تحاول ميليشيات الانقلاب في اليمن ومن خلفها طهران تنشيط أذرعها الناعمة في الخارج وخصوصًا في أوروبا والولايات المتحدةالأمريكية لتحقيق مكاسب تحول دون مزيد من الانهيارات العسكرية التي تشهدها على الأرض قواتهم العسكرية. خلال الأسبوع الماضي، شهدت أوروبا محاولة اعتداء على مستشار وزير الدفاع السعودي المتحدث باسم عاصفة الحزم اللواء أحمد عسيري، من قبل مجموعة من عناصر اللوبي الإيراني الناشط في بريطانيا، ورغم أن المجموعة من جنسيات عربية إلا أنه تم الزج والتغرير بشخص بريطاني في المقدمة، وذلك للحصول على مساحة في الإعلام الأوروبي لادعاءات وشعارات المجموعة التي رفعت أثناء محاولة الاعتداء.
وتنشط أذرع طهران الناعمة في الخارج في أوساط الطلاب والجاليات والنشطاء، الذين يدورون في فلك المشاريع الإيرانية التخريبية داخل دول المنطقة العربية، وتحرك هذه الجهات متى أرادت في تظاهرات وندوات وفعاليات إعلامية وسياسية مختلفة، لخدمة مشاريعها في المنطقة.
وتخترق طهران عبر اللوبي الذي يعمل لصالحها أبرز وسائل الإعلام العالمية ووكالات الأنباء، ولديها ما يسمى "الجيوش الإلكترونية" التي تنشط على مواقع التواصل الاجتماعي في كل الدول المستهدفة، وتلتقي توجهات هذه الجيوش في فكرة وموضوع موحد متى أرادت طهران ذلك؛ كونها الراسم الأول لسياسة التناول والاستهداف.
الحدث الآخر الذي شهده الأسبوع الماضي وحول اليمن أيضًا وكان بعد يوم واحد من محاولة الاعتداء على اللواء أحمد عسيري؛ كان حضور ناشطتين يمنيتين إلى جلسة لمجلس الشيوخ الأمريكي وإلقاء مداخلات حول الوضع الإنساني في اليمن.
الناشطتان هما "سما الهمداني ابنة أمة العليم السوسوة" السفيرة والوزيرة في نظام المخلوع صالح، التي تنافست بعد ذلك مع السورية "بثينة شعبان" على منصب مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون الشرق الأوسط. والناشطة الثانية هي "رضية المتوكل" مدير منظمة مواطنة وابنة الدكتور المتوكل أحد مؤسسي الميليشيات الحوثية ومهندس التحالف بين الحوثية والمخلوع صالح.
"سما الهمداني" ناشطة سياسية وكاتبة صحفية، وتم تقديمها كرئيسة منظمة يمنيات، بينما لا توجد منظمة بهذا الاسم بل مدونة على شبكة الإنترنت تنشر فيها "سما الهمداني" كتاباتها.
و"رضية المتوكل" ممثلة منظمة مواطنة التي تنشط مع مؤسسات الأممالمتحدة في اليمن، وتعد أحد أبرز مصادر معلومات الأممالمتحدة وتقاريرها حول اليمن والوضع الإنساني في الداخل اليمني.
ويمكن لأي متابع تصفح موقع المنظمة التي تديرها "رضية المتوكل" وزوجها الذي هو الآخر ينشط مع هيومن رايتس ليكتشف المتصفح عدم حيادية المنظمة وعدم التزامها بمعايير الأممالمتحدة والمنظمات المدنية المحايدة في تعاطيها وجمعها للمعلومات حول الشأن الإنساني؛ حيث تكرس المنظمة كل نشاطها لمهاجمة التحالف العربي المساند للشرعية وتحميله كل المسؤولية عن تردي الوضع الإنساني وتغفل الجرائم التي ترتكبها ميليشيات الانقلاب الحوثية بحق اليمنيين.
وتستغل "أمة العليم السوسوة" والدة "سما الهمداني" رفيقة "رضية المتوكل" في مداخلة مجلس الشيوخ؛ تستغل "السوسوة" منصبها وعلاقاتها وتوظيفها لخدمة المشروع الانقلابي، وهي أيضًا مَن تنسق للمتوكل ومنظمتها للعمل مع الأممالمتحدة ومؤسساتها في اليمن، كما أنها أيضًا من أوصلت ابنتها "سما" لتتحدث أمام مجلس الشيوخ حول اليمن والموضوع الإنساني.
وتعد "أمة العليم السوسوة" أحد أبرز أركان اللوبي الإيراني، إضافة إلى نشطاء من دول عربية. وخلال عامين من الحرب ضد الانقلاب قدم اللوبي وقائع مزورة استغلت في التأثير على تقارير منظمات مهمة أبرزها مؤسسات الأممالمتحدة دأبت دومًا على تحميل التحالف العربي وزر وجرائم الانقلابيين وانعكاسات مغامرتهم المشؤومة على الوضع الإنساني لليمنيين.
وركزت "سما، ورضية" على المعركة القادمة لتحرير الحديدة والشريط الساحلي الغربي لليمن، واعتبرت أن ذلك سيكون مكلفًا من الناحية الإنسانية رغم اعترافها في حديثها بوجود دعم إيراني لميليشيات الانقلاب الحوثية، في حين فشلت "سما" في الإجابة عن سؤال عن مصير مساعدات بأكثر من مليار دولار قدمتها السعودية عبر الأممالمتحدة، وذهبت للحديث عن أموال نهبها تنظيم القاعدة في حضرموت رغم أن تلك الأموال كانت تأتي من صنعاء من البنك المركزي الذي كان تحت سيطرة الانقلابيين.
وتمحورت مداخلات الناشطتين حول ضرورة إيقاف الحرب، واعتبار الميليشيات الحوثية طرفًا وصل إلى السلطة لملء الفراغ السياسي الذي كان قائمًا دون أن تعترف بأن الانقلاب تم على حكومة شرعية أنتجتها تسوية سياسية رعتها دول الخليج عبر المبادرة الخليجية.
تحركات اللوبي الإيراني ستستمر في كل المحافل لمحاولة التأثير على قرار تحرير الساحل الغربي من خلال فتح ملفات إنسانية يعتقد هذا اللوبي أنها ستحول دون الحسم العسكري للملف الأساسي المتمثل بالانقلاب.