لا أعرف شيئا في السياسة، لكن ما يمارسه الحوثيون في صراعهم مع المخلوع ينسجم تماما مع قواعد كتاب "فن الحرب" للصيني العبقري سان تزو (القرن السادس قبل الميلاد): لن يشنقوه لإسعاد جماهير الفيسبوك التي تنتظر لِيل نهار رؤية ذلك المشهد. لعله الآن في وضع أسوأ من ذلك. بعد أن قتلوا ذراعه الأيمن: خالد الرضي وصحبته، في جولة المصباحي، كسروا بذلك جناحه فعلا، والآن يخلسونه ريشة ريشة كل يوم. مثل كل قرصان حقيقي يحترم نفسه، سينهب الحوثيون أولا كل ما يستطيعونه من أمواله وممتلكاته التي نهبها من اليمن طوال 34 عاما، قبل التخلص منه. سيجعلونه أولا يقول كل ما يريدون، في مشاهد تلفزيونية تخدمهم، ويبدو في كل منها أكثر طرطورية من قبل. بدأ ذلك قبل يومين بقوله مجبرا إن مقتل خالد الرضي في جولة المصباحي "عرضي"، لا غير!... ليس عبثا أنهم أضافوا للقبه: "المخلوع" صفةً جديدة: "المنخلع" (على وزن "المنكسِر"). الانخلاع سيرورة طويلة الأمد (مثل "الاندماج" والكلمات اللي على نفس الوزن) تتواصل يوما بعد يوم، من سيء إلى أسوأ... هي الصفة الأنكى والأكثر تحقيرا وإهانة. وكم بدى في مقابلته الأخيرة منخلعا منكسرا فعلا!... قريبا سيعلن، هو وجميع أتباعه الذين يكررون بعبودية كل ما يقوله، أنهم مع حكم "الولاية": غاية الحوثيين والملكيين والإماميين الأولى، التي صعدت شعاراتها الجديدة في شوارع صنعاء مؤخرا، وذلك بعد أن قال في مقابلته الأخيرة إنه والمؤتمر تحت قيادة أنصار الله! بعد كل ذلك، وبعد كل ذلك فقط، عندما لن يجدوا ما سينفع به مصالحَهم، وعندما يبدو للجميع طرطورا عاريا، مسلوخا حتى العظم، سيتذكرون حسين الحوثي، أخ عبملك الذي قتله المخلوع، وسيكتبون ربما في ورقة صغيرة: "يا لثارات الحسين!"، يلصقونها على جبينه، قبل أن يرموه في أقرب "كدافة"، دون الحاجة لخسارة رصاصة، كما كان يفعل الخمير الحمر، أخوتهم من الرضاعة في العنف والتحقير والتعذيب. عندما قال المخلوع لهم: "حاربي وأرقدي!" ليورطهم ويتحالف معهم في العدوان الداخلي على اليمن، الذي قاد للعدوان الخارجي السعودي، ولكل هذه المأساة الكبرى التي نعيشها اليوم، برهن المخلوع أنه ضعيف الذاكرة: نسى عبارة "يا لثارات الحسين!". وبالتأكيد (وهذا الأسوأ) لم يسمع يوما بهذا البيت للمتنبي: ومن يجعل الضرغامَ بازا لصيده تصيّده الضرغامُ فيما تصيدا!