الوضع الأمني في وادي حضرموت يتأزم يوماً بعد يوم ويأخذ أبعادا خطيرة جداً ، لا يمر يوم أو أسبوع إلا ونسمع أخبارا لا تُسِرّ ولاتبعث على الطمأنينة ، إن فلانا من الناس قد قتل أو تعرض لحادثة إطلاق نار عليه ، والفاعل دائماً مجهول ، إنفجار عبوة ناسفة هنا أو هناك ، في ظل عجز واضح من قبل الأجهزة الأمنية والعسكرية للوصول إلى القاتل أو المعتدي ، أو منفذي العمل الإرهابي ، وحتى في حالة معرفة القاتل ،فإن السلطات الأمنية تعجز عن الوصول إليه ، بسبب احتمائه بقبيلته أو بجهات نافذة ، أو تهريبه إلى مكان آخر بعيد عن مسرح الجريمة ، وبذلك تضيع القضية ويفلت القاتل من يد العدالة ، إذا كانت هناك أصلاً عدالة للأسف الشديد . حادثة الجمعة الماضية 27 أكتوبر 2017 م ، التي حصلت في أحد شوارع مدينة سيؤن الداخلية ، منطقة السحيل ، إذ انفجرت عبوة ناسفة وقت الظهيرة ، في سيارة شاص تابعة للمنطقة العسكرية الأولى عليها عسكريون تابعون لها ، زرعت على جانب الطريق ، تسببت في سقوط عدد من القتلى والجرحى العسكريين ، كما أُصِيْبَ بعض المواطنين ، وصفت جراح البعض منهم بالخطيرة ، صادف مرورهم وقت الحادثة ، كما تضررت بعض البيوت الواقعة على جانبي الطريق العام ، هذه الحادثة سبقتها احداث مماثلة ، انفجار عبوة ناسفة قبل ما يقارب أسبوعين أو أكثر في طقم عسكري كان واقفا في شارع الجزائر بالقرب من بريد سيؤن العام ، قبلها انفجرت قنبلة صوتية في الجهة الخلفية لمركز شرطة المدينة ، وقبلها انفجرت عبوة ناسفة وضعت في دراجة نارية ، قتل على أثرها مواطن صاحب تاكسي أجرة ، واحترقت سيارة مواطن آخر احتراقا كاملا ، بالقرب من فندق النخيل الواقع في الخط المؤدي إلى مطار سيؤن من الجهة الغربية ، أحداث كلها يقوم بها مجهولون ، لاتعلن جهة معينة مسؤوليتها عنها ، بالإضافة إلى ما يشهده الوادي من فوضى أمنية وعدم استقرار ، من قتل وتقطع وغيرها وثارات ،هذه الأحداث لها دلالاتها وأبعادها الخطيرة تتمثل في : -إنها تنبىء بخطورة القادم في الوادي ، إذا لم يكن هناك توجه حقيقي وجاد لضبط الأمن من قبل الجهات المسؤولية - عدم إعلان أي جهة مسؤوليتها عن هذه الحوادث الإرهابية ، يضع أكثر من علامة استفهام وسؤال عمَّن يقف وراء هذه الأعمال ،وماهي مصلحته ؟ وهل هي جهة واحدة أو عدة جهات ؟ - يلاحظ أن هذه الأعمال الإرهابية ، تظهر فجأة ، ثُمَّ تختفي ، وهذا ماقد يوحي أنها ذات أبعاد سياسية ، لاتنفصل عمَّا تشهده البلاد من احتراب وقتال بين الشرعية والانقلابيين ، والتطورات السياسية والعسكرية في الجنوب بعد عدوان 2015 م على الجنوب . - الوادي يواجه مؤامرة خطيرة ، تستهدف أمنه واستقراره ، وكيانه كجزء مهم من حضرموت الموحدة أرضا وإنسانا ، وبالتالي تهديد لحضرموت كلها ، واديها وساحلها - لاعلاقة لهذه الحادثة بتلك الدعوات التي تطالب بتحرير الوادي من هيمنة القوات الموجودة المنتشرة فيه بكثافة القادمة من الشمال ،كردة فعل عن عجزها وفشلها عن حفظ الأمن ، وَيُنْظَرُ إليها بأنها قوات إحتلال ، بل ويتهمها الكثير من المواطنين ، بأنها هي التي تقف وراء هذه الحوادث لحسابات معينة - أكدت هذه العملية بمالايدع مجالاً للشك ، حتمية وضرورة أن يتولى الملف الأمني والعسكري أبناء الوادي وأبناء حضرموت عامة ، لأنَّ مَنْ يُطْلَبُ منهم توفير الأمن ، هم عاجزون حتى عن حماية أنفسهم - حادثة الجمعة الماضية قد تكون رسالة ، أراد منفذوها أن يوصلوها إلى دول الجوار والتحالف العربي ، بأنَّ حضرموت ، هي بؤرة للإرهاب ، في الوقت الذي يعلم الجميع جيدا ، أنَّ حضرموت واديها وساحلها ، ليست بيئة حاضنة للإرهاب ، ولن تكون مطلقاً ، وأن الإرهاب زرع فيها زرعاً ، ويستخدم لتحقيق أهداف سياسية معينة ، والدليل على ذلك هزيمته وإخراجه مهزوما مدحورا من مدينة المكلا ومدن الشريط الساحلي في سويعات محدودة قبل أكثر من عام مضى تقريباً . يظل تحقيق الأمن وإعادة الطمأنينة إلى النفوس في الوادي ، هو الهدف الذي يجب أن يحظى بالأولوية والاهتمام من قبل كل مسئولي السلطة المحلية في الوادي والمحافظة ، وهو الرهان الحقيقي لمصداقيتهم وإخلاصهم وحبهم لحضرموت ، وكذلك من قبل التحالف العربي ، وبالأخص الأشقاء السعوديين دون غيرهم من دول التحالف لاعتبارات كثيرة . تفاءلنا خيرا لزيارة المحافظ قائد المنطقة العسكرية الثانية للوادي ،لعلَّها تساعد في ضبط الأمن وإعادة الاستقرار فيه ، لكن على مايبدو أنَّ هناك مَنْ يعمل في الخفاء لعرقلة أي عمل أوجهد من شأنه أن يساعد في هذا الاتجاه ، حتى تظل الأوضاع على حالها ،لهدف ما ، ولذلك ستظل نتائج زيارة المحافظ إلى الوادي وجهوده حبرا على ورق وحبيسة الأدراج ، فلم نر على الأرض إجراءات أو خطوات فاعلة تدفعنا إلى التفاؤل والأمل للأسف .