أمانة لتاريخ وانصافاً لعُظم مكانتها والدور الذي أدته و تؤديه بكل امانة واخلاص أخط أحرف هذا المقال عن المرأة المهرية. أحب ان ابدأ بالقول وان تراجع بروز ضوء الظهور الثقافي للمرأة المهرية في بعض المراحل الماضية والذي يعود ربما لأسباب البعد والانغلاق وغياب التعليم وتفشي الجهل نتيجة بعض الحسابات السياسية التي كانت تُمارس على المهرة بشكل عام , فأننا اليوم نرى المرأة المهرية تمتطي صهوة جواد الابداع والطموح متسلحة بسيف العلم والمعرفة كما كانت تاريخياً تُنافس على مراكز التفوق ومواقع التميّز على المستوى المحلي وكذلك على مستوى الاقطار العربية .
وبالملاحظة ان المرأة المهرية لم تكن غائبة عن تاريخ الابداع الفكري والثقافي العربي بل كانت جزاءً مهم من تكويناته الاساسية في معظم مراحله وهاهي اليوم تُشارك ويرتفع مؤشر ابداعها في رسم نمو الحياة الثقافية في مختلف البلدان العربية وخصوصاً اليمن وبُلدان الخليج العربي بأبداعٍ متقن , وبالعودة الى الحديث عن انقطاع الظهور في فترة من فترات او مرحلة من المراحل فهذا يعود لاسباب سياسية حتّمت على المهرة بشكل عام ان تعيش في عزلة سياسية وثقافية عن بقية أقطار الوطن العربي والعالم , الا ان الابداع ظل متواجدا بين اروقة البيوت والحصون المهرية وفي تلك الخيام التي تصارع من اجل البقاء في صحاري بلاد المهرة فرغم كل الظروف فالفكر الثقافي لم يتجمد بل كان متجددا حبيس الظروف التي تمر بها البلاد في تلك المراحل , فنجد الحضور الثقافي في مختلف الوان الرواية والحكايات الشعبية وبمختلف القوالب والانماط الثقافية وايضا الشعر باللغة المهرية وكذلك العربية الفصحى بنكهاته المختلفة متواجداً في الساحة المهرية , و كل هذا لم ينضب ولم ينتهي وعند انبثاق النور وتهيأت الظروف ولحِقَ المهرة بركب التطور والتكنولوجيا والعولمة برز جلياً قدرة المرأة المهرية ان ترسم ملامح الابداع الفكري والثقافي بشكل اوسع وأشمل .
فكما اننا نجد ان المرأة المهرية كانت ولا زالت عضواً أساسياً وفعّال في الحياة فهي شاركت وتشارك الرجل في كل مختلف المراحل وتفاعلت معه في مواجهة الظروف دون تردد ولم تكن يوما إلا وهي جزاءً اساسي للمشاركة في مناشط الحياة، بل وأنها استطاعت ان تنجح في محاولات إثبات الذات لتبرهن انها الشخصية القادرة على تحمل ادارة العمل الجاد ضمن شكل الحياة العامة للمجتمع, فنجدها قد أدت دوراً بارزا ولازالت مساهمة في صنع الحياة ومواجهة ظروفها اياً كانت ، فحضورها في مواسم الزرع والحصاد وفي رعي المواشي والابل وسنوات الكفاح والجهاد في تعمير البيت المهري والحفاظ عليه وعلى عاداته وتقاليده وشموخه منذ بداية الحياة لم يُثقل كاهلها بل زادها عزيمة واصرار ولم يمنعها عن المشاركة في الحياة الثقافية.
فهي من حيث وطأت قدماها كان للمكان والبيئة نصيبا من ابداع نتاجها الفكري سواء على الطريقة التقليدية او الحديثة .. وبكل فخر واعتزاز أحب ان اوجه تحية اجلال وتقدير الى كل اخواتنا المهريات في الداخل والخارج في جميع انحاء العالم اللاتي يؤدين واجبهن تجاه مجتمعاتهن بصورة ايجابية تساهم في التنمية وبناء الفكر والثقافة والمساهمة في تعزيز التقدم في كافة المجالات الاخرى .