أحدثت مقالة وزير الخارجية الأسبق خالد اليماني في سوث24 صدمة عنيفة داخل أوساط النخب اليمنية، ليس لأنها حملت جديداً، بل لأن قائلها رجل دولة جنوبي ظل حتى وقت قريب مدافعاً عن مشروع الوحدة قبل أن يدرك حقيقته ومآلاته الكارثية على الجنوب كما جاء في مقالته. اعتراف صريح من اليماني بأن استعادة الدولة الجنوبية بات أمراً واقعاً، كان كافياً ليدفع تلك النخب إلى حالة تشنج غير مبررة ضد رجل لطالما امتدحهم ووقف في صف الدفاع عن مصالحهم ومشروعهم على حساب مصالح أهله ووطنه. بهستيريا تكشف ضآلة الموقف، انهالت النخب اليمنية على اليماني بالشتائم والاتهامات؛ من تخوينه واتهامه بالبحث عن منصب داخل الانتقالي، إلى تجريده من انتمائه الجنوبي ووصفه ب"الهندي" وهي الوصمة العنصرية التي اعتادها الجنوبيون من بعض ساسة اليمن ضد كل جنوبي يرفض الخضوع لهيمنتهم، في محاولة بائسة لطمس هوية الجنوب وتشويه أصله عبر محاولة تثبيت فكرة إن الجنوب أرض يمنية يقطنها هنود وصومال.
هذا السعار اليمني ليس دفاعاً عن "وحدة" لم تعد موجودة، بل خوفاً من الحقيقة التي قالها رجل يعرف كواليس الدولة اليمنية الهشة من الداخل وما يرسم لمستقبلها. رجل أدرك أن الجنوب يتوحد، وأن الوعي الجنوبي يستعيد نفسه، وأن مشروع استعادة الدولة لم يعد مطلباً بل مساراً حتمياً.
تدرك النخب اليمنية أن أصواتاً بحجم اليماني ستتكرر بفعل الصحوة الجنوبية القادمة، وأن جدار الوهم الذي عاشوا خلفه ثلاثين عاماً قد تشقق بصورة لم يعد معها قابلاً للترميم، لذلك لم يجدوا على اختلاف مشاربهم اشتراكياً ومؤتمرياً وإصلاحياً وناصرياً ومستقلاً، بل ومنهم وزراء زاملوا اليماني كالرويشان، سوى لغة الشتائم والعنصرية لمواجهة حقيقة واحدة لا يستطيعون إخفاءها وهي أن الجنوب ماضٍ نحو استعادة دولته.
لم يكن خالد اليماني أول العائدين ولا آخرهم، بل إن هناك من قد عاد دون إعلان، وهناك مسؤولون جنوبيون كبار وكُثُر محسوبون على مشروع الوحدة باتت قلوبهم تتراقص فرحاً مع كل نصر يقرب من استعادة مجد دولتهم الجنوبية، والأيام حبلى بالمفاجآت.