ان ما يحدث في عدن وباقي المحافظات الجنوبية من جرى انقطاع التيار الكهربائي المتكرر الى أكثر من 16 ساعة يومياً هو ماساة تضاف الى تلك التي عانى منها المواطن اثناء الحرب من قبل مليشيات الحوثي وجيش عفاش على الجنوب. تلك الماساة التي اكهلت عاتق المواطن لا تختلف كثيراً عن ماساة عبث مليشيات الحوثي وجيش عفاش. فبعد ان تحررت عدن واخواتها من عبؤس الظلام تصبح محتلة لظلام الكهرباء والماء. ان الدور الذي قامت به دول التحالف دور كبير في مساعدة ابناء المحافظات الجنوبية على اخراج مليشيات الحوثي وجيش عفاش, فهل تفشل امام مساعدة الجنوبين في هذه المحنة التي لاتقل خطورة عن تلك السابقة التي قدم خلالها ابناء الجنوب قوافل من الشهداء في سبيل تحرير ارضة من صنوف الاضطهاد والظلم من جرى عبث تلك المليشيات الحوثية وجيش عفاش. فلماذا هذا الصمت المهيب من دول التحالف تجاه هذه المشكلة التي يعاني منها المواطن في عدن وباقي المحافظات الجنوبية ولا سيما في هذه الفترة والمقبلة على شهر رمضان الفضيل التي يزداد فيها الصيف حراً ؟ فهناك كثير من المرضى بالقلب والسكر والضغط لقيوا حتفهم بسبب صيف الحر الشديد وتلف المعدات الطبية التي تستخدم لمعالجة اؤليك المصابين بتلك الامراض. وهناك كثير من الادوية التي تتطلب جواً بارداً للمحافظة عليها لفترة زمنية أطول تعرضت للتلف بسبب انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة. لا ننكر دور التحالف في مساعدتها ولكن لم يكتمل الدور حتى تستقيم البلد على رجلها, فما خلفته الحرب في الجنوب ليس بقليل ويحتاج الى وقت لاعادة واصلاح اماكن التخريب التي هي في كل شارع وبيت ومرفق حكومي أي يمكننا القول انه دمار شبه كلي في عدن واخواتها. كما نشكر الامارات على تقديمها بعض المولدات الكهربائية لعدن خلال هذه الايام لكنها لم تحل المشكلة كلياً. بل كل ما في الامر أنها ساعدت على تخفيف فترة الانقطاع اليومي من ثلاثة ساعات الى ساعتين, فبدلا من تشغيل الكهرباء لمدة ثلاثة ساعات وقطعها ثلاثة اخرى وهكذا دواليك اصبحت 2-3 ساعات. فالمعاناة لم تنتهِ في ظل فترة الصيف, بل ان وضع المواطن يزداد سوءً, فكما قال الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش :" عام يذهب وآخر يأتي وكل شيء فيك يزداد سوءً يا وطني !". بعد اخراج مليشيات الحوثي وجيش عفاش بفضل المقاومة الجنوبية التي شكلها شباب الجنوب وانخرط فيها كل ابناء الجنوب تلبية لنداء الوطن وبدعم من دول التحالف لهما بالسلاح, استبشر المواطن خيراً لكي ينعم في وطنه بعيش السلام الا ان هذه الفرحة لم تكتمل فقد زادت الخلايا النائمة وازدادت عمليات الاعتقالات لابناء الجنوب والتي كان من ضحايا هذه الاعتقالات محافظ عدن البار الذي قتل بدم باردة اللواء/ جعفر محمد سعد عبدالله, لانه كان يسعى الى حلحلة كل القضايا الموجودة على الساحة في عدن, فبعده تم تعيين اللواء/ عيدروس الزبيدي محافظاً لعدن واللواء/ شلال مديراً لامنها. وقد وضعا القائدان نصب اعينهما معالجة القضية الامنية في عدن, ونجحا بنسبة 95% من القضاء على كافة الخلايا النائمة التي تعمل على زعزعة الامن وسكينة المواطن في عدن في فترة قصيرة, الا أن - المحافظ الباسل اللواء/ عيدروس الزبيدي- يجد امامه مشكلة اخرى وتحداً اخر وهي مشكلة الكهرباء والماء. من يقف وراء هذه المشكلات والتحديات التي تعصف بالمواطن في عدن وغيرها من المحافظات الجنوبية المحررة؟ هل يعقل ان دول التحالف تعجز امام ابسط هذه التحديات والمشكلات في ايجاد حلول نهاية لها؟ عجز دول التحالف أو التهاون بحل مشكلة الكهرباء والماء في عدن واخواتها - المحافظات الجنوبية الاخرى- يعطي فرصة اخرى للعدو- مليشيات الحوثي وجيش عفاش- في ايجاد سبل اخرى يستطيع التحرك من خلاها لاجهاد وتشتيت دور دول التحالف. فبهذا تعطي دول التحالف منفذاً سرياً اخر للعدو- مليشات الحوثي وجيش عفاش- للتنفس من خلاله الصعداء والذي يستفيد منه في اطالة فترة الحرب واجهاد مقدرات دول التحالف. فهناك ايادي خفية تقف وراء مثل هذه المشكلات التي تواجه محافظة عدن وبقية المحافظات الجنوبية. فهل ياترى دول التحالف على بينة بتلك المشكلات التي تدار باّلية القوى الخفية وهي فقط تغض الطرف لاسباباً ودواعي اخرى تتعلق بتهديدات لها من قوى أقوى منها خارجياً؟ أم انها تتجنب ذلك لكونه لا يعتبر من مهامها الأساسية حالياً, لان هدفها هو التدخل العسكري فقط. فأن كان ذلك فهذه مصيبة عظمى, و قد تكون بمثابة القشة التي تقصم ظهر التحالف, أم أنها لا تعدو أن تكون مجرد زوبعة فنجان, ولكن زوبعة الفنجان تطورت وقد تكون سبباً في فشل التحالف المستقبلي في هذه الحرب.