1// الآن .. تدور أحاديث متواترة عن إقتراب نهاية حتمية للحرب ، وهذا كما يبدو خارج نطاق السيناريوهات الرائجة عن المنطقة عموما ، ومع ذلك يعللُ كثيرون تفاقم حدة الصراع بين الحوثي - عفاش على خلفية دنو هذه النهاية للحرب ، حيث والحوثيين يتطلعون الى فرض حضور مستقل وملحوظ في تسوياتها المفترضة ، وإن كانوا مجرد رقم هامشي في ميادين العمليات العسكرية مقارنة بقوات صالح وأتباعه وعتاده .. مع هذا ، ماذا عن جنوبنا وقضيتنا في ظل هذا اللغط الدائر عن التسويات ، وبإفتراض أنها جادة فعلاً .. 2// من يقرأ في خارطة جنوبنا اليوم ، وتحديداً المتفحّص لتفاصيل المشهد والطيف السياسي والعسكري الجاثم على أرضنا ، خصوصا وقد طردنا قبلاً كل قوى الشمال من معظم جغرافيتنا خلال الحرب ، بدون شك سوف يستشف مدى الشغل الخبيث الذي إشتغله سياسيو صنعاء ونافذوها وجنوبيي السلطة الشرعية الوحدويين بالنسبة لهذه الوحدة .. أي كان من المفترض التصدي لذلك وإظهار مقاومته ، لكن بكل أسف لم يتوافر الفعل السياسي الجنوبي المنظم والموَجّه من قيادة جنوبية موحدة تمسك بزمام الزّخم الجماهيري الجنوبي قبل الحرب وبعدها ، وهذا رغم كل الفعاليات والمليونيات الصاخبة التي تدافعنا اليها كجنوبيين رفضاً لهذه الوحدة. 3// اليوم ايضاً ، هناك المجلس الإنتقالي الجنوبي ، وإن تشكّل مؤخراً ، ومع ذلك هناك حالة من الرفض لوجوده من البعض ، وهنا لندع قوى صنعاء جانباً ، لكن الرفض من الجنوبيين أتباع نافذي صنعاء وأحزابها هنا في الجنوب ، وطبعا بين هؤلاء من إفترضناهم مقاومة جنوبية ! إضافة الى بعض القيادات المدسوسة أو النزقة في حراكنا الجنوبي ، وهؤلاء الأخيرين لم يستطيعوا أن يتصدّروا المشهد والفعل الجنوبي سابقاً بكل حنكة ومهارة ، وأغلب هؤلاء من هواة المكرفونات وعاشقي لعب دور الزعامة وعديمي النضج السياسي .. مع ذلك يمكننا الجزم بأن المجلس الإنتقالي قد حقق خطوات متقدمة الى حدّ ما ويمكن البناء عليها خلال الفترة الوجيزة من ظهورهِ ، وإن شابَ اداؤه ماشابهُ ايضاً .. 4// إذاً .. في الظرف الراهن - إحتمال نهاية الحرب وتسويات مابعدها أو سواهما - فهل يُعوّلُ على أن يكون لجنوبنا حضوراً ذا شأن في مثل هكذا تسوياتٍ إذا تمت حقاً ؟! أو سوف يتم تجاهل الفاعلين الدوليين والإقليميين بالحق الجنوبي المعروف وغمطهِ ، أو فرض مساومات بإدخال أطراف جنوبية تتبع نافذي صنعاء وجنوبيي السلطة الشرعية وفرضهم كأطرافٍ جنوبية في مثل هكذا مفاوضات ، أي كما حدث في مؤتمر الحوار الوطني ؟! أو هل يُعوّلُ على شارعنا الجنوبي الذي عهدناه بزخمهِ وزحفهِ الحماسي في كل المليونيات الرافضة للوحدة ، أو أنه سوف يدير ظهره ويولي بلامبالاة حال ظهور مخرجات من هذه التسويات لاتلبي تطلعاته المشروعة ، أو لاتضع له إعتباراً ؟! 5// القراءة الظاهرة لما يدور الان تُشي بمؤشراتٍ غير مُبشّرةٍ غالباً ، وهذا ليس لخلق حالة من الإحباط في شارعنا الجنوبي وخلافه ، كلا والله ، لكن لنقرأ بكل موضوعية في شريط أدائنا سابقاً ، فهو المحبط ولاشك .. وهذا لولا التدافع الجماهيري العفوي في مليونياتنا السابقة ، ولكن بدون قيادة جنوبية موحدة توجّه الفعل السياسي والحضور الجنوبي ، أو ترسم على أساس ذلك واقعاً سياسياً حنوبياً صارخاً يصل الى الداخل والخارج ، ولاأعتقد أن ثمة من سيجادل في هذا .. ثم أن كل القرارات الدولية والإقليمية السابقة لم تكن في جانب جنوبنا وتطلعاته وحقوقه المشروعة ، أو حتى تشير اليه مجرد الإشارة وحسب ! هذا عدا إشارة عابرة وردت مؤخراً في سياق سرد المبعوث الدولي لتقريره لرؤيته بخصوص جنوبنا وضرورة مراعاة تطلعاته وحسب ، وهذه لايمكن البناء عليها طالما ونحن لسنا برقمٍ مؤثرٍ وفاعلٍ في المعادلة القائمة بأدائنا وفعلنا على الأرض .. 6// هنا يأتي دور المجلس الإنتقالي الجنوبي ، وإن جاء متأخراً بالنسبة لجنوبنا وقضيتنا ، وهذا لن يتأتّى إلا بفعلٍ مؤثّرً وحيّ يشير فيه الى حضوره وثِقَل تواجده في شارعنا الجنوبي ، وكذا في إلتفافنا حوله وبكل فعالية وقوةٍ ظاهره .. وهنا تكون الصّدقية في ترجمة خطاباته التي ردّدها كثيراً الى واقع عملي ، وهي الذي عليه أن يجعل منها أحداثاً مجلجلةً في الساحة الجنوبية ، وتحديداً تجاه الحكومة والسلطة الشرعية وماترتكباه بحق جنوبنا من فسادٍ وتقصيراتٍ وإنتهاكاتٍ متعمّده ، وهو تحدّث بهذا مراراً ، وإلا فأن وجودنا كجنوبيين سيصبح كغثاء السيل ليس إلا ، وهذا سواء بالنسبة لنافذي صنعاء أو للخارج والفاعلين الدوليين عموماً . 7// بالفعل لامناص من إثبات فعلٍ جنوبي متّزنٍ ومؤثر يقول للعالم ( نحنُ هنا ) ، ويلفتُ إنتباههم بأننا رقما حاضراً وحيّا في المعادلة اليمنية القائمة ولايمكن إسقاطه من أي تسوياتٍ متوقعةٍ ، ولأن الفعل العفوي والغوغائي لايعني شيئاً للآخرين ، كما أن حُسنُ النية الدائمة في التعاطي مع الآخر لاتؤسس لشيئٍ يمكن الرّكون اليه أو أخذهِ في الإعتبار في عالم السياسة المعاصر ، وهذا ندركه جميعاً ولاشك .. أليس كذلك ؟!