لم تكتف السلطة اليمنية المعترف بها دولياً والمسماة بالشرعية اليمنية بأنها لم تستفد من قوة شريكها الجنوبي الذي شاركها الحرب طيلة شهور وما زال والصانع الأبرز للنصر العسكري الذي تحقق ضد قوات الحوثيين والرئيس السابق صالح ولم تكتف أيضا بأنها أدارت ظهرها لهذا الشريك الجنوبي وغيّبت عن عمد قضيته سياسياً وإعلامياً بل أنها شرعت بعدة طرق تحاربه بكل ما تمتلكه من قوة بعد أن أدارت حِرابها السياسية والإعلامية والاقتصادية جنوباً بدلاً من أن تظل موجهة شمالاً صوب صنعاء، وأهملت إلى حدٍ كبير حربها الرئيسة ضد خصومهما جماعة الحوثيين وصالح، تمثلت هذه الطرق بإفشال الجهود التي تبذلها السلطات المحلية والأمنية في عدن وعدد من محافظات الجنوب بل وتشويه أي خطوة تقوم بها تلك السلطات المحلية والأمنية، هذا بالإضافة إلى أشكال الحرب الأخرى الاقتصادية وحرب الخدمات، وسعيها لتفتيت وشق وحدة الصف الجنوبي السياسية والثورية بالميدان، ووضع مطبات لا حصر لها بوجه هذه السلطات كموضوع المرتبات والكهرباء وغيرها من الأمور الخدماتية وحماية مراكز الفساد ورموزه، حتى أن الاعتقاد ترسخ بالشارع الجنوبي بأن هذه الشرعية اليمنية أصبحت هي المشكلة التي يعاني منها بدلاً مما كان يعتقد أنها جزء من الحل.! هذا التعامل السلبي للشرعية تجاه الجنوب انسحب على موقف دول التحالف تجاه الجنوب؛ فهذه الدول التي أتت لقطع دابر النفوذ الإيرانيباليمن ونجحت إلى حد كبير بذلك بالجنوب بفعل النية المخلصة للشريك الجنوبي الذي يمثل معها ومع الشرعية مثلث الشراكة الحالية؛ تمثل هذا الجحود العربي تجاه الجنوب بعدة صور منها: إهمال المقاومة الجنوبية وتقسيم رموزها بين الرياض وأبو ظبي، وإفشال مشروع تحويل المقاومة الجنوبية إلى لبنة جيش وطني جنوبي كان من الممكن أن يكون رأس الحربة وخط الدفاع المتقدم للدول الخليجية بوجه التوسع والنفوذ الإيراني خصوصاً بعد أن اختلت المعادلة على الساحة الدولية لمصلحة إيران من خلال تنامي النفوذ الروسي بالمنطقة مقابل انحسار الدور الأمريكي المساند لدول الخليج وفتور علاقاتها مع الحليف التاريخي الأمريكي المتهم ببذر شجرة الجماعات الإرهابية بالشرق الأوسط وارتداد ذلك على أوروبا الشريك القوي لأمريكا وتململ هذه الشريك من سياسية أمريكا السلبية تجاه الإرهاب الذي يضرب عواصم هذه القارة العجوز، هذا إضافة إلى اهتزاز الاقتصاد الخليجي جراء تدهور أسعار النفط الذي تعتمد عليه هذه الدول اعتماد كلي تقريباً، ما قد تتحمله هذه الاقتصاديات قريباً من أعباء إعادة إعمار اليمن المدمر، مقابل أزدها الاقتصاد الروسي الداعم لإيران واتساع صف الحلف الآخر بين سورياوإيران وتركيا وهذه الأخيرة كانت تقف بالصف الخليجي إلى عهد قريب، وربما تلتحق بهذا الحلف قريباً الصين التي تنشط حالياً بعلاقات مع دمشق. كل هذا العبء يزداد بوجه دول التحالف يأتي في ظل تجاهلها للطرف الجنوبي كشريك سياسي وبشري وجغرافي هام ابتلي بشركاء سوء قصيري البصر والبصيرة.