تحل بعد أيام الذكرى الرابعة والخمسين لثورة الرابع عشر من أكتوبر المجيدة والتي أدت الى طرد الاحتلال البريطاني من الجنوب. وكما عهد الجنوبيون في السنوات القليلة الماضية على الاحتفال في العاصمة عدن وإقامة فعالية مركزية في ساحة العروض بمدينة خورمكسر. وفي هذا العام طرأت تغييرات عديدة على الساحة الجنوبية اسهمت في تعزيز حضور الاصوات المنادية بالاستقلال واستعادة الدولة. ففي 11 مايو الماضي اعلن اللواء عيدروس الزبيدي تشكيل مجلس انتقالي جنوبي برئاسته وضم في عضويته 26 شخصا من القيادات الجنوبية. وحضي اعلان تأسيس المجلس بتأييد واسع على مختلف طبقات الطيف الجنوبي في حين تحفظت بعض الشخصيات الجنوبية عليه ولكنها أيدت إنشاء كيان سياسي جنوبي كون إدارة الجنوب من صلاحيات الحكومة الشرعية للرئيس هادي. وبعد اعلان المجلس الانتقالي شهدت الساحة الجنوبية حراكا سياسيا فاعلا إلا أن عوامل التفرقة مازالت حاضرة بين المكونات الجنوبية. وتفاجئ المواطنون في الجنوب باعلان ثلاث لجان تحضيرية واقامة فعالية 14 أكتوبر في ثلاث ساحات مختلفة في العاصمة عدن. ودعا المجلس الانتقالي الجنوبي انصاره الى الاحتشاد في شارع الشهيد مدرم في مدينة المعلا للاحتفال بذكرى ثورة أكتوبر. ووجهت المقاومة الجنوبية دعوة للمواطنين لحضور الفعالية التي ستقيمها بنفس السبت القادم في شارع التسعين بمديرية المنصورة شمالي العاصمة عدن احتفاء بذكرى ثورة أكتوبر. من جانبه دعا المجلس الأعلى للحراك الجنوبي انصاره للاحتشاد في ساحة العروض للاحتفال بثورة 14 أكتوبر السبت القادم أيضا. وفي وقت لاحق توصلت المقاومة الجنوبية والحراك الى اتفاق يقضي بتوحيد فعاليتهما في ساحة العروض بخورمكسر وإلغاء فعالية شارع التسعين. وانتقد نشطاء سياسيون ومواطنون هذه الدعوات التي قالوا بأنها تعزز من التفرقة مؤكدين على ضرورة توحيد الحشود واقامة فعالية موحدة، فيما قال آخرون أن تعدد الساحات لا يفسد شيئا طالما الأهداف نفسها. ودعا نشطاء سياسيون واعلاميون إلى توحيد الجنوبيين في ذكرى ثورة 14 أكتوبر ونبذ الفرقة والخلافات بين كافة الأطراف. وقال سياسيون ونشطاء تحدثوا لصحيفة "عدن الغد" ان حلول ذكرى ثورة 14 أكتوبر يستوجب استدعاء كل معاني الاخوة والاتفاق وتوحيد الجهود. وأشار النشطاء إلى ان إقامة فعاليتين في ذكرى ثورة 14 أكتوبر ستكون مناسبة للتعدد والقبول بالاخر والتأكد على ان الخلاف السياسي لا يعبر بالضرورة عن خلاف في التوجهات ورفض الاخر. ودعا النشطاء إلى دعم كافة الساحات الجماهيرية التي ستحتفي بذكرى الثورة في الجنوب، وعدم تخوين المحتشدون في ساحات أخرى. كما دعا السياسي الجنوبي والكاتب عبيد البري قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي الى دعم جهود اقامة فعالية سياسية واحدة في ذكرى ثورة 14 اكتوبر. وقال "البري" انه يجب على المجلس الانتقالي عدم التهاون إزاء محاولة التفريق بين نضال كل من الحراك الجنوبي والمجلس الانتقالي الجنوبي من خلال تجزئة احتفالية 14 أكتوبر في ساحتين بهدف إظهار نوع من الاستخفاف والتشويه بوحدة الإرادة لدى جماهير الشعب الجنوبي. وتعالت الدعوات لإقامة فعالية سياسية واحدة في ذكرى ثورة 14 اكتوبر القادمة والمقرر اقامتها عقب اسبوع من اليوم. من جانبه دعا السياسي الجنوبي وعضو المجلس الانتقالي الاعلامي لطفي شطارة إلى دعم كافة الساحات الجماهيرية في عدن والمحتفية بذكرى ثورة 14 أكتوبر في الجنوب. وقال شطارة معلقا على حالة من الشد والجذب بهذا الخصوص : "طالما والهدف واحد إستعادة دولة الجنوب فليتحول كل الجنوب ساحات وشوارع الى مهرجانات بمناسبة 14 أكتوبر .. المواطن في الجنوب لم يعد قاصرا ، والشعب الذي صنع انتصارا على الانقلابيين في حرب 2015 ، لا يمكن أن يقبل بأي التفاف على قضيته او الهدف الذي ناضل من أجله". ويرى مراقبون أن الاحتفال بثورة 14 أكتوبر هو الأهم وأن تعددت الساحات فيما رأى آخرون أن توحيد الفعالية هو الأهم لكون العالم ينظر الى القضية الجنوبية وبالتالي فإن وحدة الشعب والقيادة أهم مطلب في الوقت الحالي. وقال المراقبون أن اقامة فعالية ذكرى ثورة 14 أكتوبر في ساحتين منفصلتين سينجح في حال ابتعد مؤيدو الطرفين عن الشحن وتبادل الاتهامات والتخوين. وأكدوا أن التخوين وتبادل الاتهامات بالعمالة لن تؤتي ثمرها إيجابيا بل ستؤدي الى مزيد من الفرقة والتقسيم بين أبناء الجنوب مما يؤثر سلبيا على القضية الجنوبية، والهدف المنشود بنيل الاستقلال واستعادة الدولة. فهل توحد ثورة 14 أكتوبر الجنوبيين مجددا، بعد أن وحدت مقاومتهم للمستعمر البريطاني في ستينيات القرن الماضي وأجبرته على الرحيل؟