كان شعبنا الجنوبي عظيما في كل وقفاته الجامعة تجاه انتصار قضيته سلما وحربا ، ونال اعجاب شعوب وحكّام دول الاقليم والعالم .. تسابقت بعض القيادات لتقديم عونها للحراك الجنوبي ومقاومته الوطنية كلا بطريقته ، دعم فعاليات ، تقديم مشاريع سياسيه لحل القضية وغيرها ، وحدث تباين في مستويات سقف المشاريع السياسية انتهت الى سقفين (الفيدرالية المزمنة) (التحرير والاستقلال) .. استمعنا الى بعض من قادة المشروعين وتبيّن ان كل مشروع انطلق اصحابه من مرتكز يعتبرونه الأساس الذي يحدد سقف المشروع السياسي القابل للنجاح ، فأصحاب الفيدرالية المزمنة يرون ان القراءة الدقيقة لتوجهات دول الإقليم والعالم المؤثرة على قضيتنا هي المعيار الصحيح لتحديد سقف المشروع السياسي الوطني القابل للنجاح ... بينما يرى اصحاب مشروع التحرير والاستقلال ان القراءة الدقيقة لتوجهات قوى الثورة الجنوبية والشارع الجنوبي عموما ومصلحة مستقبل اجياله القادمة هو المعيار السليم لتحديد سقف المشروع السياسي الوطني ... اما توجهات دول الإقليم والعالم المؤثرة فهو انعكاس لمصالحها المتغيرة ، لذلك فأن مهمه القيادة السياسية للمشروع السياسي الوطني الجنوبي هي اقناع صنّاع السياسة في تلك الدول بأن مصالحها ستكون اكثر امانا وايسر تعاطيا بتفهمها لتطلعات الشعب الجنوبي العربي ونصرة قضيته ... ولكن كيف تسوّق هذه المشاريع في الشارع الجنوبي ؟؟ في مساء يوم الاربعاء 13 ابريل حضرت في ندوة بمنتدى مدار لمناقشه ( وثيقتين ) الاولى الوثيقة الموقعة من السيد الرئيس علي سالم البيض والسيد عبدالرحمن الجفري نائب الرئيس في حكومة الجنوب اثناء عدوان 1994م ... وهذ الوثيقة تمثل سقف التحرير والاستقلال ... والثانية الوثيقة التي قدمها السيد حيدر العطاس مستشار رئيس النظام اليمني الحالي المشير عبدربه منصور هادي ... وتمثل سقف ( الفيدرالية المزمنة ) كان اغلب المشاركين في النقاش مؤيدين لوثيقه السيد البيض والجفري باعتبارها ملبيه لتطلعات مكونات الثورة ومقاومتها الجنوبية .. لكنه لم يغب في هذه الندوة صوت من قيّم الوثيقتين انطلاقا من رأيه في مقدمي الوثيقتين وعلاقتهما بدول التحالف العربي ليخرج باحتمال ان الوثيقتين تمثلا رسائل ضغط على وفد الحوثيين وانصارهم في لقاء الكويت في 18،17 ابريل وبهذا فقد نسف علاقه الوثيقتين بالقضية الجنوبية .. والسؤال ترى مثل هذا الاحتمال المشكك في نزاهة أي جهد جنوبي حتى وان كان يتوافق مع تطلعات المتمسكين بالقضية الجنوبية وبهدف التحرير والاستقلال لمصلحه من ؟ المشكلة ليست في سماع هذا الصوت الناقد للمشاريع السياسية من خلال نقد مقدميها وليس من خلال ما يرد فيها ، فهو صوت لا زال يسمع وان كان في طريقه للانقراض لأنه مغاير للمنطق المستقيم والعقل السليم ، وقد يقبل التعاطي معه من قبل قليلي المعرفة والأدراك ، لكن ما ليس معقولا ان نسمع من يردده ويسوقه من حاملي شهادات علميه عليا بل دكاترة !!! ننظر لهم بالتبجيل والتمييز عن غيرهم لانهم يدركون الفرق الكبير في تقييم المشروع السياسي بما ورد فيه ، وتقييمه من خلال الرأي الشخصي في صاحب ذلك المشروع ويدركون ايضا ان تبني هذا الرأي في لقاءات الاوساط المثقفة يمثل تسفيه لعقولهم والحط من مكانتهم ولا اقول الا ما قال احد الشعراء ( ان كنت لا تدري فتلك مصيبه وان كنت تدري فالمصيبة اعظم ) ... واخيرا لا اشكك في نزاهة اصحاب هذه الآراء والاحتمالات ولكن لماذا غاب احتمال حسن النية واعتبار الوثيقتين رسائل الى طرفي الكويت والاطراف الراعية له بأن هناك قضية وطنية جنوبية وان حلها بما يرضي شعب الجنوب العربي هو الضامن الأكيد للأمن والاستقرار ليس فقط في اليمن والجنوب العربي بل في دول الجوار والمصالح الإقليمية والدولية في المنطقة ، حسن الظن امر محمود وسوء الظن في احيانا كثيرة لا يقصد به التشهير والاساءة بل من الخوف على القضية او زلة لسان .. نأمل ممن نرى فيهم قيادات لمستقبل الأجيال القادمة ان يحرصوا على طرح آراءهم فيما يصدر من غيرهم بقدر حرصهم على أراء الغير فيما يطرحون .. ليس من الحكمة الاساءة للآراء والمشاريع السياسية التي تتعارض مع توجهاتنا فهذا سلوك اقصائي لما لا يتفق مع توجهاتنا ، والاحرى بنا ان نحتكم في تبايناتنا لمقوله الامام الشافعي رحمه الله قبل الف عام تقريبا ( رأي صحيح ويحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ ويحتمل الصواب ) .