لدينا اليوم في الجنوب تياران ؛ تيار يحمل الجسد الجنوبي ويتدثر بدثار الشرعية ويمثله الزبيدي والخبجي وشائع وأتباعهم ، وتيار جنوبي آخر لا يملك سلطة الأمر الواقع ولا يتعامل مع الشرعية برز اخيراً إلى السطح بقوة وخرج إلى الوجود في 23 مارس 2017 م من رحم جمعيات المتقاعدين العسكريين وبعض المكونات الحراكية ويمثله المعطري والسعدي وفادي باعوم وأتباعهم .. وهذان التياران يسيران في خطين متوازيين ولا يتعارضان ، فوجهتهما واحدة وهي " الجنوب " لكن – حسب وجهة نظري – كلا التيارين لم يسلك الطريق الصحيح الآمن : فالأول وضع كل ما لديه في سلة الشرعية وأعطاها انجازاته وتضحياته بالمجان ولم يعد لديه ما يناور به ، والتيار الثاني لم يرهن بنفسه للشرعية لكنه يراهن على الفعاليات والحشد الجماهيري والبيانات التي لا تعدو سوى حبر على ورق كما كان عليه الحال قبل الحرب وانطلاق عاصفة الحزم ، والأخطر أنه لم يمد جسور التواصل مع التحالف العربي الذي باتت مفاتيح الحل بيده ولا يمكن القفز عليه أو تجاوزه البتة ، وكأن أنصار هذا التيار غير مدركين بما أفرزته الحرب من واقع جديد ، ولم يستوعبوا بعد المتغيرات الكبيرة التي طرأت على الساحة وقلبت الامور رأساً على عقب ؛ إذ لم يعد الوضع خصوصية جنوبية فقط كما كان عليه الحال سابقاً ... وهنا يكون الصف الجنوبي قد انقسم على نفسه إلى فريقين ، وابتعد عن جادة الصواب التي ستقوده إلى تحقيق هدفه في استعادة الدولة الجنوبية ، وهذا الانقسام والتشظي حتماً سيضعف من موقف الجنوبيين في المحافل الدولية ..!
وبصريح العبارة يمكنني القول انه إذا لم تسارع المكونات الجنوبية إلى توحيد صفها وبسط سيطرتها على الارض وفرض سلطة الأمر الواقع عبر مجلس عسكري واحد من المهرة شرقاً الى باب المندب غرباً ، فإن الثورة الجنوبية ستكون في مهب الريح وستدخل فعلياً مرحلة الخطر الذي قد يودي بها مع اول تسوية سياسية والتي بالتأكيد لن تخرج عن المرجعيات الثلاث : المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني وقرار مجلس الامن تحت البند السابع 2216 والتي جميعها غمطت حق الجنوبيين في استعادة دولتهم ولم تتناول القضية الجنوبية سوى من المنظور الذي يخدم المحتل ويشرعن بقاءه في الجنوب إلى ابد الآبدبن..
وأنا على يقين أن التحالف – خاصة الامارات والسعودية – أول من سيقف الى جانب الجنوبيين إذا اتحدوا فعلياً تحت قيادة موحدة ووضعوا أقدامهم على الطريق الصحيح ، لأنهم قد وجدوا في الجنوبيين الحليف الصادق الذي يركن عليه لاسيما بعدما اثبتوا جدارتهم وقدراتهم الحربية والقتالية العالية في الميدان بعكس الطرف الآخر الذي مازال يراوغ دون ان يحرز أي تقدم يذكر لأنه قد وجد في هذه الحرب مغنماً وصيّر الجبهات بقرة حلوباً تدر لهم ملايين الريالات ... وفي هذا الصدد ينبغي علينا أن ندرك جيداً انه لا يصح أن نحمل فشلنا لأي دولة ولا نتوقع من هذه الدولة أو تلك أن ترفع شعار الجنوب وتطالب باستقلاله ، فالمنطق والعقل يقولان أنه لا احد سيساعدنا ما لم نساعد أنفسنا أولأً ..!!