أختصر السيد "آرثر جيمس بلفور" على اليهود عشرات السنين للحصول على وطن كامل السيادة ينمو ويتوسع كل يوم أكثر فأكثر كالجهل في بلاد العرب، ولحسن حظ اليهود لم يخلفهم بلفور وعده – ربما لأنه لم يكن رجل دين - فدخلوا فلسطين وصنعوا لهم ما شاءوا من العدم، وقد يتساءل أحدكم من خلال العنوان عن وجه الشبه بين وعد بلفور والوحدة التي تمت بين شمال اليمن وجنوبه، ويظن آخر ان المقارنة بينهم تدل على أن الشمال يهود محتلين نهبوا أرض ليست أرضهم واستحلوا دماء حرمها الله! وهذا غير صحيح بل العكس تماماً، ولابد أن نوضح هنا شيئين، أولاً: أن التجربة اليمنية تختلف عنها في فلسطين فالكفار هنا كانوا اصحاب الأرض، ثانياً: ان القادمين من الشمال كانوا قادة الفتح الإسلامي الثاني، ولكن هذه المرة كان فتحاً بالسيف! ما العلاقة إذاً؟ لا توجد علاقة، فالوحدة اليمنية لم تكن وعداً بل كانت أشبه بعقد زواج باركه "المفتي" بالنيابة عن ربه، وما لم يتوقعه أحد فقد كُتب في العقد أن الجنوب "أنثى" مع أنه كان فحلاً يتباهى بفحولته أمام العرب، واللغة أيضاً تمنحه الذكورية بطلاقه، وهذا ما دفع أهله أن يستفسروا المفتي عن الحكمة في هذا؟ فقال أن أحد من الشطرين يجب أن يكون أنثى لكي يكون العقد بطريقة شرعية ترضي الله وأضاف أن هذا العقد مجرد حبراً على ورق ولن يؤثر في شيء، وقد أثبت هذا في خطبته العصماء عند تقسيم الأرض وثرواتها قائلاً: إن الله حدد لكل شطر نصيبه فقال في كتابه (للذكر مثل حظ الأنثيين) والغريب ايضاً أن حظ الأنثى لم يصل، هنا أدرك الجميع كم كان يجب عليهم التفكير قبل الدخول في الإسلام! في السنوات التالية تجلت حكمة المفتي في حل الكثير من القضايا في الدولة الوليدة، فلا ينكر إنجازاته إلا جاحد فهو أول من اقترح علاج الأزمات السياسية والاقتصادية بالأعشاب والرقية الشرعية والسليط الجلجل، وعندما سأله أحدهم عن مصير أحد المخططات التي كان من المقرر أن تُبنى فيها عدد من الأبراج أجابه: أن من يسكنون بناطحات السحاب ليسوا أقرب إلى الله ممن يسكنون في الأكواخ! وسأله آخر سبب عدم إشراكه للشباب في الحكومة؟ "الشرك حرام"، ويحسب له أيضاً أنه أول من أحيا قول النبي (من استطاع أن يشفع لأخيه فليفعل) فقام بتوظيف رئيس مكافحة الفساد عن طريق الواسطة، ولكن احداً لا يعرف سبب اعتراضه من زواج "شكسبير" بإحدى سيدات بني مطر! ولا يعرف أحداً أيضاً سبب قرار الجنوبيين بالثورة والخروج من نور المفتي لظلام المجهول، عذرهم الوحيد أنهم لم يكملوا نصف دينهم بهذا العقد بل أضاعوا النصف الذي كان معهم، وهنا أذكرهم أن بعد ثورة 26 من سبتمبر في شمال اليمن أصبح الناس في حاجة ل 26 ثورة للتخلص من نظام الحكم المقدس في العاصمة سنحان، وبعد ثورة 14 من أكتوبر أيضاّ يحتاج الجنوب ل 14 ثورة لاستعادة الاستعمار البريطاني، لذلك يجب أن نفكر جيداً قبل إكمال الثورة لكي لا ندخل في بلبلة سياسيه ودينية أخرى. (البلبة هي أُنثى البلبل). وإذا كانت الرغبة في الانفصال إرادة الجميع لماذا لا نجرب تقسيماً آخر فبدلاً من تقسيم اليمن من شمال وجنوب كما حدث معنا سابقاً وكما حصل في الكوريتين أيضاً نقسمها إلى شرق وغرب إذا كانت التجربة الألمانية تمت بشكل أرقى، أفضل من أن نتركها لعصابة تقسمها بمعرفتهم!
اعلان لمن يهمه الأمر: علي محسن الأحمر يبحث عن فكة لأرضيته في منطقة البريقة وحبذا لو يكون الصرف في المناطق الداخلية لعدن!