البيع الآجل في بقالات عدن بالريال السعودي    حكومة تتسول الديزل... والبلد حبلى بالثروات!    احتراق باص نقل جماعي بين حضرموت ومارب    عنجهية العليمي آن لها ان توقف    إقالة رشاد العليمي وبن مبارك مطلب شعبي جنوبي    إستشهاد جندي جنوبي برصاص قناص إرهابي بأبين    مدرسة بن سميط بشبام تستقبل دفعات 84 و85 لثانوية سيئون (صور)    الإصلاحيين أستغلوه: بائع الأسكريم آذى سكان قرية اللصب وتم منعه ولم يمتثل (خريطة)    من يصلح فساد الملح!    تربوي: بعد ثلاثة عقود من العمل أبلغوني بتصفير راتبي ان لم استكمل النقص في ملفي الوظيفي    البرلماني بشر: تسييس التعليم سبب في تدني مستواه والوزارة لا تملك الحق في وقف تعليم الانجليزية    السياغي: ابني معتقل في قسم شرطة مذبح منذ 10 أيام بدون مسوغ قانوني    السامعي يهني عمال اليمن بعيدهم السنوي ويشيد بثابتهم وتقديمهم نموذج فريد في التحدي    شركة النفط بصنعاء توضح بشأن نفاذ مخزون الوقود    نجاة قيادي في المقاومة الوطنية من محاولة اغتيال بتعز    التكتل الوطني يدعو المجتمع الدولي إلى موقف أكثر حزماً تجاه أعمال الإرهاب والقرصنة الحوثية    مليشيا الحوثي الإرهابية تمنع سفن وقود مرخصة من مغادرة ميناء رأس عيسى بالحديدة    جمعية التاريخ والتراث بكلية التربية تقيم رحلة علمية إلى مدينة شبام التاريخية    النصر يودع آسيا عبر بوابة كاواساكي الياباني    اختتام البطولة النسائية المفتوحة للآيكيدو بالسعودية    "الحوثي يغتال الطفولة"..حملة الكترونية تفضح مراكز الموت وتدعو الآباء للحفاظ على أبنائهم    شاهد.. ردة فعل كريستيانو رونالدو عقب فشل النصر في التأهل لنهائي دوري أبطال آسيا    نتائج المقاتلين العرب في بطولة "ون" في شهر نيسان/أبريل    وفاة امرأة وجنينها بسبب انقطاع الكهرباء في عدن    13 دولة تنضم إلى روسيا والصين في مشروع بناء المحطة العلمية القمرية الدولية    هل سيقدم ابناء تهامة كباش فداء..؟    هزة ارضية تضرب ريمة واخرى في خليج عدن    الهند تقرر إغلاق مجالها الجوي أمام باكستان    سوريا ترد على ثمانية مطالب أميركية في رسالة أبريل    مباحثات سعودية روسية بشان اليمن والسفارة تعلن اصابة بحارة روس بغارة امريكية وتكشف وضعهم الصحي    صدور ثلاثة كتب جديدة للكاتب اليمني حميد عقبي عن دار دان للنشر والتوزيع بالقاهرة    فاضل وراجح يناقشان فعاليات أسبوع المرور العربي 2025    انخفاض أسعار الذهب إلى 3315.84 دولار للأوقية    حرب الهيمنة الإقتصادية على الممرات المائية..    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    هل سمعتم بالجامعة الاسلامية في تل أبيب؟    غريم الشعب اليمني    جازم العريقي .. قدوة ومثال    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    مليشيا الحوثي تواصل احتجاز سفن وبحارة في ميناء رأس عيسى والحكومة تدين    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    برشلونة يتوج بكأس ملك إسبانيا بعد فوز ماراثوني على ريال مدريد    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    علامات مبكرة لفقدان السمع: لا تتجاهلها!    حضرموت اليوم قالت كلمتها لمن في عينيه قذى    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اللاجئون الصوماليون .. قوافل شاردة في الوطن المضياف
ينطلق معظمهم بلا هويات أو فحوصات طبي من سواحل شبوة
نشر في الجمهورية يوم 22 - 03 - 2007

محافظ شبوة: القيادة السياسية تحثنا على التعامل الإنساني الأمثل مع اللاجئين
مدير عام مديرية ميفعة: مفوضية شئون اللاجئين تعمل بمعزل عن الأجهزة الأمنية والرقابة الصحية
تداولت العديد من وسائل الإعلام المحلية والعربية والأجنبية أشكال النزوح المأساوي ل«اللاجئين» الصوماليين من بلادهم إلى شواطئ شبوة وكيف يغرق بعضهم قبل الوصول إلى الشاطئ.. أما أنا فقد رأيت أن يدور هذا التحقيق حول مابعد وصولهم إلى الشاطئ.. كيف يأوي بعضهم إلى معسكر اللاجئين وكيف ينتشر غالبيتهم بحرية في أرجاء البلاد بلا تفتيش دقيق لهوياتهم ودياناتهم وبلا فحوصات طبية لخلوهم من الأمراض المعدية، ومدى تأثير هؤلاء اللاجئين على السكينة العامة وعن دور شبه غائب لمفوضية شئون اللاجئين في بلادنا..
من النار إلى الماء
تضطر عصابات التهريب إلى رمي اللاجئين الافارقة إلى البحر قسراً إذا ما اشتمت رائحة خفر السواحل في المناطق الجنوبية الشرقية التي تنشط فيها دوريات خفر السواحل أحياناً.. كما نشرت صحيفتنا «الجمهورية» أيضاً مآسي الجثث الافريقية التي تودعها الأمواج في شواطئ مديرية رضوم بعد ثلاثة أيام من ابتلاعها، ولاينجو إلا من كان بارعاً في السباحة وحسب اعترافات بعض ممن التقيناهم في أسواق مدينة عتق ومن بينهم «سعيد» هذا الذي لوح لسيارة صديقي محمد البعداني بقطعة قماش مبلولة فنزل البعداني لشراء عيدان القات وبقيت أنا أحاور سعيداً الأب لطفلين فسألته: هل يشترط عليكم المهربون سلفاً في شواطئ الصومال مايمكن أن تتعرضوا له من رمي قسري قرب شواطئنا فأجاب: البعض من المهربين يشعرنا لكن الغالبية «لا» لكي لا يخسروا «300» دولار على الفرد الواحد وقد تزيد مع زيادة اشتعال الحرب عندنا.
من 900 2000 ريال يومياً
عاد محمد البعداني بالقات الرداعي الملفوف بشوالة مبتلة وقطع الحوار الذي دار بيني وبين سعيد في حين تلقى هذا الأخير سؤال من البعداني من قلك تمسح السيارة؟ الذي قلك يحاسبك.. أشار سعيد بسبابته نحوي قائلاً: هذا صاحبك يشوفني أمسح وأنظف وهو ساكت.. لامش ساكت بل يسألني أسئلة كثيرة.. اهتزت كرشي من الضحك و«تكعفت» «100» ريال بعد أن أجابني سعيد بأن متوسط الدخل اليومي له ولزملائه في أرصفة الشوارع مقابل هذا العمل مبلغ «2000» ريال، قد تزيد إلى الثلاثة أو تنقص إلى «900» ريال في أسوأ الأيام.
لايحبذون الشحاتة
تركنا سعيداً ورفاقه وطفنا بسيارة البعداني شوارع مدينة عتق عاصمة محافظة شبوة وكان المشهد مماثلاً لما رأيته في أسواق وحواري عدن وتعز وصنعاء وحرض، فقط الرجال من اللاجئين الصومال يعملون في الشوارع والورش وغير ذلك أما النساء فليس هناك إلا قلة ضئيلة يعملن في منازل الميسورين أو متسوقات بين المنزل والسوق، أما وظائف «التسول» فلا تروق للاجئين وخاصة الصومال بقدر ماتولع بها أصحابنا من ساكني الصفيح تذكرت يومها كلام مدرس صومالي للغة الانجليزية بصنعاء عندما قال: قد يضطر أصحابنا للسرقة والقتل بدافع الحاجة، ولكن الشحاتة لا.
صومال وافارقة
كل تلك الهواجس والاستنتاجات راودتني وبحت بها في جلسة قات لدى صديقنا محمد البعداني مع ثلة من الأصدقاء، أحدهم يوسف الصامت طالب في كلية النفط في عتق الذي علق على حكاية السرقة والقتل بالقول نعم هذا صحيح أما التسول فلا، وأضاف يوسف: قبل شهر ونحن في امتحانات الترم الأول حدثت جريمة قتل بشعة كانت ضحيتها امرأة صومالية في الجهة الخلفية لسكننا الجامعي ولم ندري بها إلا بعد أن شاهدنا من النوافذ رجال الأمن ينقلون الجثة بعد أربعة أيام من مقتلها تقريباً وأضاف يوسف الصامت: أنت حظك نحس ياجلال! قتل لماذا؟ أجاب يوسف الذي استضافني في غرفته فترة مهمتي الصحفية قائلاً:
كانت تمر أيام نشاهد فيها أفواج من الصومال رجال ونساء وأطفال يمرون خلف السكن الجامعي في ذلك الوادي الذي نطل عليه من الجهة الغربية، نراهم يشقون الوادي تحت لهيب الشمس وجنح الظلام أيضاً ونرثي لحالهم ونسأل لهم الباري أن يفك أزمتهم، البعداني محمد قاطع يوسف فقال: والله إن أصحاب شبوة فيهم شهامة ورحمة وجود تصوروا معظم ورش اللحام والنجارة والميكانيك والسرويس في عتق رحبت واستوعبت مئات الشبان الصوماليين والأفارقة عامة..قلت لماذا الأفارقة...قال البعداني: المتسللون من الصومال مانقدر نفرق بينهم منهم ارتيريون وأثيوبيون وو....الخ .دخلوا مع السيل! استغربت قائلاً:طيب الصومال ،ومنكوبين بالحرب أما البقية ليش فرحين ببلادنا الذي فينا مكفينا؟أجاب العم علي المساح بالقول:
الهدف والغاية مش بالجلسة في بلادنا بل عبورها إلى خلف الحدود،حينها تذكرت كلام أحد الصوماليين الذين قابلتهم أثناء سفري في الباص السياحي في منطقة « العرم» الواقعة بين أبين وشبوة ، التقط له صورة وهو يمسح الباص بعد أن سألته فأجاب: المهربون حقنا يقولون لبعضنا أثناء رحلة الموت :بانوصلكم الخليج!، فيما هم متجهون إلى سواحل شبوة.
..وهكذا تبادلنا أطراف الكلام عن أصحابنا الصوماليين وتبادلنا أغصان القات ومضغناها حتى ذابت بعد ذوبان أخر خيوط النهار..حل المساء وعدت أنا وصاحبي يوسف الصامت إلى السكن الجامعي في مدخل مدينة عتق.
تعامل إنساني
في الصباح وجدت نفسي في مكتب الأخ/علي المقدشي محافظ محافظة شبوة الذي رحب بنا وأكرم وفادتنا أنا وزملائي «يوسف وعبدالواحد اليوسفي» وفي حوار اجريته معه سينشر لاحقاً .
أوضح المحافظ المقدشي أن توجيهات القيادة السياسية جاءت لصالح إخواننا الصوماليين وحثت بالتعامل الإنساني الأمثل معهم ومساواتهم بأفراد الشعب اليمني في الجوانب الصحية والأمنية والتعليمية..وزاد المحافظ:
والمعروف عن شعبنا اليمني المضياف بحسن الإيواء والأخذ بأيدي هؤلاء إلى أن تنجلي كربتهم سيما وبلادنا من أوائل الدول الموقعة على حق اللجوء ومواقف فخامة رئيس الجمهورية عززت معاني الإخاء والتعاون لا مع الشعب الصومالي فحسب بل دول القرن الافريقي عامة.
معسكر اللاجئين في ميفعة
سألت المحافظ عن المنطقة التي يصل إليها الصوماليون أين تقع من الشريط الساحلي فأجاب بأن مديرية ميفعة فيها معسكر إيواء اللاجئىن الصومال بإشراف وإدارة ومسئولية فرع مفوضية شئون اللاجئين في عدن،وأضاف المقدشي بأن مذكرة رسمية من لديه إلى مدير عام مديرية ميفعة ستعينني على إنجاز مهمتي ،قلت:ومذكرة للمفوضية إن أمكن يامحافظ..قال المقدشي:لا فالمفوضية منظمة غير حكومية ونشاطهم لانشرف عليه إطلاقاً..لذا عليك التوجه إليهم مباشرة وإمكانية تعاونهم معكم كصحيفة أمر عائد عليهم فقط!
الطريق إلى ميفعة
وقبل ظهيرة اليوم التالي طارت بنا سيارة صديقي /محمد البعداني من عتق حتى مديرية ميفعة في طريق اسفلتي أعيدت سفلتته في 2004م كانت المسافة حوالي 120كيلو قطعتها الكراسيدا المجنونة فقط بساعة ونصف ..قلت للبعداني:هدئ السرعة..أريد العوده لأطفالي سليم وأريد تصوير لقطات لهذه المناظر الخلابة لأودية حبان وبن حبتور ولهيه وعزان...فأشار البعداني إلى ساعته وقال: أفعل هذا من أجلك..قلت كيف ..قال:المصادر الأمنية التي أنت بحاجة إليها في مهمتك الصحفية كلهم سيتناولون الغداء عند الأخ محمد لحول مدير عام مديرية ميفعة وربما يرحلون بعد الغداء وتكون خسرت وطارت علينا الغدوة الدسمة قلنا: عليك ياباري ..دووس!
مهام أخرى
في الواحدة ظهراً وجدنا أنفسنا كالقضاء المستعجل بين كل من نريدهم.
وبعد الغداء ومع تناول كاسات الشاي ، تبادلنا أطراف الحديث مع العميد ركن /قاسم راجح لبوزه قائد اللواء الثاني مشاه بحري وسألته هل من دور ومهام مناط بها أفراد المعسكر تتصل باللاجئين والنازحين الأفارقة والصوماليين بالذات باعتبار أن المعسكر يبعد عن الشواطئ المتلقية لأولئك اللاجئين فقط ب«8»كم تقريباً؟.أجاب القائد :«لا» وأردف:لنا مهام أخرى متصلة كحماية المنشآت والمشاريع النفطية والغازية..وعاد لبوزه لاحتساء بقية الشاي في حين أسعفني أحد رجال الأمن الحاضرين في المجلس ببعض معلومات لكنه فضل حجب إسمه لأن توجيهات مدير أمن شبوة تحظر عليهم أي تصريح أو حتى نقاش مع وسائل الإعلام إلا بإذن أو مذكرة رسمية.
وقد أوضح كلاماً ليس بالخطورة بمكان،حيث قال:من يصلون أحياءً أو أمواتاً إلى شواطئ مديرية رضوم من أولئك اللاجئين ، تقع مسئولية منع تسللهم والرقابة عليهم وفرز هوياتهم فقط على أفراد خفر السواحل التابعين ل«عدن» سألت صاحبنا وكذا مدير عام مديرية ميفعة هل ثمة آلية وتنسيق بين أمن مديريتي ميفعة المحتوية لمعسكر أيواء اللاجئين وأمن مديرية وسواحل رضوم المتلقية لهم ففضل رجال الأمن الحاضرين السكوت..وعذرتهم لما أسلفوه من توضيح وقال الاخ/ محمد لحول مدير عام مديرية ميفعة.. في العام الماضي كانت سواحلنا يقصد سواحل شبوه «رضوم» تستقبل أكثر من «400» لاجئ في اليوم الواحد وكنا ومازلنا نواجه صعوبة في غربلة الهويات فمن يقول أنه أثيوبي أو أريتيري أو يقول أنه صومالي وأن اثبات الهوية ابتلعتها الحرب الدائرة خلفهم ورعب عصابات التهريب التي ترمي بمن ينجو منهم إلى قرب الشاطئ بعدة أمتار ويضيف مدير المديرية: وهكذا نرثى لحالهم والأهالي يتعاطفون معهم ويوفد من يرغب من أولئك اللاجئين إلى مقر مفوضية شئون اللاجئيين تلك المجاورة لإدارة المديرية فقط ب «50» متراً..تركت للجماعة حالهم في إكمال المقيل بهدوء وفضلت أن أشرب الماء من ينبوعه في مقر المفوضية.
هكذا التعليمات
في صباح اليوم التالي خرجت من السكن الذي استضافنا فيه مدير عام المديرية والمجاور للمفوضية فقط ب «50» متر ووقفت أنا والأصدقاء المرافقين «علي المساح وابن الصامت وعبدالواحد حوطان» وقفنا أمام بوابة مقر فرع معكسر مفوضية شئون اللاجئين الواقع في منطقة «جول الريدة» ميفعة والتقطت صورة لاعلام بلادنا والمفوضية والأمم المتحدة الاعلام الثلاثة المرفوفة على بوابة المعسكر الخاص باللاجئين.
وجدت الباب مفتوحاً فولجت إلى حوش المعسكر والتقطت صورة فوتغرافية لحوالي «40»لاجئاً من الشباب الأفارقة كانوا يقفون في طابور ربما ينتظرون وجبة طعام أو إجراءات معينة لست أدري.
أبلغ الحارس أحد موظفي المقر بأن صحيفة الجمهورية في الخارج.. أقبل ذلك الموظف البالغ اللطف ذو السحنة الأفريقية إليَّ فسالته عن الإجراءات المتبعة مع اللاجئين من حيث الأيواء والنقل وفرز الهويات والفحوصات الطبية والتنسيق بينهم والجهات الحكومية كالأمن والمجلس المحلي وأشياء أخرى لكنه أعتذر عن أي اجابة لأسئلتي تلك وأعطاني رقم هاتف فرعهم في عدن لمنحي اجابات أو السماح للموظفة بذلك فأجابت من عدن موظفة أو مديرية اسمها سونيا ورفضت هي الأخرى وأعطتني هاتف المقر الرئيسي للمفوضية بصنعاء فاتصلت بهم فلا من مجيب أو ربما لايوجد أحد عاودت الاتصال ب «سونيا» وربما حفظت رقم جوالي الظاهر عندها فلم ترد، التفت للموظف الواقف أمامي..وقلت له: أيش رأيك؟ وأضفت القول: المفترض عليكم التواصل مع عدن أو صنعاء لأننا قطعنا مئات الكيلومترات لمعرفة الحقيقة وابراز نشاطكم إزاء اللاجئين وأن كان عملكم في السليم فلماذا التستر.. قال صاحبنا ياأخي أنا موظف وهكذا التعليمات تلقيتها بعدم الادلاء بأي معلومات لوسائل الإعلام اتفضلوا اشربوا بارد أو شاي في المكتب..قلت له مشكور ومانجيلكش في حاجة وحشه.
لانشاط يذكر
تركت أنا وأصحابي مقر المفوضية أو معسكرها وأمضينا بقية اليوم في مديرية ميفعة واستطلعنا مواطنها السياحية والأثرية والتاريخية وعند المساء سألت مدير عام المديرية الذي استضافنا وسهل تنقلنا لليوم الثاني على التوالي، عما يعلمه من إجراءات يتبعها مقر المفوضية مع اللاجئين باعتبار المعسكر يستلقي وسط مديريته فأجاب الأخ/ محمد عبدالقادر لحول:لم نعلم أو نطلع أو نسمع عن ثمة تفتيش وفحص من قبل المفوضية لهوايات وصحة وسلامة اللاجئين من أي أمراض قد يحملونها معهم وأضاف: بصراحة كثيراً ماينتابنا القلق من هذا الأمر فأنا مدير عام هذه المديرية لكنني لم أتلق أي توجيهات عليا بالرقابة والتدخل بعمل هذه المفوضية لدينا في المديرية.. وزاد لحول: تصور أن سواحل في شبوه استقبلت أكثر من «118» ألف لاجئ منذ 1999 وحتى اليوم.
منذ سنين
وأعرب الأخ/مدير مديرية ميفعة عن قلقه بشأن الاهمال والفوضى في تسلل اللاجئين إلى سواحلنا من مختلف الجنسيات والديانات مشيراً أنه ربما يكون بيتئهم يهوداً واسرائيلين ولادينيين ووو... فلا من اثبات لهوياتهم يلزمون به واضاف: قبل سنة اندس رجل أبيض بين اللاجئين في هذا المعسكر شكينا بأمره فاتضح أنه صحفي فرنسي رافق اللاجئين من القرن الافريقي إلى سواحلنا لينقل تفاصيل الرحلة إلى مؤسسته الإعلامية.
في شاحنات كبيرة
سألت مدير المديرية .. ماذا عن بقية الإجراءات المتبعة من قبل المفوضية تجاه اللاجئين .. فأجاب:
نعلم أن معسكر المفوضية يأوي اللاجئين في معسكرهم هذا مدة «72» ساعة بعدها تستأجر لهم المفوضية وسيلة نقل لترحيلهم وتوزيعهم إلى مخيم خرز وربما أماكن أخرى لانعلمها..
قاطعنا الأخ/عبدالواحد حوطان «مواطن» بالقول: ايش من وسيلة نقل ياجماعة ؟!
هي بوابير «ديانا» طويلة ينقلون بها هؤلاء لمئات الكيلو مترات بين الشمس والريح، تماماً كما الأغنام .. قال أحد الحاضرين : ايش تشتي لهم؟ باصات سياحية! يحمدوا الله.. غيرهم بالمئات ينطلقون «مشياً على الأقدام» من شبوه إلى عدن .. رجال ونساء وأطفال وعجائز .. رد حوطان مثل هؤلاء جنوا على أنفسهم بأيديهم فهم يرفضون الوصول إلى معسكر المفوضية كي لايبقوا تحت المراقبة والسيطرة يفضلون الانتشار بحرية، بل أن مجاميع منهم لا يرون أمامهم إلا الاتجاه الشمالي صوب الحدود مع المملكة من كثر ما وصف لهم اسلافهم الواصلين إلينا بأننا «أضبح» منهم وان حالنا اليمنيين بين البلاء والطين وعلى رأي المثال «مجنون نبع فوق مخلوس»!
قبل الرحيل
في صبيحة اليوم الثالث لمهمتي في مديرية ميفعة صحوت في السادسة صباحاً لان حوطان أخبرني بأن هناك في الجوار في بوابة المفوضية شاحنتين من نوع «ديانا» ستحشر فيها صباحاً الدفعة التي مضى عليها «72» ساعة إلى خارج شبوه كما أسلفنا.. انتظرت إلى السابعة والنصف لالتقط صورة لاصحابنا وهم على متن «الديانا» ولكن مهام أخرى واستطلاعات أخرى كانت بانتظاري في مديريتي حبان وعتق فرحلت بسيارة العم علي المساح وقبل نزولنا لتناول الافطار في منطقة عزان، اقبلت أم صومالية في الاربعينيات لطلب ماتيسر،فسألتها عن اسمها قالت: «مايا» صورتها وأردفت أسألها عن مدة بقائها وعن أطفالها وحالها... فقالت:عندي «6» أطفال وبأصابعها الخمس أوضحت:«أنا هنا خمسة سنة في عزان» أي خمس سنوات مضى على بقائها في عزان.. «مايا» الأم والأخت.. من خلتها جوهرة سوداء، رمتها نيران الحرب وسفن القراصنة إلى شواطئ شبوة.. قرأت في محياها الخجول وراحتيها المحتاجتين ماتبقى من تضاريس زمن الكبرياء والأنفة،فهناك صغار جائعون بانتظارها.
عند مايا الخبر اليقين
وبعد «مايا» لن أقول شيئاً للمعنيين في وزارتي الداخلية والصحة ومفوضية شئون اللاجئين التي لاتصلي إلا لطلب المغفرة .. لن أقول شيئاً ولن ألح على مديري أمن شبوة ومصلحة الهجرة والجوازات للاجابة عن اسئلتي المتصلة باللاجئين التي مضى عليها أسابيع في مكاتبهم بلا جدوى أكيل التهم لأحد..
فقط أقول للمعنيين في الحكومة وللقارئ: انزلوا إلى ميفعة فعند «مايا» الخبر اليقين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.