المستغرب أن كثير من الأمور تسير إلى ما لا نريده ، و تصب في مسالك خارج قناعاتنا وتطلعاتنا ، بل تتساقط تباعا بعيداً عن إدراكنا وخارج قدراتنا فتصبح أحلامنا خفيفة ضعيفة تذروها الرياح عندها ولا غير تلجلج الحقيقة فنصمت صمت الأغبياء ونتوه توهان كل بليد ، لقد تعفنت عقولنا و أصاب الشلل قدراتنا ، الضخ الهائل من المعلومات الموجهة إلينا يهدف إلى صياغتنا خارج الفهم ، وصناعة واقع مغاير يجب أن نعيشه أو نتعايش معه ، لقد شوشت كثير من العقول ، وارتهن كثير من الناس لقطرات الوهم المتساقطة في أفواههم يرونها العلاج والواقع ينطق عكس ذلك . عندما سقط القشيبي ولول الإخوان بسقوط سد ذو القرنين ، اتهم الإخوان هادي بأنه من تآمر على السد واخرج قوم يأجوج ومأجوج على اليمن واعتلوا صنعاء ، اتهموا هادي بنسف الثورة والجمهورية والوطن برمته وطالبوا بمحاكمته على هذا الفعل ، في الحقيقة تحالف الإخوان وصالح وحكمهم وجبروتهم وغطرستهم على تلك المناطق عززت من ذوبان زبر الحديد ، المظلومين هناك استقبلوا الثوار الجدد وحملوا كثير من أسنة رماحهم وقاتلوا في صفوفهم و أزاحوا الظلم السابق فسقط جدار الإخوان الهش ، الجدار الذي أسس على ظلم لا يصنع العدل ولا يلتف حوله الناس وان وقعوا الناس في ظلم اشد . هادي لم يستطع حماية نفسه من الأذى والاعتداء في إطار منزله الشخصي في صنعاء ، لم يتحرك مع هادي جندي واحد من اليمن ، ثم من منع الإخوان من حماية صنعاء وعدم إسقاطها بيد الظالمين الجدد ، أليس الإخوان هم المال والقبيلة والعسكر والساسة وبيت المشيخة والإعلام ، هم القبائل المسلحة والسلاح والعلماء والفتاوى ، هم المعتقد الحق نحو الجنان ، عن أي جيش يتكلمون ، جيش يحمي إمبراطورية فسادهم وفساد قادتهم ، البسطاء من الجنوبيين وبإمكاناتهم الضعيفة وخبراتهم المعدومة وحصارهم المطبق الشديد منعوا علوا الظالمين في عاصمتهم عدن والى هذه اللحظة تعانق أرواحهم السماء حتى تستعاد دولتهم المخطوفة والمدمرة من صالح والإخوان والقادمون من مران ، لا فرق بين الأمس واللحظة إلا في الأسماء والفعل واحد بحق الوطن في اليمن والجنوب . عندما يتحدث سيد الحوثيين إنهم لا يستطيعون تجاوز صالح وكذلك صالح لا يستطيع تجاوزهم معنى هذا أن الراقص على رؤوس الثعابين قد سقط في جوف أفعى مران ، صالح لا يستطيع تجاوز الحوثيين اليوم لقد ضعف ، في كل الأحوال رأس صالح اليوم لن يغير كثير من مجرى الأمور وان كان هذا الأمر بالأمس فاعل لأنه قد طفا على السطح من هو أعظم منه فتك وبلاء ، بدر الدين الحوثي والد عبدالملك الحوثي في لقاء صحفي سابق معه تكلم أنه جلس طيلة شهر كامل في أحد فنادق صنعاء للقاء صالح – عندما كان صالح رئيسا وأثناء حربهم معه – إلا انه عاد إلى مران بسبب تجاهل صالح طلبه ولم يحترم كبر سنه وما يعانيه من أمراض حد قوله ، اليوم صالح لا يلتقي إلا بأفراد يحددهم له عبدالملك الحوثي ولأهداف تعلو بهم وتحط من صالح . من المستغرب أن لا يدرك الكثير أن صالح يتلذذ بما هو عليه الآن ، يتلذذ بتصفية الخصوم ، والقتل ، والنهب ، وتشريد الناس ، وتجويعهم وتدمير كل شيء ، يتلذذ باصطفاف الناس خلف الاسلحه وبقاءهم في المتآرس ، من المستغرب أن لا يدرك الكثير أن صالح قد فاته القطار وهو يعلم ذلك وقد أعطى مقعده للقادمين من مران لمسح كل ما خيل له انه قام ببنائه . الواحدي قائد لواء 111 الفار من ميدي هو وجنده والسلاح أي هرب من الشرعية إلى أحضان الحوثيين مؤشر خطير ومبرراته غاية في الخطورة وتفصيلاته عن الإخوان وأفعالهم مهزلة بحق شعب كامل بل هي جريمة بحق الشعب والشهداء في كل مكان ، في أحد المواقع الكبيرة استغربت من هذه العبارة الجريئة هي (هل أنت مع تحويل مقرات حزب الإخوان اليمني إلى حمامات عامه ) ما الذي دفع الناس إلى هذه الجرأة ، مع رفضي القاطع اجتثاث الخصوم فعسى أن يخرج من أصلابهم خير منهم . كل ما يكنزه محسن وأتباعه في مأرب من مال وسلاح وعدد مهول من الأفراد ستقدم غدا للحوثيين وصالح بصفقه ، إذا لم يوجه كل ذلك اليوم في معارك حقيقية ، ما الجدوى من كل هذا غدا عندما توقف الحرب وتكتسح المناطق سياسيا ، لعاب أنصار الله يسيل بغزاره نحو مأرب ، في الأمس محسن قدم نفسه للمؤتمر وغدا سيقدم كل ما يقع تحت يده وأتباعه في مأرب لسادة صنعاء ، لا شيء مستغرب ، محسن يدرك أن لا مكان له في صنعاءوعدن وخارطة الرياض وهو أقرب إلى صنعاء من عدن وعبر صنعاء ستجد أقدامه الطريق إلى عدن . ،الرياض نفضت عنها اليوم كل من استضافتهم بما فيهم هادي ، وسيلتقون فر قاء صنعاء وسيداوون جراحاتهم وستنتهي خصومتهم وسيعملون بقلب رجل واحد ، صنعاء الحبشية حنونة على رؤوس الشر إلا على شعبها المسكين . وعلى امتداد صراع الجنوب مع اليمن لم يُبلع الجنوب رغم عظيم تفتيته وطحنه إلا انه اثبت استحالة بلعه ، الأرياني عبد الكريم توارى في لحده وهو صاحب مصطلح بلع الجنوب ، ومعاودة هادي تفعيل هذا المصطلح واتجاهه نحو بلع قيادات جنوبيه قاتلت في الأرض بعد فراره إلى الرياض واستقبلته اليوم مجددا في عدن وسلمت له كل مؤسسات ألدوله مدنيه وعسكريه ومرافق سيادية وإنتاجية وخدمية وتحتها كثير من دماء الجنوبيين ، هذا الفعل إن تحقق أي بلع هادي لقادة الحراك يعد مأساة لن يكتوي بها إلا هادي وشرعيته وستضطرب كل الأمور في الجنوب وستضحك صنعاء كثيرا ليس على الجنوبيين ولكن على هادي ، بلع الآخر مأساة للكل في واقع يبشر أن القادم أكثر خطر وبحاجه إلى مزيد من الالتفاف على بعض وصناعة لحمة البقاء أمام الطوفان القادم على الكل ، في الأردن سيفعل الحوار بعد نجاح لجان التهدئة إن نجحت ، ولكن مخرجات الحل غائبة وغير متوقعه إلى أين ستتجه ، إلا من إجماع واحد هو كيف تُحمى أراضي السعودية .