في خطوة هامة هي الأولى من نوعها ، حلف حضرموت يعقد اجتماعا استثنائياً له في منطقة تاربة ( تحت شعار حضرموت تنشد الأمن والسلام ) يوم السبت تاريخ 18 ذي الحجة 1438 هجرية الموافق 9 سبتمبر 2017 م ، بحضور قيادات ومرجعيات وأعيان وشخصيات سياسية وقبلية ، يمثلون مختلف مناطق حضرموت الساحل والوادي والصحراء ، والحلف مكون إجتماعي قبلي ، مؤسسه سعد بن حمد بن حبريش الذي قتل أثر مواجهات، مسلحة بين حراسته ، ومجموعة مسلحة تابعة للمنطقة العسكرية الأولى ، في نقطة مستحدثة في مدخل مدينة سيئون الغربي ، علما بأن قريباً له ، قد قتل في جولة الريان بالمكلا بعد خروجه بساعات من مكتب أحد ضباط القوة التي أحتلت المكلا بعد حرب 94م المشؤومة أثر مشادة بين الطرفين . ويأتي هذا الإجتماع في ظل انتقادات شديدة موجهة للحلف من قبل الكثير من المواطنين بمختلف إنتماءاتهم ، لغيابه وصمته الطويل عن الوضع الأمني السيء، الذي يعيشه وادي حضرموت وانتشار ظاهرة القتل والإختطاف والتقطع ، وإغتيال الشباب الحضارمة المنتمين إلى قوات النخبة الحضرمية ، وغيرها من المؤسسات الأمنية والعسكرية ، وقد شكل مقتل المقدم الجابري عضو لجنة الوساطة في المواجهة بين الحموم وال كثير في وادي جعيمة في العشر الأواخر من رمضان الماضي صدمة للجميع ، في الوقت الذي لزم الحلف الصمت تجاه هذه الحادثة الأليمة ، ويؤكد منتقدو الحلف ، أنه لولاحادثة إختطاف السيد عبدالله مولى الدويلة ، المسؤول المالي في دار المصطفى ، لما حرك الحلف ساكناً وبهذه القوة . بغض النظر عمّا قِيْلَ أو سيقال عن هذا الإجتماع ، فإنه للأمانة خطوة إيجابية في الطريق السليم ، فالوضع الأمني السيء في الوادي وحالة الإنفلات الذي يشهدها ، وخطورة إستمرار هذه الأوضاع عاى هذا النحو ، لما يمثله من تهديد عاى المحافظة وسلامة أراضيها ووحدة نسيجها الإجتماعي، وتعايش مختلف فئات المجتمع الحضرمي بسلام وأمان وطمأنينة ، يتطلب تظافر وتكاتف كل المكونات وكل الخيرين في الوادي والساحل، للتصدي لما يحاك من دسائس وتآمر ضد حضرموت ، إنطلاقا من الوادي الذي يمثل الحلقة الأضعف في جسم حضرموت ، ولذلك فالكل ينتظر أيضا موقفا من مؤتمر حضرموت الجامع رافضاً للأوضاع الأمنية في الوادي ، وإنضمامه إلى جانب حلف حضرموت وكل الجهود التي تبذل لتصحيحها ، وتمكين أبناء الوادي والصحراء من تولي الملف الأمني والعسكري بأنفسهم ، على نمط ماهو موجود في الشريط الساحلي بالتنسيق والتعاون مع قوات التحالف العربي . ورجوعاً إلى قرارات إجتماع تاربه أومطالبه الذي كنا نتمنى أنه لو عقد هذا الإجتماع في مديرية القطن ، هذه المديرية التي شهدت وتشهد أعمال قتل تكاد تكون يومية ، ممادفع بالبعض أن يطلق عليها مثلث الرعب ، سيكتسب أهمية أكثر ، وتكون لهذه القرارات أبعادا عميقة ومردودات إيجابية أوسع ، ولاسيما وأنَّ هذه القرارات تحمل نفساً إيجابيا على الرغم مما بها من قصور وإقتضاب ، وهي تتوافق مع مايراه ويطالب به أبناء الوادي ، وخاصة مايتعلق بمطالبة قوات التحالف العربي بالتدخل لضبط الأمن ،لعجز الاجهزة الأمنية وقوات المنطقة العسكرية الأولى من تحقيق ذلك ، وإلقاء القبض على الجناة ، وتحميلهم المسؤولية فيما آلت إليه الأوضاع الأمنية من تردي وسوء . كما طالب المجتمعون الجهات المسؤولة العمل على سرعة تجهيز وتسليح قوة الأمن العاع التي تم تدريبها من أبناء حضرموت ، لأمن الوادي والصحراء ، واستكمال تدريب وتجنيد ماتبقى من القوة المقررة لتعزيز قوات الأمن في الوادي والصحراء .... إننا لانجد عذرا على الإطلاق لتلك الجهات المسؤولة التي لم يحددها البيان ، في عدم الإستفادة من تلك القوة التي تم تاهيلها حتى اليوم ،لحفظ الأمن في الوادي والصحراء الذي يعيش فراغا أمنيا واضحا ، أنعكس ذاك في إزدياد جرائم القتل والتقطع والخطف وبروز ظاهرة الثأر وغيرها من الجرائم ، علما بأن مراكزالأمن في العديد من مدن الوادي مغلقة ولا تمارس مهامها على الإطلاق ، فضلا عن انعدام الإمكانيات التي تمكنهم من القيام بدورهم ، وحرمانهم من أبسط حقوقهم ، حيث يؤكد كثير من منتسبي المؤسسة الأمنية والعسكرية ، أنه يأتي عليهم الشهر التاسع من دون أن يستلموا مرتباتهم ، فكيف لنا أن نطالبهم بحفظ الأمن ، في الوقت الذي عجزت هذه السلطة الشرعية أن تؤمن لهم هذا الحق ، الذي لايقبل التفريط أبدا ، وفي الوقت نفسه نجد أن موظفي الدولة في القطاعات المدنية ، يستلمون مرتباتهم الشهرية بإنتظام ، بماذا نفسر هذا التصرف من قبل السلطة القائمة ؟ ، هل هذا عمل مقصود حتى يظل الوضع الأمني بهذا السوء ؟ أم أن هناك أسبابا أخرى لانعرفها . هذه حقيقة غابت عن إجتماع تاربة للأسف الشديد ، فكان من المفروض أن يطالب المجتمعون قوات التحالف والدولة الوفاء بإلتزاماتهم وتعهداتهم تجاه هذه المؤسسة الحيوية بمافيه تأمين حصولهم على مرتباتهم وحقوقهم دون تسويف أوتأخير . كما طالب المجتمعون أبناء حضرموت جميعا ، قبائلها وكل مكوناتها الإجتماعية ، التعاون مع رجال الأمن كل في منطقته ، وعدم التستر على الجناة مرتكبي هذه الجرائم الدخيلة على أهل حضرموت وقيمهم ، وهذا شيء جميل جدا بأعتبار الأمن همٌّ عام يهم كل أفراد المجتمع وفي الفقرة الأخيرة من البيان ، أكد المجتمعون بانهم سيظلون مرابطين حتى تنفذ مطالبم، وإلا فلهم خياراتهم الأخرى دون أن يحددوا ماهي هذه الخيارات؟ وماهي الجهة التي يطالبونها بالتنفيذ ؟ نقولها صراحة قرارات أو مطالب اجتماع تاربة للحلف على درجة كبيرة من الأهمية والموضوعية، ولكن هناك صعوبة كبيرة في تنفيذها وتحتاج إلى قوة إجماع رسمي وشعبي، في ظل أنّ المحافظة تعيش حالة إنقسام واضح، لاتخضع لسلطة أمنية وعسكرية واحدة ، الوادي تسيطر عليه المنطقة العسكرية الأولى، حيث ينتشر رجالها ونقاطها العسكرية في كل الوادي، ولها أجنداتها الخاصة ، ويتهمها كثير من المواطنين بأنها تقف وراء هذه الفوضى الأمنية ، بل ذهب المحافظ السابق بن بريك إلى إتهامها مباشرة ، بأن الإرهابيين ينطلقون منها ويعودون إليهابعد تنفيذ عملياتهم، وحتى الآن لايوجد هناك تحقيق مستقل ينفي هذه التهم أويثبتها ، ومعظم أفرادها من غير أبناء حضرموت، وهم قادمون من المحافظات الشمالية . وتأتي المنطقة العسكرية الثانية ومعها قوات النخبة الحضرمية ، تحت قيادة المحافظ البحسني ، وهي القوة التي أشرفت على تدريبها وإعدادها قوات التحالف وخاصة الإمارات ، ويعود إليها الفضل الكبير في تحرير مدينة المكلا وكامل مدن الشريط الساحلي من هيمنة القاعدة ، بعد أن هرب منتسبوها ، وتنعم اليوم مدينةالمكلا وكل مدن الشريط الساحلي بالأمن والإستقرار ، مقارنة بما تعيشه مدن وادي حضرموت من فوضى أمنية وإنتشار الجريمة . الخلاصة أنه لايمكن القضاء على الفراغ الأمني الذي يعيشه وادي حضرموت وصحراؤه بإمتداداته الواسعة وطرقه المتشعبة الذي يهدد دول الجوار، إلا بتوحيد حضرموت ساحلها وواديها تحت سلطة إدارية وعسكرية وأمنية واحدة ، ويتولى هذا الملف الهام أبناء حضرموت فهم أحرص وأحق به دون غيرهم، وهذا لن يتحقق إلا بتظافر وجهود الجميع ، علماء ومثقفين وقبائل ومشائخ وسياسيين، وكل شرائح المجتمع الحضرمي، من دون أن يٌسْتَثنَى أحد.