على مدى شهرين وأنا أتابع عن قرب تفاصيل محلمة من نوع آخر يخوضها الشعب الجنوبي الأبي. الملحمة المصيرية التي يخوض غمارها شعبنا الجنوبي هي معركة رص الصفوف، وتنظيم هيكل القيادة السياسية ممثلة بالمجلس الانتقالي الجنوبي، وهيكلة مكونات قطاعات المجتمع الجنوبي الثورية منها والمدنية .
لا أخفيكم حجم اليأس الذي كان يعتريني كلما فكرت في حالة الشتات التي كانت تعيشها مكونات الثورة الجنوبية وفصائلها، بل في أحيان كثيرة كان يصل بي الإحباط الى الاقتناع باستحالة الخروج من شرنقة الانقسامات والتكتلات التي وجد فيها أعداء ثورتنا نافذة لتبديد الانتصارات الكبيرة التي حققها شعبنا من خلال حراكه الثوري السلمي ومقاومته البطلة .
الوضع في الجنوب صار اليوم مختلف فالانتصار تحقق والتحرير تم وشعبنا الجبار تفوق على نفسه وانتصر على كل المؤامرات وهب من أقصاه الى أقصاه ليفوض قيادته السياسية في أروع عملية استفتاء دستورية لم يشهدها العالم من قبل .
شعبنا الجبار أوصل للعالم رسالة سمعها من به صمم حين زحفت جماهيره كالسيل الهادر من المهرة الى باب المندب وهتفت بصوت واحد مفوضة ابن الجنوب المناضل عيدروس الزبيدي لانجاز حلم توحيد القيادة الذي تأخر كثيرا.
القائد الزبيدي ورفاقه المخلصون يثبتون لجماهير شعبهم يوما بعد يوم بأنهم فرسان الرهان وما أنجزوه حتى اليوم مدعاة للفخر، فقد حملوا المسؤلية على عاتقهم وانطلقوا بها بكل شجاعة واستطاعوا بوقت قصير أن يصلوا إلى أروقة دول القرار الاقليمي والدولي وأوصلوا رسالة للأشقاء والأصدقاء مفادها شعبنا يريد استعادة دولته .
رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي ونائبه ورفاقهم عادوا وكلهم طموح لاستكمال هيكلة البيت الجنوبي وبناء هيكل لدولة واعدة تقوم على أساس المساواة والعدالة والمواطنة، وتنطلق من مؤسسات سيادية ويحكمها النظام والقانون.
رئيس هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي ونائبه وكافة أعضاء المجلس يؤمنون بأن انتزاع اعتراف العالم والاقليم بالدولة الجنوبية مرهون بما سيقدمه شعب الجنوب من نموذج هيكلي لدولته التي يناضل من اجلها، ومرهونا ايضا بوحدته واصطفافه خلف قيادة سياسية موحدة تمثله داخليا وخارجيا ،والتي أنجزها شعبنا بتشكيل المجلس الانتقالي الجنوبي، ولهذا فقد سارعوا الخطى وبدأوا سلسلة لقاءات واجتماعات مع مختلف شرائح المجتمع الجنوبي في المديريات والمحافظات في الجنوب ،عوضا عن اللقاءات بمكونات الثورة الجنوبية وقطاعات الشباب والمرأة .
تلك اللقاءات الجماهيرية بدأت تؤتي أوكلها بشكل غير متوقع من خلال توحيد مكونات الثورة وقطاعات الشباب والمرأة وانخراطها في المجلس تحت مظلة موحدة لكل قطاع ، وهذا يعكس مدى الوعي الذي صارت تتحلى به جماهير شعبنا بمختلف توجهاتها وهذا مؤشر على الرغبة الجامحة لدى شعبنا للخروج من نفق الانقسامات والمضي قدما نحو استعادة دولة الجنوب الفيدرالية المنشودة .