ليس خافيا على أحد أن الأحداث الدامية التي تشهدها بلادنا فتحت أمام عامة الشعب اليمني الذين يقدرون ب(30) مليون نسمة أبوابا متعددة للبؤس والحرمان، حيث كان للصراعات المشتعلة في اكثر من منطقة .. تداعيات خطيرة ألقت بالملايين منهم إلى رصيف الفقر والبطالة، فيما بدأ شبح المجاعة والاوبئة يخيم على عدد من مناطق البلاد ويتهدد حياة مئات الآلاف من السكان. وللأسف انه ومع استمرار واتساع دائرة العنف في البلد، زادت معاناة المدنيين، الذين يتحملون العبء الأكبر للعنف والصراع، واتسعت خارطة النزوح الإنساني لآلاف من الأسر، في عدد من المحافظات، والتي مع انتقال الحرب من محافظة لأخرى، تبادلت الأدوار مع بعضها البعض، فالمحافظات التي استقبلت بالأمس النازحين، الفارين إليها من محافظات أخرى، باشتعال الحرب فيها أصبح سكانها نازحين فيها اليوم، وصار الشعور بالأمان أقرب للمستحيل، ولم يعد هناك من شيء سوى دوي المدافع ولعلعة الرصاص، التي رسمت ومازالت خرائطا من المآسي والأحزان، بدم آلاف النساء والأطفال والشيوخ، تحت مبررات مختلفة، لتنسف بذلك كل مقومات العيش والاستقرار والأمن الاجتماعي والسكينة العامة. أما ما يدمي القلب انه ومع توسع رقعة الفقر في البلد - أصبح الوضع الإنساني أكثر سوءا، وانعدمت سبل الحياة أمام المواطنين، حيث لم يعد باستطاعة العديد منهم تدبير قوت يومهم أو ما يسد رمق جوعهم هم واطفالهم .. ونتيجة لذلك وجميعنا يعي ذلك جيدا تزايدت ظاهرة التسول بشكل غير مسبوق، حيث صارت شوارع المدن الرئيسية تكتض بالمئات من المتسولين، معظمهم من النساء والأطفال .. خصوصا بعد انقضاء ثلاثة اشهر دون تسليم رواتب موظفي الدولة .. وهو الامر الذي فاقم المشكلة ودفع بكافة المنظمات الدولية وحتى المحلية لتصنيف الوضع في البلاد بأنه اكثر من خطر. ما نود قوله في هذا المقال القصير أن حجم الكارثة الإنسانية التي تشهدها البلد، يفوق كل التصورات وأنه وفي حال استمرت الاوضاع على ماهي عليه من تدهور فإن تداعيات وآثار ذلك ستكون كارثية بكل المقاييس وحينها سيستعصي على الجميع مواجهتها ومعالجتها بما في ذلك المجتمع الدولي. وعليه فإننا نناشد ونطالب كافة الاطراف والمكونات السياسية في البلد وجميع العقلاء بمراعاة ذلك وتحكيم عقولهم وضمائرهم والعمل على تغليب مصلحة الوطن وهذا الشعب البائس على المصالح الشخصية، وترك المماحكات والاحقاد جانبا، والجلوس بشكل جدي على طاولة الحوار لمناقشة كافة المشكلات والازمات التي تشهدها البلاد والخروج بحلول حقيقية وجادة تنقذ البلد والشعب من الكوارث التي تعصف به .. ومن ثم نتجه جميعا لمرحلة البناء والتعمير .. وباعتقادي ان هذا المطلب اصبح اليوم حلم كل اليمنيين.