قبل خمس سنوات تقريبا وأثناء عودتنا من عدن إلى يافع مررت أنا وأحد أصدقائي في نقطة للجيش في منطقة (بلة) بالقرب من العند ورأينا قيام جنود النقطة بإنزال مجموعة من إخواننا الصوماليين من فوق سيارة هيلوكس ورفض مواصلة مسيرهم في السيارة باتجاه يافع والبيضاء ورداع وغيرها.. للبحث عن لقمة عيش، وألزمهم على الرجوع إلى عدن سيرا على الأقدام. فتأثرنا من هذا الموقف وخاطب صديقي الجنود بقوله: لا تهينوا الناس سيأتي يوم من الأيام نذهب عندهم. فمكثت هذه العبارة في ذاكرتي وأقول هل فعلا سيأتي اليوم الذي يذهب فيه اليمنيون للجوء في الصومال؟. اليوم قرأت خبرا يقول: بحث سفير اليمن لدى مقديشو "فضل الحنق" مع وكيل وزارة الخارجية الصومالية علي محمد علي، ورئيس الهيئة الوطنية للاجئين أحمد نور أوضاع اللاجئين اليمنيين في الصومال بشكل عام وفي مقديشو بشكل خاص. وتم الاتفاق على ضرورة إعطاء اللاجئين اليمنيين في مقديشو حقوقهم بشكل كامل أسوة باللاجئين في بقية الأقاليم الصومالية. كما عبر السفير عن تقديره للصومال على استقبالها للاجئين اليمنيين والاهتمام بقضاياهم!!. وفي آخر المقال أختم برسالة مغترب إلى إخوانه الخليجيين - خاصة بعد ارتفاع الرسوم على المغترب وزيادة التضييق على المغتربين: إخواننا هذا قدرنا معكم وقدرنا مع أنفسنا ونحن به راضون؛ سنغادر أرضكم مطرودين وكلنا ثقة أن الله لن يضيعنا. ونرجو أن لا نجدكم كأصحاب الجنة قد بدل الله عنكم ما أنتم فيه مثلما بدلتم نياتكم تجاهنا. سنسامحكم وربما يوما سنشكركم على مافعلتم عندما صرفتمونا لنجد رزقنا ينتظرنا في بلادنا وبين أهلنا وأزواجنا وأطفالنا. * ربما أنتم لا تدركون حقيقة الكلمات الأخيرة تحديدا من كلامي السابق، لأن بعضكم إن لم يكن معظمكم لا يدرك قسوة الغربة: - تخيلوا حينما يصل خبر لحظة فراق أمك أو أبيك من هذه الحياة الدنيا ولم تتشرف بسماع كلمة وداع أو سماح أو حتى قبلة على خد أعز إنسان عليك. - أنتم لا تدركون معنى أن يرزقك الله البكر من أولادك وأنت عنه بعيد ولا تراه إلا وهو يستقبلك قد بلغ من العمر سنين. - أنتم لا تدركون قيمة أن تتزوج ولا تمكث مع أهلك غير شهر أو شهرين؛ ثم تغادر وقدماك لا تكاد تحملانك. - إنكم لا تدركون أشياء كثيرة كنا نعانيها وسفاهات كنا نصطلي بنيرانها، وجور كنا نتجرع مرارته فوق كل ماسبق. - نستودعكم الله ونحن مطرودين لكننا نقول: يا أهلا بكم في أي وقت إن ضاقت بكم أرضكم يوما ما وجرت عليكم سنة الحياة التي جرت علينا؛ حينها سنقاسمكم رغيف خبز أولادنا غير كافلين ولا مكفولين في بلاد الإسلام والمسلمين. أرجوا أن لا تندموا عندما تفتقدوننا بينكم أو تتمنون أنكم لم تفعلوا، وستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري لله. (وتلك الأيام ندوالها بين الناس..)