لو بحث في اي صراع اهلي في اي منطقة من مناطق العالم ستجد بان منبعه الحقيقي كان الاقصاء والتهميش والاستحواذ والانفراد بالسلطة ولا يمكن لهذه الحالة الا ان تقود لصراع بين الطرفين (المستحوذ والمهمش )حتى يقضي احدهم على الاخر وبالطبع فان هذه الحالة ستولد الكثير من المأسي والاحقاد التي قد تكون مسبب وباعث لصراع اخر وهكذا تتولى الصراعات وتكثر المأسي . وقد استمعت وقرأت البيان الصادر عن اجتماع المجلس الانتقالي الذي عقد مؤخرا في العاصمة الجنوبية عدن وما اقره الاجتماع من اقصاء وتوقيف لنشاط حزب الاصلاح (احد فروع حركة الاخوان المسلمين ) ودافع هذا القرار مجاره الاحداث الاقليمية والدولية التي تعصف بدول المنطقة ومحاولة المجلس اظهار نفسه كحليف موثوق تستند عليه دول المنطقة في حربها على اعدائها في المنطقة وخلافها مع البعض الاخر. واذا ما نظرنا لتاريخ حزب الاصلاح سنجد بان هذا الحزب نشئ بتوجيه من قيادة الدولة في اليمن الشمالي بهدف اقصاء الشريك الجنوبي الموقع لاتفاقية الوحدة ، كما ان قيادة هذا الحزب ظلت ولازالت قيادة شمالية ولايعدوا ان يكون التمثيل الجنوبي صوري وغير فاعل في صنع وبلورة اهداف وبرامج الحزب السياسية، وظل هذا الحزب طوال فترة نشاطه السياسي لايبدي اي تفاعل تجاه الاحداث والمتغيرات الحاصلة في المحافظات الجنوبية والمصاحبة لنشاط الحراك الجنوبي بل و وصل الامر الى بث روح الفرقة والتخوين لكل من يرفع شعارات الحراك الجنوبي وازداد الامر سوء عقب اجتياح المليشيات الانقلابية للمحافظات الجنوبية وبدء وكأن حزب الاصلاح يعادي الحراك وانصاره اكثر مما يعادي المليشيات الانقلابية التي عمدت على طرد ومضايقة عناصر الحزب حتى اجبرتهم على الخروج من الوطن وتبدى ذلك العداء عن طريق سيطرة اعضاء الحزب على الاجهزة الاعلامية التابعة للشرعية وبث الخطاب التحريضي والمخون والمسيء لانصار الحراك الجنوبي. كل هذا ادى الى نقمة الجنوبين من نشاط هذا الحزب وادى ذلك الى اضعاف شعبية حزب الاصلاح في المحافظات الجنوبية واختفاء مؤيديه وعدم رغبتهم في الظهور خاصة بعد طرد المليشيا الانقلابية من المحافظات الجنوبية وسيطرة انصار المقاومة الجنوبية للعديد من مفاصل وإداراة هذه المحافظات. وكان لازما على حزب الاصلاح اذا ما اراد ان يظل فاعلا في المحافظات الجنوبية ان يبادر انصاره من الجنوبيين الى ترتيب صفوفهم واعادة بلورة افكارهم وما يتوافق والتغييرات الحاصلة في المنطقة والتعاطي بإيجابية مع مايدور في الشارع الجنوبي واختيار قيادة جنوبية للحزب قادرة على التخاطب مع الجماهير في المحافظات الجنوبية، الا ان انصار الحزب الجنوبيين ظلوا مربوطين بقياداتهم الشمالية ولم يستطيعوا الفكاك منها ولم يبادروا الى تصحيح مسار الحزب والتعاطي بإيجابية مع مايدور من متغيرات. الامر الذي ادى الى ان يساير المجلس الانتقالي الجنوبي رؤى واهداف دول المنطقة في حظر نشاط حزب الاصلاح دون ان يبدي للجماهير الجنوبية ماهي المزايا والفوائد التي سوف يجنيها من هذا القرار؟ وماهية الضمانات التي يطلبها المجلس لعودة نشاط الحزب؟ ام ان الحظر لمجرد الحظر وتقليد الاخوة في دول الاقليم وكسب ودهم، وماذا لو ان دول الاقليم غيرت رؤيتها تجاه حركة الاخوان المسلمين واعتبرتهم حلفاء؟ خاصة واننا نتعاطى مع واقع سياسي متغير فحليف الامس عدو اليوم ويمكن ان يحدث العكس. ان امرا كهذا يتطلب المراجعة وعدم التسرع وعدم خلق العداوات والخصومة ومصادرة الاصوات أيا كانت اهدافها فاليوم الاصلاح وغدا لا نعلم من من الاحزاب والمنظمات الجماهيرية سيكون عليها دور الحظر ؟ فلا يجب استيراد مشاكل الغير وعكسها على واقعنا كما ان دول الاقليم لم تبدي اي اعتراف رسمي بدور المجلس في المحافظات الجنوبية وان كانت قد استقبلت بعض من قيادته واكرمت وفادتهم الا ان ذلك لا يعني اعترافها بحق الجنوبيين بتقرير مصيرهم . كما ان دور المجلس في المحافظات الجنوبية لا يزال غير واضح خاصة وان هيئاته الادارية لم يستكمل انشائها بعد ،فكيف له ان يحظر نشاط حزب ،الا اذا كان قد اعد العدة للمواجهة التي قد تخلف مأسي لا يحمد عقباها، وهنا اوضح باني لست مدافعا عن حزب الاصلاح اوغيره من الاحزاب ولكن اريد ان نستفيد من تجارب الماضي ولا نكرر الاخطاء و على المجلس ان يتجنب الوقوع في الخطأ ويقرب الصفوف ولا يعادي احد وان يمد ذراعة في كل اتجاه ويستمع لكل القوى المؤمنة بحق التحرير واستعادة الدولة الجنوبية وان يتفاعل باقي اعضاء المجلس مع القيادة ويرشدوها الى الخير والصواب ،وعلى الاحزاب السياسية وكل القوى الناشطة في الجنوب التعاطي مع الواقع الجديد حتى لا تجد نفسها معزولة عن الجماهير ، فجنوب اليوم ليس كجنوب الامس .