يٌقَدّرٌ تقدم الأمم والشعوب حضاريا بمدى تطور وتقدم الخدمات التي توفرها الدول والحكومات لمواطنيها ، كخدمات المياه والصحة والتعليم والنظافة وغيرها من الخدمات الضرورية والهامة للحياة ، وتأتي في مقدمة هذه الخدمات الطاقة الكهربائية بمختلف استخداماتها ، ولا يمكن الحديث عن تقدم اي مجتمع من المجتمعات البشرية وتطوره ،إلا بتوفر هذه الطاقة توفيراً كاملاً ، وتعاني بعض من الدول النامية مشكلات كبيرة في الطاقة الكهربائية ، بسبب الفساد وسوء التخطيط والإدارة ، وكذلك الحروب التي تدمر البنية التحتية لهذه البلدان ، وخاصة محطات توليد الطاقة الكهربائية التي تمد المدن ، وتعيش كثير من المدن والقرى في ظلام دامس لساعات طويلة ، بل بعضها لأيام وشهور ، كما هو حاصل في الجنوب ، بعد عدوان تحالف الانقلابيين الهمجي على الجنوب في عام 2015 م ، واستهدافه المتعمد لمحطات الطاقة الكهربائية ، في تلك المدن التي تعرضت للعدوان ، حيث لا زالت تعاني حتى اليوم من غياب التيار الكهربائي لساعات طويلة ، مما ضاعف من معاناة المواطنين ، وأكثرهم معاناة مدينة عدن وأهلها ، التي تستضيف الرئيس ونوابه ، والحكومة الشرعية ووزراءها ، في مشهد وكأنه يأتي متعمداً ، عقابا لهم لتحررهم من هيمنة الانقلابيين ولمليونياتهم التي تطالب بالحرية والاستقلال . لكن ما يبعث على التساؤل والاستغراب ، هو تكرار أزمة الكهرباء وانقطعاتها في مديريات وادي حضرموت ، حيث تزيد حدة هذه الانقطاعات في فصل الصيف سنويا ، وقد عادت هذه الأيام ظاهرة قطع التيار الكهربائي لعدة ساعات ، بعد أن شهد تحسنا نوعا ما خلال الشهور الماضية ، ويبرر المسؤولون هذه الأنقطاعات تارة بسبب أزمة المشتقات النفطية وتارة أخرى يٌرْجعونها إلى خلل فني ، والحقيقة لايدركها إلا أهلها وأصحابها الذين يتعاملون مع هذه المؤسسة الحيوية ، فحضرموت لم تشهد حرباً ، وربنا يحفظها إن شاء الله من كل مكروه وشر ، لكنها تشهد حربا خفية من نوع أخر ، تدخلات وأطماع ودسائس تحاك ضدها من أطرف عدة ، وفساد وسوء إدارة وولاءات متعددة ، كل طرف يريد أن يفرض هيمنته وسلطته عليها ، تحالف الإنقلابيين من خلال ما تبقى لهم من رموز ، يحاولون عرقلة تطبيع الحياة واستمرارية تردي الخدمات بما فيها الكهرباء ، لخلق حالة من التذمر بين صفوف المواطنين ، المواطن أيضا هو الآخر يسهم في أزمة الكهرباء ، لعدم سداد ماعليه من ديون للمؤسسة ودفعه بانتظام فاتورة الاستهلاك الشهري ، وكذلك لغياب الحس الترشيدي لاستهلاك الطاقة الكهربائية لدى المواطن ولدى الكثير من المؤسسات العامة ودور العبادة ، فتجد من يستخدم المراوح والمكيفات في فصل الشتاء والاسراف في الإنارة وغيرها ، فيأتي فصل الصيف . وتأتي المعاناة الشديدة لعشرات المواطنين ، ولاسيما الذين لا تسمح لهم ظروفهم المادية بامتلاك المواطير أو غيرها من الوسائل المولدة للطاقة الكهربائية ، وأتمنى أن لا تتكرر أزمة الكهرباء ومعاناة المواطنين ، كما حصل في السنة الماضية والسنوات التي قبلها ، وهذه مسؤولية تتحملها السلطة المحلية في الوادي والصحراء ، وكذلك السلطة في المحافظة ، التي نرى اهتماماتها تتركز بشكل أكبر على مديريات الساحل دون مديريات الوادي ، قد يعود السبب لقربها من سلطة المحافظة ، وللوضع العسكري الاستثنائي التي تعيشه مديريات الوادي والصحراء، وهنا تأتي الضرورة الحتمية أن تخضع المحافظة لسلطة عسكرية وأمنية وإدارية واحدة ويتولى هذا الملف أبناؤها، وإلا ماهو مبرر عدم زيارة المحافظ منذ تعيينه في هذه المحافظة للوادي .