المعلمون والتربويون شمعة تضيء لنا الليل الحالك ، ليل الجهل ، وهم أكثر شرائح المجتمع معاناة فهذا الشهر الثالث يلوح بالانصراف وهم بدون معاشات ، مر عليهم عيد الأضحى ولم يفرحوا فيه كما يفرح الناس ، ولن تحرك الحكومة شيئاً ، حتى لم تكلف نفسها بتقديم اعتذار لهؤلاء المعلمين الذين تقطعت بهم السبل فهم من على عتبات التجار يُطردون ، فليس لهم حيلة إلا الانتظارلحكومتنا الموقرة لعلها تتكرم بصرف الراتب . ماذا سيقول شوقي لو عايش وضع المعلمين في بلادي ، وهو القائل : قم للمعلم وفه التبجيلا ؟ أظنه لو عاش هذا في مصر في أيامه لدعا مصر كلها عن بكرة أبيها للهبة ، ولطلب من النيل أن يغرق الفاسدين ، ولهتف في أذن حاكمها أن يتهيأ للرحيل ، شوقي الذي عرف قدر المعلم وعلم أن لانهضة للوطن بمعزل عن المعلم . أما تدري ياشوقي أن المعلم في بلادي قد سلبوه كل شيء حتى معاشة البسيط سلبوه ، بل سرقوه لأنهم يتاجرون به في الأسواق ، أما علمت أن المعلم قد مر عليه العيد بطعم المُر ، أما علمت أن المعلم في بلادي أصبح وكأنه يتسول رغيف عيشه من على أبواب التجار ، أما علمت يا شوقي أنك قد شططت في تبجيلك للمعلم ، لأن المعلم في بلادي لا قيمة له ولا لمكانته التي ذكرتها . إن الأمم لا ترقى إلا بالعلم ، وتكون أكبر الميزانيات فيها للتعليم ،وفي بلادي لايُعطى المعلم معاشه الذي لا يكاد يُذكر . فمسكين أنت أيها المعلم لقد رأيتك متلهفاً لراتبك ، وتسأل في كل محفل ، هل سيأتي الراتب ؟ متى سيأتي الراتب ؟ هل سيأتي شهر ، أم سيأتون لنا بشهرين ، أم سيتكرمون ويأتون لنا بثلاثة ؟ مسكين أنت أيها المعلم نسيت السؤال عن الإكرامية والتسويات والعلاوات ، ولم تسأل إلا عن الراتب ، لقد كتبت مقالاً تحت عنوان يا رب سلم لي الراتب ، عندما رأيت بوادر قطعه ، فقطعوه ، ولسان الحال اليوم يلهج بالقول : يا رب يسر لي ويعود الراتب ، قولوا: آمين ، كتبت هذا ونحن على عتبات العام الدراسي الجديد ، ومعلمونا يبحثون عن رغيف العيش في بلاد الحكمة والإيمان ، قلت قولي هذا والله من وراء القصد .