صمتت عدن مستنكرة، واقشعرت شعاب جبل شمسان ، واكفهرت صيرة ، وتلاطمت أمواج بحر عدن غضبى ، واشتحنت أعصاب ذرات رمالها ، زمجرت المنازل ، وتجمع الرجال من كل الجنوب ، فالأمر جلل ، والمسألة ليست مجرد تغيير الزبيدي وإنما المسألة أكبر من هذا ، المسألة يا سادة تعني تغيير إرادة الجنوبيين والرجوع بنا عشرات السنين ألى الوراء ، تعني العودة بنا إلى باب اليمن وتقبيل الركب والكفوف للأسياد القادمين من جوف كهوف مران وأقاصي صعدة . لقد حصد الجنوبيون ثمرة مليونياتهم فكانت ثمرتها انتزاع قرارات تعيين قيادات جنوبية للسير بالجنوب نحو الاستقلال ، فلما تأهب الجنوبيون لنيل استقلالهم نبش المحتل في الركام لينتزع قراراً هشاً لتغيير القيادات الجنوبية المخلصة للقضية ، وقد عمل من حيث لا يشعر فأوقد الشارع الجنوبي ، لقد أعاد النشاط للشارع الجنوبي ليسارع في انتزاع استقلاله ، فقد تداعت عدن والضالع وأبينولحج وشبوة والمهرة وحضرموتوسقطرى ، وأصبح رجالها على قلب رجل واحد ، وتداعو لنصرة الزبيدي معذرة ليس الزبيدي بشخصه ولكن برمزه ، فلقد أصبح كل جنوبي مخلص للجنوب رمزاً للجنوب ، المسألة يا سادة ليست الزبيدي ولا بن بريك المسألة أكبر من ذلك ، فالمسألة مسألة وطن أصبح قاب قوسين أو أدنى من الاستقلال ، فأراد الهاربون من صنعاء تجاه أنقرةوالرياض إعادته للادولة ، أراد أبطال التباب والمنتجعات أن يعيدوه لأملاكهم ، زمجرت أبين ولزمجرتها هبت الضالع ، فانتفضت لحج وشبوة ، لتدعو حضرموت والمهرة وخاضت سقطرى عباب البحر لنصرة القضية ، تداعى الكل لنصرة الجنوب ، فالظرف لا يسمح بالتأخير ، فأما حياة تسر الصديق وأما ممات يغيظ العدى . لقد جف حبر قرارهم ولم تجف ذرات عرق الأحرار ، المسألة يا سادة لا تحتاج لخبير اقتصادي بقدر احتياجها لصدق النوايا لدعم عدن من حكومة فنادق الرياض ، فلو دعموا عدن بمقدار دعم تبة من تباب مأرب لقضى الزبيدي على كل السلبيات في عدن ، ولو دعموا عدن بميزانية الفنادق التي يرتادونها لعالج الزبيدي مشكلة الكهرباء ، ولكنهم تعمدوا إفشاله ليجلبوا لنا غيره ليتمتعوا بعدن كيفما يشاؤون وهيهات لهم ذلك ، فالجنوبيون يرفضون القرار ليس رفضاً للمفلحي ، فالمفلحي منا وفينا ، ولكن الرفض للقادم الأسود ، فلا يجرب المجرب ، فرائحة المؤامرة قد فاحت ، وأزكمت أنوفنا ، سار الجنوبيون نحو الاستقلال وابتسمت لسيرهم عدن وتهيأت المكلا فالمدينتان هما جناحا الجنوب ولن يطير الجنوب من أسره إلا بجناحيه ، فأراد المتناثرون في صحراء مارب وعلى تبابها كسر جناح الجنوب في عدن ليسقط الجنوب ويظل أسيراً في زنازينهم العفنة ، فنقول لهم : مهما حاولتم فالجنوب قد شب عن الطوق ، وقد تداعى أبناؤه ليرسموا لوحة استقلالهم بألوان طيف من كل المحافظات الجنوبية ، فخبتم وخابت قرارتكم ، والنصر والعزة للشعب الجنوبي وقياداته ...