إن عدم موائمة التوازنات الدولية والإقليمية والمحلية لأهداف الجنوبيين يجب ألا يؤدي للاستسلام للحلول المنقوصة والتخلي نهائيا عن الحقوق والثوابت ، فالوقت الراهن ليس وقت حلول عادلة وعلى اي قيادة وطنية جنوبية ألا تغامر بالدخول في أي حل نهائي الآن . حل الأقاليم جاء في سياق البحث عن حلول وليس هو جوهر القضية الوطنية التي يناضل لأجل تحقيقها شعب في الجنوب ، فجوهر القضية وسياقها العام هو التحرير وعودة دولة الجنوب . وإن وجد للأقاليم قبول لدى فئات في الجنوب فأن الرفض موجود والاختلاف يظل قائم ، ويستدعي إدارة حكيمة للخلافات الداخلية بين مكونات الحالة الجنوبية لظاهرة الانقسام ، والتوصل لإستراتيجية وطنية جنوبية جامعة ، و على الشعب والنخب الوطنية الحريصة على مصلحة الجنوب أن تشتغل على إستراتيجية الحفاظ على الذات الوطنية ودعم مقومات الصمود الوطني الجنوبي .
وفي قراءة لمجريات الأحداث على ارض الواقع في ظل وجود الانقسام الجغرافي السياسي والتغيرات الدراماتيكية في المنطقة والتي تؤكدها التحركات السياسية المتسارعة دولياً لإدارة الصراع إضافة إلى الضربات المتكررة لمواقع الإرهابيين على أرضنا ، على القوى الجنوبية ان تعيد قراءة الأحداث وتعيد حساباتها للحفاظ على مكاسبها العسكرية وعلى سلامة قواتها وتعيد تموضعها لتبدأ مرحلة تتقبل فيها وتحسن من شروط فرض الحلول السياسية فلتتهيأ لإعلان كيان سياسي يمثل قضيتها الجنوبية للجلوس على طاولة المفاوضات الند للند بحنكة واقتدار في المفاوضات القادمة التي تلوح بوادرها في الأفق .فالأحداث على الأرض تدل على ان التدخلات الإقليمية من قبل التحالف قد شارفت على انتهاءها وستفرض عليها القوى الدولية حدود لمهامها .. فقد بدأت التدخلات العسكرية الدولية بقوة وعلانية وأولويتها القضاء على البؤر الإرهابية وتأمين مصالحها وممرات التجارة العالمية دولية وإقليمية وسيبدأ فرض الحلول ولن تكون الحلول بوفق ما تحقق من انتصارات عسكرية على الأرض داخل مناطق الشمال ولا بإعادة الشرعية وتمكينها من الدخول إلى صنعاء ، فقد أنهكت كل القوى ولم يعد وجود لسلطة تحظى بالقبول قادرة على مسك زمام الأمور وإدارة البلد المحرر جنوباً وشمالاً لتحقيق الأمن والاستقرار عسكرياً وسياسياً واقتصادياً واجتماعياً ..
اليوم وصلت بنا الأمور لنكون بلد تتجاذبه صراعات دولية ليس بمقدور التحالفات الإقليمية مواجهة تجاذبانه والتغلب عليها عسكريا ومثلما ستضطر دول التحالف تقديم التنازلات والمقايضات لضمان استقرار العمق الاستراتيجي لأمنها القومي سيكون علينا تقديم التنازلات لإنهاء التباين في قضايا الخلاف والاختلاف ومواكبة التطورات ومنح ثقتنا للنخب الأكاديمية والسياسية التي أثبتت فاعليتها وتوفير البيئة الملائمة التي تمكنها من تحقيق الأهداف الإستراتيجية بمهنية ومسؤولية وطنية انطلاقا من أرادة الشعب في الجنوب المعيار الأساسي في معادلة الأمن والاستقرار والقوة التي لا يمكن ان تفرض عليه الحلول إلا بما يتوافق بحدوده الدنيا من الاستقرار والأمن وضمان مستوى من العيش الكريم على أرضه الجنوبية . وفي الأخير إننا على ثقة ان الوحدة الوطنية ستصبح واجباً لا مناص منه حينما يتهدد الخطر الإرادة الجمعية تحقيق استقلال دولة الجنوب ، وقد أمرنا الله بالسير في الأرض _بالقلوب والعقول والأبدان _ فلنتفكر .