تعالت في الآونة الاخيرة بعض الأصوات والأقلام من المثقفين المحسوبين على النخب الشمالية بإطلاقهم دعوات للدفاع عن الجمهورية في وجه مايتهددها من الخطر الداهم الذي يمثله الحوثي ,ولم تكتفي تلك الدعوات بذلك بل طالبت بنسج وصياغة اصطفاف وطني جديد تحت راية الدفاع عن الجمهورية واهداف ثوره 26سبتمبر والتي تطل علينا في الايام القادمة , ويتزامن إطلاق هذه الدعوات في وقت تحتدم فيه الخلافات والتناقضات بين حكام صنعاء الجدد الحوثي وعفاش .وهذه النخب ترى فيها , فرصه مواتيه لاستماله الرئيس السابق صالح الى صفوفها ,تمهيدا لبناء تحالف وثيق تحت راية الحفاظ والدفاع عن الجمهورية . في الشكل تبدو الدعوات حكيمة وعقلانيه لما تحمله من نوايا وطنيه ومشاعر نبيلة تجاه ثورة سبتمبر وأهدافها التي قامت من اجلها ,ولكننا بعد ان نتفحص بعمق في طبيعة هذه النداءات بعيدا عن لغة التسطيح الشكلية سنجد انفسنا امام مفارقه عجيبة فالمقصود من الاصطفاف المزعوم ,هو الوقوف خلف المؤتمر بزعامة الرئيس السابق صالح وحزب الإصلاح بقياده زعيمه الروحي والسياسي الجنرال علي محسن . وهنا ينجلي الغبار وتتضح الصورة شيئا فشيء فالرموز الموكل لها الدفاع عن الجمهورية هم الرئيس السابق صالح والجنرال علي محسن ,فيصبح لزاما علينا من وجه نظرهم التسليم لهم مفاتيح وزمام القيادة ,ان اردنا التمسك بمكتسبات الجمهورية ومبادئها ,من الخطر الحوثي الذي يسعى الى إعادة نظام الإمامة المتوكلية الذي كان قائما قبل ثورة سبتمبر . وبتنا وفق رواياتهم امام معادله سياسيه جديدة تحاول بعض النخب الشمالية إخراجها الى حيز الوجود في المجتمع الشمالي ,بحيث يبدو الصراع بين الجمهوريين من احفاد ثوره سبتمبر الذي يقوده ويمثله عفاش وعلي محسن وبين بقايا الامامة الكهنوتية البائدة .بزعامة الحوثي وحلفائه . كان بإمكاننا تصديق رواياتهم باستنساخ المواجهة التاريخية بين المعسكر الجمهوري والملكي ,ولكن ذاكرتنا لاتزال حيه بما تحتفظة من تجارب الماضي القريب وليس البعيد ولاسيما نحن ابناء الجنوب ,اللذان سنحت لنا الظروف معايشه نظام الرئيس السابق عفاش وحليفه القوي ويده اليمنى والطولى الجنرال علي محسن . فالتجربة مع نظام ال الاحمر لم تترك فينا اي ذكريات جميله تشعرنا بالحنين اليها ,بل على العكس فنحن نفتخر ونعتز بالتخلص من هذا العهدالبائد الهمجي والمتخلف الذي كان سائدا في الجنوب في زمن الاحتلال عفاش علي محسن والغير ماسوف عليه الى يوم الدين . وعليه فان دعواتكم تلك هي أشبه بكلمه حق يراد بها باطل ,فمن تطالبون المجتمع الشمالي بالتحالف والاصطفاف خلفهم لمواجهه الحوثي ,هولاء لاعلاقة لهم لا بالجمهورية ولا بثوره 26 سبتمبر ولا بمنظومة الدولة والقانون والمواطنة وغيرها من المفاهيم الانسانية التي عرفتها البشرية المعاصرة . فالنظام السياسي الذي ساهم ببنائه كلا من عفاش وعلي محسن ,هي عبارة عن منتوج جديد مزيج من تحالف القبيلة بصورتها البدائية المتخلفة ,لان القبيلة في بعض البلدان العربية شهدت تطورا نوعيا من خلال اندماجها بالمجتمع والدولة العصرية انتقلت معها الى اطوار متقدما في بنيانها المدني ,. بينما في الشمال سارت القبيلة خطوات كبيره الى الوراء اذ استطاع نظام ال الاحمر عفاش وعلي محسن وبالتحالف مع عائله الشيخ عبدالله الاحمر ,استبدال القبيلة والباسها لباس الدول لتظهر امام العالم وكأنه هناك دوله بكل مظاهرها ومعالمها المدنيه من دستور وقانون واقتصاد وثقافة وتخطيط وتنميه وغيرها من الانماط الملازمة لها .بينما القاموس الذي تضمنته دوله القبيلة التي انشاءها التنائي الاحمري عفاش علي محسن كانت مفرداته هي الشيخ القبيلة ابناء المشائخ العرف او التحكيم القبلي السلاح المال الفساد شراء الذمم .وغيرها من الانماط المصاحبة له . وفي دوله القبيلة تلك غابت بالمطلق كل معالم الدولة ولاوجود لها اللهم في وسائل الإعلام من خلال الاستقبالات البرتوكولية الرسمية ,والذي توحي للمراقب بأنه هناك دوله . لقد ارساء الثنائي الاحمري صالح علي محسن سلطه القبيلة لتحل وتنسف رسميا الدولة بالمفهوم السياسي والقانوني والمدني المتعارف عليه . وقد شاءت الأقدار ان يتمكن هذا الثنائي الشرير من القضاء على الدولة الجنوبية النموذجية بعد الانقضاض عليها باجتياح صيف العام 94من قبل عصابة 7يوليو بزعامة ثنائي الشر عفاش علي محسن ,وكان طبيعيا ماتكنه هذه العصابة القبلية المتخلفة من احقاد وكراهية لدوله الجنوب ,لأنهم شعروا بالخوف على مصالحهم من التجربة الجنوبية فقد كتب ذات يوم في مذاكراته الشيخ عبدالله الاحمر مايلي "كان الناس في خير وامان الى ان بزغ قرن الشيطان من عدن "هكذا كانت تنظر نخب الشمال القبلية الى الجنوب وترى فيه خطر كبير يتهدد وجودها بما كان يمثله الجنوب وعاصمته الجميلة عدن من تراث حضاري ومنارة ثقافيه ومجتمع مدني عصري حيث تسود سلطه الدولة والنظام والقانون لقد شكلت التجربة الجنوبية بإبعادها الثقافية والإنسانية والمدنية خطرا حقيقيا على مجتمع القبيلة في الشمال وهي لم ولن تروق يوما لنخب الشمال القبلية المهيمنة فسعت الى استئصال الدولة الجنوبية لتبقى سلطه القبيلة سائدة ومهيمنة على الثروة والدولة ,وهو ماحصل بالفعل ,وهذه النخب لاتزال تناصب العداء للجنوب حتى يومنا هذا وللأسباب التاريخية نفسها ,وما اشبه اليوم بالبارحة فهاهي نفس الاصوات ونفس النخب ونفس المعزوفة تعيد إنتاجها واستنساخها لتبرير عدائها للجنوب بحراكه الجنوبي المبارك سابقا والمجلس الانتقالي المظفر حاليا .. ان الحديث عن نظام ال الاحمر عفاش وعلي محسن يحتاج منا الى دراسات منهجيه ومعمقه لبحثها لما تركه لنا من اثار مدمره في الوعي المجتمعي في الشمال اساسا وتأثيرها لاحقا على مجتمع الجنوب ان اخطر منتوجات ال الاحمر في دوله القبيلة الذي كان لهم الفضل بتشيدها في الشمال والجنوب يتمثل في اقامة سلطه الفساد المطلقة ,,لان ظاهره الفساد تعد ظاهره عالميه وأزليه ,لكن دوله الفساد التي شيدها الثنائي الاحمري لامثيل لها في التاريخ المعاصر ,ففي عهدهم الميمون بات للفساد قلاع حصينة ترعاه وتصونه من الهلاك والزوال يدار بقوانينه ودستوره الخاص به الذي اصبحت مؤسسة كبيره للفساد والافساد لامكان فيها لاصحاب الضمائر الحية او العقول المستنيرة . ,لقد أسس نظام ال الاحمر ايدلوجية الفساد المتوحشة بقدرات خارقه في الاستقطاب والاستدراك للعقول والقلوب الضعيفة ,وكان من اخطر نتائجها على الإطلاق هو نشؤ جيل مشوه عقيم غير منتج طفيلي ,تسيدت فيه ثقافة الفساد الذي اصبحت كالعدوى تصيب المجتمع تنتقل بسرعة كالنار في الهشيم ,الامر الذي اوجد بيئة خصبه ونبته شيطانيه لزراعه وتنميه الفساد تداخلت فيما بينها في شبكه معقده من المصالح جعلتها أشبه بنظام المافيا العالمية وان بصوره بدائيه قبليه متخلفة نظرا لبيئة المجتمع القبلية المتخلفة . حتى الأحزاب السياسية طالتها بذره الفساد فتم اختراقها وشرائها عبر المال السياسي لتكون تابعه لنظام ال الاحمر لكي تظهر كديكور سياسي امام العالم للإيحاء والإيهام بوجود تعدديه سياسيه وديمقراطيه ,وتداول سلمي للسلطة وانتخابات ,كلها امور شكليه ,لاتمت للحقيقة بصله ,لان تلك القوى والأحزاب قد تم شراء ذممها لتصبح مجرد.ذيل وملحقات لنظام ال الاحمر تسير في فلكه وتسبح بحمده . . ان من اوصل الحوثي الى سده الحكم هو نظام الفساد القبلي ,الذي استفاد منه كثيرا ومن تناقضاته السلطوية ,ونفذ منه ليتمكن في نهاية المطاف من اقامة دولته الخاصة بمشروعه السياسي الكبير بامتداداته الاقليمية .. ان الثنائي الاحمري عفاش وعلي محسن يتحملان المسوؤلية التاريخية والوطنية والسياسية والاخلاقية امام الله والوطن والشعب لما اقترفاه من جرائم لاتعد ولاتحصى بحق المجتمع في الشمال والجنوب ,وواهم من يعتقد من اصحاب الدعوات المشبوهة الهادفة الى إعادة إنتاج منظومة الفساد السابقة تحت شعار حماية الجمهورية . انتم ياسادة لاجمهوريين ولا ثوريين ولا سبتمبريين . انتم جماعه من الأبواق وأصحاب المصالح ,الذي سرعان ماتتغير ولاءاتها بتغير المناخات وموازين القوى ,وفق الشعار الشهير بالصبح جمهوري وفي الليل ملكي بحسب قانون العرض والطلب السياسي . ان محاولاتكم العبثية لن يكتب لها النجاح ,ولن تستطيعوا مواجهه الحوثي الا في حاله واحده فقط ,اذا وجد مشروع وطني عصري تنويري ,كما حاول ذات يوم من التاريخ الزعيم الراحل ابراهيم الحمدي لكن ايادي الغدر اغتالته لأنها لاتريد لهذا الاشعاع ان يرى النور هي تفضل ابقاء هذا الظلام العاتم الجاثم على مجتمع الشمال .الى مالا نهاية . ان اردتم خيرا لمجتمعكم في الشمال عليكم الاقتداء بنضالات شعب الجنوب وتجربه الحراك الجنوبي على الرغم من قله العدد والعتاد فقد تمكن من الحاق الهزيمة التاريخية بنظام ال الاحمر سيء الصيت ,عليكم الاستفادة من هذا التراث الوطني والانساني ان كنتم صادقين في تغيير مجتمعكم . ان مجتمع الشمال ونخبه المثقفة هي احوج ماتكون الى مشروع بناء الدولة الوطنية الحديثة لتحل محل سلطه القبيلة القائم حاليا ,هذه هي المعضلة الرئيسية التي تقف امامكم . انتم بحاجه الى تغيير العقلية القبلية السائدة في المجتمع للاستعاضة عنها بفلسفة رجال الدولة المدنية الذي تستقطب الجماهير من حولها نحو الاهداف والغايات الوطنية الكبرى .. ولكي لايساء فهمنا ,نحن لاندعو الى استئصال القبيلة ,لان هذا ضد منطق العقل والتاريخ فالعرب جميعا ينحدرون من اصول قبليه بدويه ,ولكن وبعد ظهور الدين الاسلامي الحنيف والتطور البشري بقيام الدولة كعقد اجتماعي بين السلطة والمجتمع ,استطاعت كثير من الشعوب التأقلم مع هذا المتغير التاريخي ووغدت القبيلة مكون فاعل في بنيان الدولة المدنية الحديثة ,ولتأكيد صحة مانقوله انظروا الى تجربه الدولة الجنوبية لما قبل الوحدة لقد استطاعت تقديم نموذج تاريخي في العلاقة بين الدولة والقبيلة الذي انصهرت واضحت جزء اساسي في هيكل الدولة الحديثة . ان الشمال بحاجه الى مشروع وطني لبناء الدولة والانتقال من البنية والعقلية القبلية البدائية المتخلفة ,وهذا لايعني البتة التخلص من القبيلة كموروث تاريخي انساني ,بل على النخب الشمالية ولاسيما في شمال الشمال الاستثمار في القبيلة وترويضها وتدجينها في إطار مشروع وطني تحديثي ينقل مجتمع الشمال من الطور القبلي المتخلف الى طور الدولة والقانون والمواطنة المتساوية . ان الفرق بين نخب الشمال ونخب الجنوب في هذه اللحظة التاريخية تكمن في ان نخب الجنوب تناضل من اجل الاستقلال واستعاده الدولة ,بينما الشمال لايزال يرزح تحت حكم القبيلة ,وعليه فان المسوؤلية التاريخية التي تقف امام نخب الشمال هي ضرورة تأسيس لمشروع وطني وسياسي وحضاري كبير للانتقال والعبور الى الدولة العصرية الحديثة . هذه هي ابرز مقومات وشروط الانتصار على الحوثي ,وهو مشروع الدولة المدنية ,ومادون ذلك هو مجرد عبث ومضيعه للوقت واستبدال نظام فاسد بأخر اسواء منه .