أعلن البيت الأبيض مطلع هذا الأسبوع أن الرئيس دونالد ترمب يتطلع إلى استقبال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في زيارة رسمية لواشنطن في الثالث من أبريل. وأثني الرئيس ترمب على السيسي، الذي يدور حوله جدلا على أنه أكبر ديكتاتور في العالم الاسلامي، كثيرا عقب لقائه به في سبتمبر الماضي. ويبدوا أن ثناء ترمب للسيسي أنه " شخص رائع" وتشارك المرح والمشاعر الجميلة ووعد الرئيس الامريكي أن الولاياتالمتحدةالامريكية ستكون صديقا مواليا وليس حليفا عاديا، ستشهد ثماره مصر في الايام والاعوام القادمة. وقاد السيسي الانقلاب العسكري الذي أسقط أول رئيس مدني منتخب من السلطة وأدى الانقلاب إلى مقتل أكثر من الفين متظاهر واعتقل عدد أكبر. وتجاهل الرئيس أوباما الانقلاب وعمليات القمع التي لحقته لكن الرئيس ترمب كان سعيدا لاحتضان هذا الديكتاتور الجديد في الشرق الأوسط. ومثل باقي الأوضاع في الاعوام الاخيرة، تبرر الولاياتالمتحدة هذا الحب على الارض بمحاربة الارهاب. وفي هذه الحالة انتقدت الولاياتالمتحدة الحكام المنتخبون ديموقراطيا الذين انقلب السيسي عليهم على أسس غير ديموقراطية وسوء التدبير والفساد. ومع انتشار مثل هذه التهم فستلحق تهما أخرى. هل من المعقول، في دولة فيها مؤسسات غير فاعلة ومجردة من أي معارضة حقيقية، أن يتوقع من أي معارضة عذبت وظلمت لعقود وليس لها أي خبرة بالحكم تتولى السلطة والقيام بأي أعمال ناجحة؟ أين مصر اليوم وهل نتوقع بعد قرون من الكبح والفساد وسوء التدبير تحولا كبيرا؟ وبينما ننتظر الاحتضان الامريكي للسيسي الاثنين القادم، نسب شيئا اخر للادارة الامريكية. حيث أشار تقرير لنيويورك تايمز " قرر وزير الخارجية الأمريكي تليرسون إلغاء كل شروط حقوق الانسان تتعلق بصفقة كبيرة لطائرات أف 16 وأسلحة أخرى للبحرين في جهود معالجة صدع بين الولاياتالمتحدة والحليف الصغير في الشرق الاوسط حسب مسئولون في الادارة والكونجرس كانوا في جلسة نقاش." ويضيف التقرير " لك حذف ضمانات حقوق الانسان كشرط للصفقة ربما يكون جاهزا لدى السعودية ودول أخرى في المنطقة كإشارة أن الادارة الامريكية الجديدة تخطط في تسهيل مطالبها في حماية واحترام المنشقين السياسيين والمعارضين." واستذكارا للمظاهرات السلمية التي بدأت 2011 في البحرين فقد ووجهت وستواجه في المستقبل بتعقب وحشي صنفته جهات دولية كجرائم ضد الانسانية. وأكد تقرير اشرفت عليه الحكومة البحرينية لحالات تعذيب وانتهاكات جسدية ونفسية ضد المعتقلين بينما أرسلت السعودية، المهيمنة على البحرين، أرسلت جنودا و دبابات لكبح المظاهرات. والبحرين والسعودية (التي تدفع أموالا مجزية لمسئولين أمريكيين) هما أنظمة أخرى من تلك التي احتضنها الرئيس ترمب علنا. وعلاوة على ذلك، وفي دعم لعملاء ديكتاتوريين ، مطط الرئيس المنتخب الجديد في واشنطن قواعد الاشتباك في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وهي القواعد التي صممت لوضع حد للخراب والضحايا من المدنيين. وألقت الولاياتالمتحدة وحلفائها العرب اللوم على نظام إيران أنه وراء الشغب في البحرين وأماكن أخرى، حتى أن التقرير الذي أشرفت عليه الحكومة البحرينية استنتج أنه لم يكن يوجد دليل على تورط الايرانيين. وبدون دليل صنفت الولاياتالمتحدةإيران أنها راعية الارهاب وأنها قد تتبنى مقترحا للسيسي وسلمان لتصنيف الاخوان المسلمين على أنهم منظمة إرهابية ببساطة لأن الاخوان يريدون العمل كحزب معارض حر وهو الشيء الذي تخشاه مصر والسعودية والبحرين لأنه قد يشكل بذرة لحكم بديل في كل أنحاء الشرق الأوسط. وبوسم الخصوم على أنهم رعاة إرهاب دون دليل أصبح السلاح الجديد في واشنطن لدعم وكلائها الديكتاتوريين. وكيف يمكن تبرير احتضان الانظمة القمعية والموقف المتضارب ضد إيران وقواعد الاشتباك المحررة؟ احزروا. كلها من أجل خوض حرب لاستئصال الارهاب. تتضح سياسية إدارة ترمب نحو العالم الاسلامي، وخصوصا الشرق الأوسط يوما بعد يوم- وسم كل الخصوم كرعاة للإرهاب وتوظيف المزيد من القوة العسكرية مدعومة بمزيد من الجنود والأسلحة ، متجاهلا الدبلوماسية، غض الطرف عن الخسائر في صفوف المدنيين وحقوق الانسان ولاعنا الحكم الديموقراطي. وينبئ أسلوب النظرة القصيرة هذه بمستقبل مشئوم. وأن النية الحسنة التي حصلت عليها أمريكا بعد الحربين العالميتين في الشرق الأوسط قد ذهبت معظمها إن لم نقل كلها مع الريح. حيث أخذت الولاياتالمتحدة أعواما في بناء صورتها كحامية لحقوق الانسان وداعما للحكم الديموقراطي وهو الشيء الذي بدأ يضمحل بإداة القوة الناعمة. وأن كلمات أمريكا الداعمة لقيم الديموقراطية بدأت تظهر على أنها خدع جوفاء. فالخراب لا يقتضي مراجعة سريعة. حيث يقذف الرئيس ترمب الرضيع مع مياه الاستحمام. ومن المحزن فإن هذا الازدوا ج يشير إلى أن استخدام القوة العبثية سيزود الإرهاب بعشرات الالاف من الملتحقين الجدد وسيزيد من خطر الارهاب. لماذا؟ كيف سيشعر أي شخص إذا كان حاكمه المدعوم بجنود وأسلحة أمريكية، يعذب وينتهك ويقتل أحبته؟ كيف سيكون شعور أي شخص عندما يرى قصفا عشوائيا للأمريكان أو أنظمة مدعومة أمريكيا يقتل أو يجرح أحبابه؟ ما هو شعور شخص ما إذا كان النظام القمعي المدعوم من أمريكا يصادر حريته؟ كيف ستشعر أي أنثى مقهورة عندم ينهب نظام ديكتاتوري مدعوم من أمريكا حلمها بمستقبل أفضل. ألن يكون أي شخص يعيش تحت ظل هذا الكبح عرضة لوعود كاذبة من الارهابيين كأمل وحيد في التغيير؟ بالنسبة لنا الاجابة واضحة- دعم الطغاة قولا وعملا يمنح الارهابيين أفضل دعاية لتسجيل العامة ضد الولاياتالمتحدةالأمريكية لأعوام. كل الارهابيين وكذا الحكام الطغاة يستخدمون تفسيرات خاطئة للإسلام في محاولاتهم لتشريع حكمهم غير الشرعي والذي يوسع الهوة بين الشرق والغرب ويزيد من احتمالية حرب كارثية. وإذا كانت الولاياتالمتحدة تدعم الانظمة القمعية من أجل النفط وصفقات الأسلحة ومصالح أشمل ومصالح مادية شخصية لمسئولين في الحكومة الامريكية السابقة أو مها يكن، يجب عليها على الأقل استخدام حب اقسى وجدول زمني للإًصلاح للحكومات الممثلة واحترام حقوق الانسان والمؤسسات الفاعلة فهذا على الأقل سيؤدي إلى أمل في علاقات شرقية -غربية أفضل. وفي هذا المجال لا تستخدم اعذار خاطئة كإيران لدعم الكبح في الدول العربية العميلة. حيث يمكن هذا الحكام في السعودية ومصر والبحرين الاختفاء تحت عباءة أمريكا وأن انتهاك شعوبهم علنا والتخلي عن أي مفهوم إصلاح كل هذا سيزيد من المضامين الأمريكية المبغوضة. .