الساعة الثالثة فجر يوم الاثنين 30 من اكتوبر 2017 امتنع غالبية اهالي مدينة عدن عن النوم بسبب انقطاعات التيار الكهربائي التي تواصلت منذ ايام ووصلت ذروتها صباح يوم الاثنين بمعدل انقطاع بلغ 13 ساعة كاملة مقابل ساعة واحدة على التشغيل . ويأتي هذا التدهور في حين تبدو المدينة خالية الوفاض من أي مسئولين حكوميين فالرئيس عبدربه منصور هادي غادر المدينة قبل اشهر طويلة من اليوم ولايبدو انه يملك قدرة العودة اليها اليوم في حين غادر رئيس الوزراء احمد عبيد بن دغر قبل ايام . ولايزال المحافظ عبدالعزيز المفلحي خارج البلاد هو الاخر عقب عدم قدرته على العودة الى عدن بسبب عدم تسليمه مهام عمله من قبل المحافظ السابق اضافة الى خلافه الاخير مع حكومة بن دغر . وبعد عامين على تحرير "عدن" لايبدو ان شيء ما قد تغير فوضع الكهرباء كأبسط خدمة يمكن تقديمها للأهالي تبدو في وضعها السيء جدا مقارنة بظروف الحرب ذاتها. ويقف الاهالي في المدينة الساحلية ذات الاجواء الحارة بعد عامين على انتهاء الحرب ليقارنوا وضعهم ماقبل الحرب وخلال الحرب مع وضعهم الحالي اليوم وتبدو المقارنة مخجلة مع وعود حكومية واخرى من دول التحالف العربي بإصلاح اوضاع الناس. ولا تقف الازمات التي تضرب "عدن" عند انقطاعات الكهرباء في المدينة فالألاف من الموظفين لايتسلمون مرتباتهم بشكل دوري ومنتظم ويضاف الى ذلك ازمات اخرى خدمية كثيرة . هادي... الغياب الابدي ومنذ انتهاء الحرب الاخيرة ومع دحر القوات الموالية للحوثيين علق كثيرون على عودة الرئيس هادي مع اطلاق وعود اعمار كبيرة لعدن واصلاح خدماتها. ادى الرئيس هادي صلاة العيد عقب عدة ايام فقط من خروج ميليشيا الحوثي من "عدن" ويومها قال لشخصيات اجتماعية ومشائخ ومسئولون انه تلقى تعهدات بإعادة اعمار المدينة التي دمرتها الحرب وطيران التحالف وقذائف الحوثيين على حد سواء. كان الكثير من الناس يأمل بتغير الكثير في اول مدينة قهرت ميليشيا الحوثي وتمكن من طرد القوات الموالية للحوثيين . وبعد عامين على حديث " هادي" لم يقدم احد شيء للمدينة باستثناء مساعدات ضئيلة قدمتها منظمات دولية واهلية لكن شيء ما لم يتغير ابدا. طباعة العملة لم تكن حلا لجأت ادارة هادي لحل مشكلة رواتب الالاف من العسكريين والمدنيين بعدن ومحافظات اخرى الى طبع عملات جديدة لكن عمليات الطبع هذه لم تكن مغطاة ضمن سياسة نقد حقيقية الامر الذي دفع بتضرر العملة بشكل كبير. ورغم حالة الفرح التي انتابت الاهالي في عدن ومحافظات جنوبية اخرى بصرف المرتبات الا انه سرعان ماتبدد "الحلم" تحت وطأة تراجع صرف الريال اليمني الامر الذي جعل القيمة الحقيقة للمرتبات تتراجع بشكل كبير . وحتى اليوم لايزال "هادي" غير قادرا على العودة الى مدينة عدن عقب خلافاته الاخيرة مع الامارات ومن الرياض يناظر الرجل المدينة التي تغرق في اتون الفوضى والازمات . المفلحي الامل الذي طال انتظاره عين "عبدالعزيز المفلحي" محافظا لعدن قبل اشهر من اليوم ورغم ان الرجل جاء من خلفية اقتصادية جيدة الا ان الظروف السياسية والصراع الدائر بين الشرعية والامارات لم يمكنه من تسلم مهام عمله. يرفض المحافظ السابق حتى اليوم تسليم المقر السابق لا دارة المفلحي الامر الذي اجبر الرجل على العمل من قصر معاشيق لأكثر من شهر قبل ان يضطر لمغادرة المدينة صوب العاصمة المصرية القاهرة. تفائل كثيرون بداية الامر بتعيين المفلحي محافظا لكن حدة الصراع بين الاطراف السياسية منع الرجل من اكمال مشواره الخدمي . حاول "المفلحي" النأي بنفسه عن الصراع الدائر في عدن بين اقطاب مختلفة وقال اكثر من مرة انه لن يقوم الا بخدمة المواطنين لكن يبدو ان الصراع اكبر من الرجل ذاته. ولايبدو ان المدينة حتى اليوم تتمتع بسلطة محلية فاعلة فالمحافظ غائب ويخلفه عدد من وكلاء المحافظة لكن المدينة بإجماع الجميع بحاجة الى سلطة محلية فاعلة يمكنها تحريك وقائع الامر. يشعر قطاع من الناس بحاجة الى تغيير كبير في حياتهم ويرون ان ذهاب الاطراف المتصارعة وعلى رأسها الامارات وادارة الرئيس هادي صوب تسوية سياسية توقف العبث الحاصل في المدينة امر لابد منه . يعيش الاهالي حتى اليوم في ظل ظروف بالغة الصعوبة فلا خدمات ولا مرتبات وينهار الجانب الامني. عودة شبح الاغتيالات وخلال الشهر الحالي عاد شبح الاغتيالات الذي يطال مشائخ ورجال دين الى الظهور مجددا عقب حال هشة من الاستقرار الامنية استمرت لأشهر. اغتال مسلحون مجهولون عدد من رجال الدين في عدن واستهدف الاغتيال رجال الدين في التيار السلفي الذي شارك بفعالية خلال الحرب الاخيرة . لم تعلن أي جهة مسئولية مسئوليتها عن عمليات القتل هذه الامر الذي خلط الاوراق في المدينة بشكل كبير. ومثل هذا التحدي الاخير هما اضافيا يضاف الى مشاكل الاهالي في هذه المدينة . هل اخفق التحالف العربي في مهمته بعدن؟ علق كثيرون من اهالي عدن مع انتهاء الحرب امال كبيرة على دور محتمل لدول التحالف العربي في عدن وتحديدا المملكة العربية السعودية والامارات العربية والمتحدة. وبعد عامين على انتهاء الحرب لايبدو ان شيء ما حقيقي قدم على صعيد الخدمات ومساعدة الناس. مساء يوم الاثنين تتزاحم الالاف من السيارات امام محطات الوقود وتغرق المدينة وسط ظلام دامس دون ان تتمكن هذه الدول من تقديم سفينة وقود واحدة لعدن . تصدر دول الخليج وتتحكم بمخزون العالم اجمع من النفط لكنها لاتلتفت الى مايعانيه الناس في مدينة حلفاء الحرب لهم "عدن". في عام 2015 قاتل الالاف من اهالي المدينة في مواجهة نفوذ ايراني متزايد في المنطقة لكن كثيرون باتوا يشعرون ان تضحياتهم لم يتم تقديرها . دفعت دول التحالف الالاف من المدرعات العسكرية والاسلحة لكن شيء ما من الاهتمام بمؤسسات الكهرباء والمياه والاغذية لم يحدث. لايخفي الالاف من الاهالي خيبة املهم الكبيرة حيال هذا الدور ويقول كثيرون ان تضحياتهم لم يتم تقديرها. استفاد على نطاق ضيق زعماء ميليشيات مسلحة ومسئولون من دعم دول التحالف لكن قطاعات الكهرباء والوقود لاتزال بعيدة عن كل هذا الاهتمام. تبدو "عدن" مشتتة عقب عامين على انتهاء الحرب والسؤال الاكثر اهمية والذي يطرحه الالاف من الناس هو من الذي يقف خلف عملية التعذيب هذه .