اسدل الستار عن النهار الاكتوبري الطويل ,بعد ان ترك بصماته التاريخيه في مسيره الشعب الجنوبي الظافرة ,يوما كان مختلفا عن سابقيه من الايام ,يوما جدد فيه الجنوبيين عهدهم ,لنصره قضيتهم الوطنيه الجامعه ,قضيه الانعتاق من نير وظلم الاحتلال ,والتخلص من توابعه . ظن الاحتلال ,بعد اجتياح الجنوب في صيف العام 94,بانه قد طوى صفحه التاريخ الجنوبي المجيد من ذاكرته الانسانية ,وتكاثرت فيه الاحداث , ,وتغيرت المكونات ,وتبدلت المعادلات في ارض الجنوب الطاهرة ,بعد ان زرع في واقعنا الجنوبي ,ليل حالك طويل ,غطى بسواده ,معظم نواحي الحياة ,تمكن الاحتلال من تخريب الذات الجنوبيه ,وتدمير النسيج الاجتماعي للشعب الجنوبي ,بعد ان تم افراغها من قيمها الوطنيه و الانسانية ,التي كانت سائدة في المجتمع الجنوبي ,واستبدلها بثقافة شمال الشمال المتخلفة ,ثقافة اللا دوله ,اللا قانون ,ثقافة الجهل والفوضى والهمجية بعد غياب الدوله الوطنيه الجامعه . لكن شعب الجنوب ,وبفضل تضحياته وصموده ,لم يستسلم لهذا القدر المفروض عليه ,بل سطر اروع صفحات البطولة والإقدام مستلهما من افكار ومعاني اكتوبر العظيم , كا شعاع ضوئي ينير له الطريق المظلم ,فمثلما كان اجداد وإباء اكتوبر العام 63 يرسمون لنا طريق الحرية والثورة ,من الاستعمار البريطاني ,هاهم احفاد وابناء اكتوبر العام 17 يعيدون اللوحه من جديد نحو الاستقلال الثاني ,واستعاده الدوله الجنوبيه الثانيه . لقد شهدت العاصمه عدن بالأمس ,تظاهره احتفاليه حضاريه جميله هي اشبه باستفتاء شعبي ديمقراطي حر ونزيه ,اثبت فيه الجنوبيين ,من جديد بانهم على درجه عاليه من الوعي والنضوج السياسي الكبير ,فالاحتكام الى الجماهير ,هي قمة السلوك والثقافة الديمقراطيه ,بدلا من الاحتكام الى لغة السلاح ,او القبيلة ,او المال ,احتكم الجنوبيون بالأمس الى الساحات للتعبير عن مشاعرهم وقناعتهم بحريه تامة ,فمنهم من اختار الذهاب الى ساحة الحرية ,او العروض في خورمكسر ,ليفصح برأيه وصوته تجسيدا لقناعته وتوجهاته السياسيه ,ونفس الامر حدث في ساحة المعلا المباركه الذي تقاطر اليها الجنوبييون ,من مختلف اطيافهم ,ايمانا منهم بقضيتهم العادلة المقدسه ,قضيه التحرر والاستقلال . لانريد الخوض في لعبه الارقام والحشود ,لان الصوره ابلغ واصدق ,من اي سطور ,يمكن ان تتناولها ,,وهي في غنى عن ذلك ., . فاذا كان معيار النجاح ,في اللعبه الديمقراطيه يتمثل بفوز الاغلبية ,واعتراف الاقلية بذلك ,مع مراعاة الغالبيه لهواجس ومصالح الاقلية . واذا اسقطنا هذه القاعدة ,على واقع الجنوب ,من وحي احتفالات الامس ,هذا يعني ,انه على ساحة العروض ,احترام اراده الجماهير الغفيره ,في ساحة المعلا ,الذي هتفت بالصوت والصورة ,وبحماس منقطع النظير لالبس فيه ,ان غالبيه الشعب الجنوبي ,تتطلع الى الحريه والاستقلال من توابع الاحتلال وبقاياه الذي لاتزال مهيمنة على بعض مفاصل الجسم الجنوبي ,الصاعد من بين الانقاض والركام . الحديث عن الاغلبية والأقلية يفتح الباب على مصراعيه ,للحديث على مستقبل الجنوب ,الذي نطمح اليه ,ونسعى لبلوغه ,وهنا مكمن الخلاف بين الساحتين . فاذا نظرنا ,وبصوره مبسطه ,الى طبيعة الحشود في الساحتين ,والشعارات التي رفعت فيها ,ستبين لنا بما لايدع مجال للشك ,تنوع المرجعيات الفكرية والسياسية ,لكلا من الساحتين . فساحة العروض ,لا تخفي مرجعيتها السياسيه ,الذي يعبر عنها الاداء السياسي لحكومة الشرعيه ,الذي مابرحت تكررها على مسامع الجنوبيين ,عبر الادبيات الشهيرة ,المتمثل باليمن الاتحادي والجمهورية ومخرجات الحوار وغيرها من السياقات المعروفه لدى كل جنوبي ,والاشكالية الذي يقع بها اصحاب هذا الخطاب العقيم الغير واقعي في كونه من بقايا الماضي الذي ولى واندثر ولم يعد له مكان ووجود الا في خيال هولاء ,في اسواء حاله انفصام وتناقض صارخ مع حقائق الارض والواقع ,الذي تكرست في الشمال والجنوب . ان اصرار حكومة الشرعيه على رفع علم الجمهوريه اليمنية في ارض الجنوب ,كان اخرها ,في العرض العسكري المشبوه ,الذي تم تنظيمه في الكلية العسكريه بصلاح الدين ,يعد تحدي وأهانه لتضحيات الشهداء والجرحى ,واستخفاف بالرأي العام الجنوبي ,الرافض لهذا العلم ,الذي هو رمز تاريخي ,لزمن الاحتلال المشوؤم . ان تصرف حكومة الشرعيه ,في هذا التوقيت ,ليس عفويا ولا بريئا ,بل هو استمرار ,لنفس العقليه ونفس المنهج ,الهادف الى اعاده منظومه الاحتلال القديمه ,على ارض الجنوب تحت مسميات ,وعناوين مختلفة ,لكنها تهدف ,في نهاية المطاف ,الى ابقاء الجنوب ضمن ,منظومة الاحتلال القديمه الخاضعة للمركز الصنعاني المقدس .. اما ساحة المعلا ,فخياراتها واضحة ,بينه ,لمن لديه عيون ترى ,وأذان تسمع ,,جماهير المعلا ,اعلنت للعالم رسالتها ,الحازمه والقاطعة ,,بانها مع ,ان يكون الجنوب ,كيانا وهوية مستقلة عن سلطات الشمال وتوابعه ,وهنا مصدر الافتراق ,الرئيسي بين فلسفه الساحتين . ان الصراع المحتدم في جنوبنا الحبيب ,لايمكن تحويره وتقزيمه ,من صراع مشاريع وتوجهات سياسيه ,كبرى ,الى نزاع شخصي او مناطقي او قبلي بين مكونات الشعب الجنوبي المختلفة ,والعزف على وتر التناقضات المناطقيه ,وتغذيتها لأسباب وأهداف لا تخدم سوى اعداء الجنوب من الاحتلال واذياله . اننا ما نفكنا نكرر على ضرورة الاصطفاف الجنوبي الواسع ,باقصى درجاته الوطنيه العليا ,دون التفرقه والتجزئة المعيبة ,الذي تجعل من الجنوب ,الخاسر الاكبر فيها ,ان جنوب اليوم لهو بحاجه ماسه للابتعاد عن ثقافه الالغاء والاقصاء ,بل ويحتاج الى تفعيل ثقافة التوحد والتقارب لجميع المكونات الجنوبيه الفاعله والمؤثره ,ولكن هذا لن يحدث بصوره عفويه عشوائية . ان الجنوب بحاجه اليوم الى تأسيس كتله تاريخيه من فئاته المجتمعيه ,في سبيل قياده نهضه شامله للتغير المنشود الذي يتناسب مع المعطيات الذاتيه والموضوعية للحظه التاريخيه الراهنه ,الكتله التاريخيه الذي تضم شرائح عريضة وفئات واسعة ,من الشعب الجنوبي ,شريطه الاتفاق فيما بينها على اهداف ومبادئ واضحة لاغبار ولا تشكيك فيها ,وأهمها واولها : ,السعي الى استعاده الجنوب كهوية وكيان وتراث وطني جامع لنا جميعا ,ثانيا :التحرر والتخلص ,من نظام الاحتلال الشمالي وتوابعه الفكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية .ثالثا :اي صيغه مستقبليه للعلاقة مع الشمال ينبغي لها ان تنطلق من النديه الكاملة بين الشمال والجنوب كما كان ينادي بها في اطروحاته النظريه المفكر الجنوبي الكبير الدكتور محمد حيدره مسدوس ,هذه الثوابت الوطنيه ,يجب اعتبارها مرجعيه اساسيه ملزمه ,لجميع المكونات الجنوبيه ,على اختلاف انتماءاتها الفكرية والمناطقيه والفئوية ,وتعد بمثابة وثيقة الاجماع الوطني الجنوبي ,الذي لاتفريط فيها ولاحياد عنها مهما تفاوتت ,تناقضاتنا الحزبيه والسياسية والايدلوجيه .. ان قرار المجلس الانتقالي بالدعوة ,الى تأسيس الجمعيه الوطنيه هي خطوه في الاتجاه الصحيح ,ويخدم ما اوردناه سلفا ,لانه سيستقطب شرائح جديدة من المجتمع الجنوبي للمشاركة المثمره ,في تحصين المسيره الجنوبيه ,من الاقصاء والتهميش وللارتقاء في ادائها الوطني تجاه وطنها وشعبها .وقضيتها العادلة ,وبدون تأسيس مرجعيه يستند اليها الجنوبيين في مسيرتهم السياسيه ,سوف يغرق الجنوبيون ,في اتون الخلافات السياسيه العدمية وتفاصيلها اليوميه الغير مفيدة ,مرجعيه تجمعنا تحت رايتها ,يجسدها العلم الجنوبي ,رمز الحريه والاستقلال واستعاده الدوله . ان الامل يحذو كثيرا في ان تحل الذكرى اليوبيلية العظيمه للثلاثين من نوفمبر ,يكون فيها الجنوبيين قد خطو خطوه كبرى نحو الاستقلال الثاني ,بحيث يكون نوفمبر العام 2017 ,امتداد طبيعي وتاريخي لنوفمبر العام 1967 ,في عمليه تواصل لنضالات الاجيال الجنوبيه الباسلة ,ليثبت للعالم بان الجنوبيين ,هم "خير خلف لخير سلف " ان الاوضاع المتأزمة في واقع الجنوب والشمال ,قد حسمت امرها بنفسها ,بحيث صاغت صنعاء خياراتها المعروفه والواضحة ,والجنوب ,حدد بالأمس بوصلته ,وطريقه الى المستقبل من خلال التمسك بالمجلس الانتقالي كممثل شرعي لنضالاته وتطلعاته المشروعه ,وبين خيار الشعبين في صنعاءوعدن ,تقف الشرعيه على مسافة بينها ,لايروق لها ولاتريد تقبل حقائق الامر الواقع الساطعة ,,وغدت اشبه بجهاز التلفون الخارج عن التغطيه ,تعيش عالمها بانفصام تام عن الواقع ,كما لو انها في كوكب اخر . ان دوام الحال من المحال ,فلم يعد مسموحا به لا محليا ولا اقليميا ولا دوليا فملفات المنطقه في طريقها الى الحلحله ,سورياالعراق ليبيا ,ولم يتبقى ,الى المعضلة الشائكة المنبثقة عن واقع الشمال والجنوب .الذي تحولت الى معركة لاستنزاف الجميع ,الخاسر الاكبر فيها الشعبين في الشمال والجنوب ,ومن ورائهما التحالف ,بينما المستفيد لاكبر من بقائها واستمرارها هي قطعا تلك الطبقه السياسيه الذي هي ,من نتاج وافرازات هذه الحرب العبثيه الدائرة رحاها في ربوع البلاد وأضحت بالنسبة لها تجاره رابحه تعود عليها بالمنافع والامتيازات الجمه ,على حساب البسطاء من الناس ,هذه الطبقه ,باتت تقبع في برجها العاجي ,لاترى و ولا تريد ان ترى ما يجري من حولها من تطورات ,يقينا انها لاتريد للحرب ان تضع اوزارها ,وان لا ينطلق قطار التسوية المرتقب لان في ذلك نهاية لمصالحها الانانيه ., ان تلك الطبقه السياسيه ,غنيه عن التعريف لدى المتابع للشان اليومي المحلي . اننا قد اوشكنا على الوقت الضائع ,المتبقي من عمر ألازمه المستفحلة ,وان الامور ذاهبة الى خواتيمها الطبيعيه والمنطقية ,الذي لاتنسجم ورغبات البعض ,الذي يسعى بجنون محموم الى تأخيرها ,,وهذا عبث اخر ,لان واقعنا لم يعد قضيه داخليه بحته يسير وفق اهواء البعض في الداخل ,لقد بات الجميع امام عدسات المجهر الاقليمي والدولي ,يحركنا ويوجهنا ,في اطار ايقاع اجنداته الذي رسم خطوطها العريضة للاعبون المحليون يتحركون بموجبها ,وفق خطها البياني الحاسم . اهلا بنوفمبر القادم ,نوفمبر الامل الكبير ,نوفمبر الحرية ,نوفمبر الاستقلال ,نوفمبر الدوله الجنوبيه المنشودة ,دوله القانون والمواطنة ,بعيدا عن الاقصاء والتهميش .