إسم لا ينسى .. على مر الزمن .. ترك أثراً مرجعياً يقتدى به الأبناء والأحفاد وكل من عرفه وعايشه وتعرف على شخصه .. وعاش أيامه فأنه لا يبخل عليه من ذكره الذكر الحسن .. والذكر الخالد .. والأثر البالغ في النفوس الطيبة .. له من العشرة والود بعامة الناس صغيرها وكبيرها .. معلمها وشيخها وعقالها ومع الواجهات الاجتماعية في الداخل والخارج ..لقد ذاع صيته وتخلد أسمه في سجل الذكريات المحفوظة .. الرجل الذي إذا قابلته .. تحقق لك ما تتمناه بعون الله تعالى .. فانه يحس بحاجة الزائر وحاجة المحتاج فتمتد إليك يده قبل أن يسمع منك شئ. ولذكريات هذا الشيخ الجليل .. فالمتحدث عنه لا يكل من وصف الصفات الحميدة لدماثة أخلاقه ومواقفه الإنسانية .. والمستمع ذاك القاعد يجد أعذب الكلمات وأحلاها وصفاً بنغمات رنانة لا تخدش طبلة الأذن ولا تعكر صفاء الوجه وتلوثه من المديح عند البعض الذي لا يسمن ولا يغني من جوع ..والمعروف عنه بأنه (هدار في هدار ) لا يفيد ولا يستفاد منه الا ما حوى من ذكر للخير في الأعمال الصالحة ..لعبد من عباد الله في الأرض .. ويعجز أيضاً الكاتب عن تسجيل ومواقف هذا الرجل البسيط.. القوي في توجيهاته و أوامره وقراراته المقدام في فعل الخير وزيارة الفقراء والسؤال عنهم وتفقد أحوالهم ومدهم بما كتب الله من فضله تعالى. أنني عاجز كل العجز أن أصف مكانة هذا الرجل ودوره المجتمعي وتقديره واحترامه للناس .. لكنني و الحمد لله تعلمت منه الوفاء والعشرة الطيبة ..وكانت لي المفاجأة في حياتي حين أستدعيت للقاء حزبي لتنظيم الجبهة القومية حضرته بدعوة من المناضل حيدره سعيد اللحجي .. والمناضل سعيد العسيري بمدينة جعار.. كلفوني فيه بمهمة توزيع منشور سياسي أصدرته القيادة العامة لتنظيم الجبهة القومية يحمل في طياته نعي القيادة العامة وتنظيمها السياسي بوفاة المغفور له الشيخ بالليل الرهوي عضو القيادة العامة لتنظيم الجبهة القومية .. فأخذت كومة المنشورات من قيادتي في جعار وعدت إلى الحصن وأنا في أشد الحزن لوفاة الشيخ بالليل الذي لم يشر لي يوما أو يسألني عن الجبهة القومية .. لان سرية العمل التنظيمي كانت شديدة ومنتظمة غير قابلة للاختراق .. وعقدت لقاءاً للخلية القيادية لمنطقة الحصن والتي كنت رئيساً والمسئول السياسي للتنظيم في كل من باتيس والرواء وحلمة .. ووضعنا برنامجاً لتشكيل لجان التوزيع يشمل المساجد والمدارس والشوارع العامة والأندية .. حيث كلف اللقاء كل من المناضل ناصر لجعش يعمل في نقاشة الأحجار من الجبال لبناء المنازل .. والمناضل صالح العاقل سبيع مدير مدرسة الحصن والمناضل شيخ بن حيدره الجابري مشرف زراعي المنطقة والمناضل عبدالله العمودي محامي بمحاكم الحصن وجعار .. وتوجهت إلى الرواء لتسليم كمية الرواء من المنشورات للمناضل علي سالم عنتر مدرس بمدرسة الرواء .. ويساعده المناضل سعيد عوض الهمامي .. وبعدها توجهت إلى باتيس وسلمت المنشورات للمناضلين حسين صالح شيخ مشرف بلديتي باتيس والحصن للضرائب .. والمناضل الأستاذ منصور محمد القابلي مدرس بمدرسة باتيس والمناضل علي مسلم بافار مدرس بمدرسة باتيس والأستاذ أحمد إبراهيم .. وبعد أسبوع من مراسيم العزاء التقيت الوالد الحاج الكريم صالح باعود وكيل الشيخ بالليل بالأراضي .. والمسئول الأول عن صرف المعونات والمساعدات للمحتاجين وهو مكسور الخاطر .. فاقداً ابتسامة أمل الحياة التي كانت لا تفارقه في حياة معلمه الشيخ بالليل .. وظل باعود يستقبل ضيوف الشيخ بالليل بعد الوفاة في ديوان الاستقبال ويقوم بكل واجب حتى فترة الاستقلال 67م.. كما كنت أقابل بعض الشخصيات التي كانت تخرج من صلاة العصر إلى جانب الشيخ بالليل لتشرب معه قهوة العصر والتي كان يكرمها بالمعونات والمساعدات العينية من أملاكه بواسطة الحاج باعود .. فلا أحد ينسى جلساته أمام دكان الحاج غالب ناصر الرهوي المغفور له بإذن الله والتي كان الشيخ بالليل محافظاً عليها وعلى مواعيدها لا يلبس سوى الفوطة وعمامة على راسه من دون جرم أو شميز ..فكان لا يلبس الشميز والجرم والكوت الا وهو ذاهب إلى العمل في الصباح الباكر إلى جعار عضو المجلس البلدي بسلطنة يافع بني قاصد .. فلقد توفق التنظيم السياسي للجبهة القومية في اختيار قادته ويعتبر الشيخ بالليل في أعلى مرتبة أخلاقيات القادة الذين نفتقر إليهم اليوم ومن الذين نستهم القيادة السياسية بكل مراتبها يا عيباه !!! على العائشين منهم. أنني أتذكر مواقف الشيخ بالليل الذي كان يخصني بزيارة يومية وهو متجه على سيارته اللاندروفر إلى مقر عمله بجعار ليطمئن على أوضاعي وحالة المدرسة حينها كنت مديراً لمدرسة باتيس الابتدائية للفترة من 63 - 68 م فكثير من حاجيات المدرسة لم نعرف وصولها من التربية والتعليم فقد كان يوفرها لنا في المدرسة وينظر إلى كل طلاب أبناء المنطقة أنهم أبنائه يساعد الفقراء منهم ويوفر لنا كل الإمكانيات للرحلات المدرسية إلى عدن ولحج ويشاركنا أنشطتنا المدرسية .. وهو أول من شجعني على استيعاب تعليم الفتيات وفر لنا صفوف مدرسية في منازلهم حتى تحس بواقعنا إدارة التربية التي تبنت استمرار تعليم البنات حتى اليوم و الحمد لله. وظلت باتيس اسم الحنية والطمأنينة محافظة على موقعها وجمال مبانيها وبهاء خضرتها فلقد حباها الله بمعيان عين ماء تنبع من على ضفاف وادي بنا من شرق جبال المصانع المحاذي لغرب الوادي وتنبع من جنوب قرية (اللكيدة) وتختلط مياه (النبوة) بمياه السيول الموسمية وبعد انقطاع موسم السيول تستمر في ضخ الماء وبشكل طبيعي فترة العام تستخدم مياهها لري مساحات البساتين .. بساتين الموز منها بستان الشيخ بالليل واختير المشرف عليه (سالم هيبل) خبير زراعة الموز والأعمال الإنتاجية البستانية وهو المشهور (أبو صالح) لا يكل ولا يمل وهبه الله الصحة والعافية .. آخذاً من سلوك الشيخ بالليل في الكرم والترحيب واستقبال زوار البستان من عدن .. وزنجبار .. و جعار ومناطق السلطنة اليافعية والفضلية .. ولا يزال بستان الشيخ بالليل ماداً يده بالعطاء المتواصل من الموز والفواكه .. وفي الفترة الأخيرة خف إنتاجه لقلة وغلاء العمالة .. فلا غرابة حين ترى سكان منطقة باتيس يشترون الموز من سوق جعار المركزي وهم يسكنون في غابات الموز البلدي (كفندش) أبو (نقطة) ، حيث زادت مساحات زراعة الموز في الأراضي وأدخلت عليها أساليب الكربونات لغرض الإنضاج السريع .. حيث توقف التعامل بين المزارعين في طرق الإنضاج التقليدي وبسبب انتشار المواد ( الكربونية) بسبب جهل الاستخدامات واللهث وراء الربح السريع زادت الأمراض وانتشرت العدوى بين الناس وأصبحت الإسعافات (أنجيز) إلى العاصمة عدن ..لان الوحدة الصحية التي كانت تعالج كل الأمراض وتستقبل كل الحالات والتي كان يعمل بها طويل العمر المساعد الصحي (اللطيفي هادي علي ) .. بعده أقفلت الوحدة الصحية وأصبحت عدن أقرب حيث العيادات المنتشرة والمختبرات والعمليات ومراكز العلاجات وتفشي العدوى المرضية بين الناس وارتفاع تكاليف العلاج .. لان المستشفى الوحيد مستشفى الرازي المركزي أصبح في قائمة التراث الذي ساد ثم باد ..مستفيدة الوريث الشرعي الوحيد وزارة الصحة من كل الإمكانيات و الاعتمادات .. والمساعدات الدولية من المنظمات الإنسانية حيث نرى العيادات الخاصة ملآنة بالأدوية المختلفة من ظهر وزارة الصحة والمقهورين ما حولهم .. وأصبحت حالة الناس أمام الأمراض سواسية اللي معه واللي ماشي معه ونحن نكرر القول ..( و أحنا ما علينا!!! ) لان ولاة أمورنا مشغولون بالمهم قبل الأهم !! وأنين الناس من كل بيت لا من مجيب له ولا من مستنكر .. ولاة أمورنا عجبتهم حالة أوضاع الناس وما جرجروهم إليه لا عاد حد يدق الباب على أحد .. ولا حد يجري بعدهم لأنهم خارج البلاد..ولا من يوجد من تشرب معه فنجان قهوة على طريقة قهوة الشيخ بالليل .. فهم مشغولين بالأهم قبل المهم .. جاهدهم الله بقهر المقهورين .. وبأحوال المحتاجين ولكن ما ضاقت إلا وفرجت ( بإذن الله تعالى) (وقريباً با بدل بداري دار).