مع حلول بداية العام الدراسي، وبينما جميع التلاميذ يتأهبون لخوض عامهم الجديد بنشاط وحيوية والعودة الى المدرسة، بعد اجازة صيفية طويلة، ورغم ان اقبالهم على الدراسة والتزود بنور العلم وضياء المعرفة لم يعد كما كان زمان فتلك السعادة البالغة والحنين الكبير للعودة الى المدرسة هبطا درجات كثيرة وخفت حدتهما، والتبجيل للمعلم كاد ان يختفى ويتلاشى، والتوق الشديد لسماع صوت الجرس لم يعد بتلك الشدة ، فقد رافق عودتهم الى المدرسة فتور ملحوظ، ولم يكن ذلك من عامنا هذا ولكن منذ سنوات طويلة حدث ان هبط مستوى الاهتمام بالتدريس وفقد طابع الاسلوب التعليمي المشجع للتلاميذ ، وكل ذلك حدث بشكل متعمد وخلفه اهداف خفية انتهجتها سياسة التربية والتعليم في صنعاء ، وقد خلفت بصمات هذه السياسة تدني كبير وذبول واضح في المستوى العلمي لجيل كامل في عدن واغلب المحافظات الجنوبية ،وللأسف الشديد كان للمعلم دور ومساهمة في احداث هذا الشرخ الكبير في التحصيل العلمي وان كان بغير قصد ولا هدف ولكن رضوخه لسياسة تهميش التعليم واستكانته وصمته إزاء هذه السياسة جعلت منه اداة غير مباشرة في ذلك الهدم للعملية التعليمية فكان تصوره بأنها فرصة ينبغي اقتناصها لتخفيف اعباء المجهود الشاق للرسالة التعليمية الشريفة وإفلاته من واجباتها المرهقة والتي تلزمه على رفع مستواه العلمي وبشكل مستمر ومواكبة الطرق التعليمية الحديثة التي تصب في خدمة التحصيل الجيد والترغيب والتحفيز بطرق ووسائل مختلفة تدفع التلاميذ على رفع مستواهم ومداركهم العلمية. لقد جاء قرار اعلان نقابات المعلمين الجنوبيين الاضراب الشامل من يوم الاحد الاول من اكتوبر 2017م ، في جميع مدارس المحافظات الجنوبية في توقيت خاطئ حيث قدمت النقابة بإضرابها هذا خدمة كبيرة وهدية ثمينة لحكومة صنعاء ومن حيث لا تعلم، فقد خففت عليها احراج فشلها في تلبية ابسط متطلبات المعلمين وكسرت حدة الضوء المسلط من قبل الرأي العام على اعلان نقابة المعلمين في صنعاء اضراب شامل واغلاق جميع المدارس ، ولا تتحمل نقابتهم اللوم في قيام هذا الإضراب ، ولكن تتحمله سلطة الاحتلال في صنعاء كون مبررات النقابة واقعية فقد لحق بحقوق المعلمين هناك اجحاف شديد حيث توقف صرف مرتباتهم الشهرية لما يقارب العام الكامل ومن المعروف ان الراتب هو المصدر الوحيد للدخل. من المؤسف ان يستمر اضراب نقابة المعلمين الجنوبيين وتوقيف العملية التعليمية في عدن وبقية المحافظات الجنوبية، مع ان المؤكد ان النقابة من حقها اعلان الاضراب للسعي في تحقيق اهداف وطموحات تصب في خدمة المعلم ونيل جميع مستحقاته التي تعينه في رفع مستواه المادي وتمنحه الراحة النفسية ليؤدي رسالته التربوية بنصح وامانة، ولكن هناك سؤال يضع نفسه بشدة والحاحا وهو، هل قرار النقابة في هذا التوقيت صائب؟ ام ستظل في تعطيل العملية التعليمة في انتظار الوصول لاهدافها وتحقيق ما تطمح إليه وان كان كل ذلك بدون جدوى!. في تقديري ان قرار النقابة لم يراعي الوضع الاستثنائي وعدم الاستقرار والظرف الصعب الذي تمر به البلاد، وكذلك لم تضع في حساباتها الانعكاس والأثر السلبي لهذا الاضراب على نفسيات التلاميذ وعلى تحصيلهم العلمي في ظل التردي الملموس للمستوى التعليمي لأبنائنا في عدن وبقية المحافظات الجنوبية . وما ينبغي طرحه بالمنطق العقلاني على نقابة المعلمين الجنوبيين هو النصح لها بالكف عن تعطيل العملية التعليمية في الوقت الراهن ، والتذرع بالصبر وانتظار الفرج، طالما ان رواتب المعلمين تصرف شهريا وبانتظام ، أما قال الشاعر الجميل إيليا أبو ماضي: ايها الشاكي وما بك داء.. كن جميلا ترى الوجود جميلا.