هكذا هم لم يغيرهم الزمن...تبقى الحديدة بقرة حلوب بالنسبة لهم، نعم انه حال الحكومات المتعاقبة تجاه مدينتي الحديدة، ولنفس نبرة دموع التماسيح السابقة، ها هي قيادات الدولة في الداخل والخارج تتباكى عليها اليوم، ودموع اليوم تخرج من نفس العيون ولنفس الغرض: طمعا بمواقع في الفترة الانتقالية..اعرفتم اذا لماذا التباكي اليوم على الحديدة ومن فيها؟؟.. جلود ابناء الحديدة قد انسلخت منهم واصابها التقيح واصبحت الروائح الكريهة تخرج منها...هذا للذين ما زالوا يصارعون الحر وهم احياء، اما الذين اخذوا حصتهم من العذاب ثم وراهم اهلهم في اقرب حفرة، فقد كانت قصصهم مع عذاب الحر الجهنمي الدنيوي رهيبة وقاسية والكتابة عنها كالذي يريد الامساك بقطرات الماء. نحن سكان الحديدة هكذا هو حظنا ، مدينة غنية وسكان فقراء، بحر لا حدود له، ترسوا فيه البواخر لتفرغ حمولاتها في صنعاء، محطة كهرباء اعمدتها تصل لصنعاء حاملة التيار الكهربائي ومدن الحديدة تكتوي فقط بدخان المحطة الكهربائية، التشغيل منها والتحكم من صنعاء، تبنى المنشات الضخمة من فنادق ومنتجعات ولا يقدر على ارتيادها الا من يحمل اكواما من النقود الجديدة والاتي من صنعاء ايضا..اما الحديدي فليس مسموحا له الا بنظرة الحسرة والندامة. الان ومع قرب الاتفاق السياسي بعد ان دمرت اليمن ومات اهلها قصفا وقنصا وحرا، قيادات الدولة في الداخل والخارج تستفيق وتشعلها ثورة كاذبة ضد حر الحديدة...اليس سكان الحديدة على هذا الحال منذ عام، وميناؤها يستقبل انواع السفن العملاقة المحملة بالمشتقات السوداوية التي تفرغ براس عيسى لتباع باثمان باهظة للمواطن المسكين، اليست هي نفس المدينة التي لم يسمح بدخول السفن التي للخارج مصلحة في دخولها فقط، فيما يطال المنع بقيتها تحت ذرائع واهية ساهمت في موت الكثيرين. ما نشاهده اليوم في القنوات الوطنية والخارجية من صراخ كن ظل ساكتا عاما كاملا يتلذذ بقتل ابناء الحديدة، لهو امر مضحك ومبكي في نفس الوقت، فعام من السكوت المبكي يعقبه شهر من التباكي المضحك، لا لشيئ الا ليستمر الضحك على من تبقى من ابناء الحديدة، ومواصلة خداعهم بأنهم يهتمون بهم، اين هم من المستشفيات التي توقفت منذ اشهر؟ ومراكز الغسيل الكلوي التي مات مرتادوها على كراسيها؟..لماذا هذه الصحوة الغريبة؟ هل من اجل الحر؟؟ لا لان الحر ما فارق الحديدة ابدا..هل من اجل رمضان؟ من يخاف رب رمضان سيرحم عباده في غيره من الاشهر...انها الفترة الانتقالية التي يبحث فيها كل متسول للسلطة عن فرصة للاستمرار في نهش الجسد التهامي، ليواصل خداع سكانها المتعلقين بقشة رجوع الكهرباء وهم غارقون في بحر عرقهم الممزوج بقطع من جسدهم.. الحديدة ليست كفنادق الرياض والكويت العامرتان بالمكيفات، وليست ايضا كقصور صنعاء التي يتوارد اليها الهواء البارد من كل مكان....لو كانت كذلك لما حل بها وبأهلها ما حل..ولكنها وهم غلبهم قهر الرجال، وهو القهر الذي استجار منه سيدنا محمد صل الله عليه واله وصحبه وسلم. انها دنيا يعقبها موت ودخول في حفرة مظلمة وبعدها حساب وعقاب...ألا يعلم كل من قطع الكهرباء عن الحديدة ان الله عز وجل سيقطع عنه رحمته بداية بموتة سيئة وقبر موحش ونار شديدة...لو كان يعلم علم اليقين بذلك ما فعلم باطيب اهل اليمن ما فعل...انهم هم من جاء فيهم قول الرسول الكريم: ارق افئدة والين قلوبا...انهم قوم سيدنا موسى الاشعري رضي الله عنه..وهاكم اليوم قد فعلتم بهم ما فعلتم، فانتظروا ما الله فاعل بكم في حياتكم وبعد موتكم ونشوركم.. الكهرباء ستعود للحديدة لا محالة بعد هذا الاصفاف المريب من الداخل والخارح...ولكن على سكان الحديدة الا يشكروا احدا الا الله سبحانه وتعالى، فما لاحد منة ولا فضل عليكم ، فلقد عاقبوكم بما لم يستطيعوا هم مواصلة التعذيب، لان اساليبهم وطرقهم التعذيبية نفذت ، فلم يعد امامهم الا الرصوخ لعزيمتكم وصبركم، فصبر وعزيمتنا كانا اشد ايلاما مما فعلوه بنا، فلا تظنوا انهم يحسنون الينا، بل هم يسلمون بهزيمتهم في قهر الجسد التهامي الذي اصبح اشد تصلبا من الحجر الاصم.