تشرفت بدعوة كريمة من إدارة مدرسة الشهيدة شمس النقيب لحضور الحفل الذي أقامته بمناسبة عيد الأم والذكرى 13 لاستشهاد شمس النقيب. كان حفلاً بهيجاً عكس روح العمل الجماعي التي يتحلى بها طاقم المدرسة المكون معظمه من النساء والفتيات. ومما زاد الحفل بهجة هو مشاركة أم الشهيدة، ولأول مرة، في حفل تقيمه المدرسة.
أدى فقرات الحفل طلبة وطالبات المدرسة وساهمت الفنانة كاميليا بتقديم مقاطع غنائية جميلة تعبر عن الفرحة بعيد الأم وحب لحج. وقد صاحبها في العزف على آلة العود الفنان احمد فضل ناصر مدير مكتب الثقافة م/لحج.
وأنا أتابع فقرات الحفل عادت بي الذاكرة إلى الزمن الذي عاشت فيه شمس واستحضرت صورتها، بل واسترجعت شريط ذكريات الطفولة والشباب التي جمعتني بأخويها محمود(رحمه الله) وصالح أمد الله في عمره ومتعه بالصحة أيام كانت أسرتهم تسكن في حارة الحاو التي لا يزال لهم فيها ما يربطهم بها من ذكريات وصلات قربى ببعض أهلها.
الشهيدة شمس النقيب تنتمي لأسرة كريمة متفتحة. تمتع أبناؤها بالنبوغ في الدراسة والأخلاق العالية. ظهر منها الطيار والدكتور و والمربي الفاضل.
وليعذرني أحبتي في هذه الأسرة الرائعة والمتماسكة لو قلت بأن جريمة اغتيال شمس لم تكن عائلية محضة، ولكن كان وراءها ما وراءها. فقد كان مقتلها بداية لإغراق الحوطة وتبن في الظلام الذي خيم عليهما فترة، مورست خلف أستاره جرائم قتل وتقطع وتفجيرات لا تقل وحشية عن قتل شمس.
قُتلت شمس لأنها كانت تمثل الماضي الجنوبي الجميل المنفتح عقلاً وثقافة وسلوكاً على العالم. قُتلت لأنها كانت تُمارس محظوراً (في نظرهم) ينبغي ألا يكون له حضور بعد ذلك اليوم في لحج وعموم الساحة الجنوبية. نعم قُتلت لأنها كانت مسؤولة عن الرياضة النسوية في لحج. وهذه الرياضة كانت من ضمن قائمة المحظورات المفروضة على الجنوب والجنوبيين منذ ما بعد وحدة الفيد.
ظنوا أنهم بقتلها سيمنعون شموساً أخرى من الظهور، لكن ما نراه يعتمل في لحج والجنوب هذه الأيام ينبئ بميلاد شموس جنوبية جديدة وهذه التي نراها اليوم بادية إشراقتها في وجوه الأطفال في حفل مدرسة شمسنا، التي لم تغب ولن تغيب أبداً عنا، بعضاً من تلك الشموس المنتظرة