لشعبنا ووطننا ومن اجل رفعة و اعلاء شأن اليمن بوحدة وتلاحم كل ابنائه الخيرين وحتى لا يصبح الحمار اليمني ينقل العربة كالحمار الصومالي.. والله من وراء القصد ...