لابد ان جميعُنا يعلم تاريخ ميناء عدن هذا الميناء الاستراتيجي الهام الذي تميز بطبيعته الربانية من حيث انطباق معايير ومواصفات الموانئ العالمية عليه بدون الحاجة الى اي استحدثات بشرية. هذا الميناء الذي تتميز به مدينة عدن ظل محل فخر واعتزاز الناس في هذه المدينة لما له من دور في انعاش الحياة التجارية و الاقتصادية ولما كان يحظى به من سمعة طيبة ومتميزة بين موانئ العالم حيث انه في تصدر افضل الموانئ في العالم و احتل المرتبة الثانية عالميا في الستينات من القرن الماضي..
ظل ميناء عدن يمارس نشاطه وعمله لسنوات طويلة غير ان الظروف وربما الاحداث المتعاقبة على البلاد منذ اكثر من ثلاثه عقود قد القت بظلالها على هذا الميناء الاستراتيجي الهام حيث فقد هذا الميناء جزء كبير من نشاطه وتراجع ترتيبه بين موانئ العالم بشكل مخيف ناهيك انه خسر الكثير من الخطوط الملاحية العالمية و هجرته اغلب الشركات لعدم مواكبته التطورات العصرية ونتيجة عدم الاستقرار بشكل عام في البلد..
هذا الميناء الذي يعتبر المصدر الاول للعائدات المالية لعدن الى جانب مصفاة عدن BP (بي بي ) وهما يشكلان الركيزة الاساسية التي اسهمت في نهوض المدينة غير ان تميز و تألق ميناء عدن وريادته لم ترق للبعض ممن ازعجهم نشاطه فكان لابد ان يتم تجميد نشاطه او على اقل تقدير حصره فقط في الاستيراد للإستهلاك المحلي ...
هذا التراجع الذي اصاب نشاط ميناء عدن افسح المجال امام موانئ اخرى لتملئ الفراغ الذي خلفه وهو الشي ذاته الذي اتاح لهذه الموانئ ان تطور وتنمي من قدراتها ومن امكانياتها في ظل ان الميناء العتيق الذي تصدر المراتب الاولى غير جاهز ومؤهل للعمل ..
ظل ميناء عدن محل تنازع لقوى لم تكن تريد له الخير او تسعى لتطويره بل اغلب الظن كانت تبحث عن الاستيلاء عليه لإستثمار بقاءه مشلولا هذه الحال ظل يلازم ميناء عدن الى وقت قريب غير ان الاحداث التي استجدت في البلاد غيرت نوع من حالة الركود الذي لازمه طيلة السنوات الماضية..
فبعد ان تحولت عدن العاصمة المؤقتة للبلاد وبعد ان رحلت مليشيا الانقلاب الحوثي عفاشي عن عدن مدحورة مهزومة كان لابد من اعادة تفعيل نشاط ميناء عدن ليكون بذلك هو المنفذ الاول والرئيسي للدولة الذي تنطلق منه كل الحركة التجارية و اعمال الاغاثة التي تأتي تباعا من المنظمات الانسانية او من دول التحالف العربي خصوصا بعد ان اصبح ميناء الحديدة في يد مليشيات الحوثي وعفاش وهذا الدور ربما ساعد بشكل او بأخر بان يستعيد ميناء عدن دوره المحوري في البلاد..
وفي الحقيقة لقد كنت متابعا لحظة بلحظة لتطور نشاط عدن منذ الوهلة الاولى التي استأنف فيها نشاطه بعد الحرب وفي الحقيقة ان الفضل في عودة ميناء عدن لإستعادة نشاطه كان بفضل تماسك وتلاحم وثبات كل كوادره و عماله مرورا بقيادته التي لم تتخاذل او تتخلى عن ميناء عدن في احلك الظروف وانا هنا وفي هذا الموقف لست بصدد الاشارة الى تلك المواقف العظيمة التي تحتاج الى موضوع بحاله يسرد تلك اللحظات التي مرت بميناء عدن في اثناء الحرب وما بعده ولكني سأكتفي بالإشارة ان ميناء عدن كان ينتقل من مرحلة الى مرحلة ومن تقدم الى تقدم اخر الى ان اصبح مؤهلا لاستقبال اكبر الخطوط الملاحية واكبر السفن التجارية..
هذا التقدم والنجاح سوف أعمل بكل جهدي لأستعرضه بطريقة لا تبخس اي احد حقه في الإشادة و التقدير ولكل من كانت له بصمة او وضع اسهامه او عمل بكل تفاني واخلاص ليستعيد ميناء عدن حيويته التي افتقدها منذ سنوات..
لقد سررت كثيرا في قبل يومين حين وصلتني الرسالة التي رفعتها مؤسسة مواني خليج عدن وشركة عدن لتطوير المواني لوكلاء الشركات الملاحية والتي تؤكد فيها جاهزية محطة المعلا للحاويات لإستقبال اي خطوط ملاحية ترغب في استخدام محطة ميناء المعلا كما سرني وشدني اكثر هي تلك الثقة التي اتت في مضمون الرسالة والتي توضح ان هناك عروض مميزة وتسهيلات وتخفيضات غير مسبوقة ستقدم لكل الراغبين في الاستفادة من موقع واهمية محطة ميناء المعلا..
هنا لا يسعني الا ان اعبر عن اعتزازي وانا ارى ميناء عدن يستعيد حيويته و نشاطه واتمنى على الجميع مواصلة الجهود و عدم ادخار اي جهد في سبيل تطوير وتحديث هذا الميناء العتيق الذي نتطلع جميعُنا الى ان يستعيد مجده الذي اضاعه الحاقدون .