الدور النضالي للزعيم حسن باعوم في غرس بذرة الحراك السلمي في حضرموت في وقت مبكر جداً ، هو ورفاق له من منظمة الحزب في محافظة حضرموت ، كالفقيد فؤاد بامطرف وغيره ، حيث تحدى سلطة سبعة يوليو بعد حرب صيف 1994 م ، وهي في قمة قوتها وبطشها ، و لعب دوراً كبيراً في إعادة ترتيب أوضاع منظمات الحزب في المديريات ، حيث طاف مدن المحافظة وقراها لترتيب الأوضاع الحزبية وعقد اللقاءات مع المواطنين ، وكان يصف سلطة سبعة يوليو ، بسلطات الإحتلال ، وقد اكتسب شعبية كبيرة ومؤيدين كثيرين لحراكه في حضرموت كلها، بل على مستوى الجنوب ، وصار الزعيم الذي لايُنَازَعُ ، إلى جانب رصيده النضالي السابق كمناضل جسور من مناضلي حرب التحرير ضد الإستعمار البريطاني ، وكشخصية وطنية بارزة تحمل العديد من المسؤليات بعد الإستقلال الوطني . ونتجة لمواقفه المعارضة لنظام سبعة يوليو والأوضاع التي وجدت في الجنوب بعد حرب صيف 1994 م ، ودعوته للثورة عليها ، فقد تعرض للأعتقالات والملاحقات والزج به في السجون عدة مرات ، كماتعرضت حياته للإستهداف أكثر من مرة ، مما أكسبه مكانة نضاليةخاصة بين أتباعه والمواطنين الرافضين للأوضاع في الجنوب ،التي فرضت بأسم الوحدة ، وقد أكتسب لقب الزعيم بحق وحقيقة ، وامتلأت الجدران بالكتابات التي تبايع الزعيم وتهتف بحياته ، وألتف حوله الكثير من الشباب المتحمسين الذين يفتقدون إلى الخبرة والحنكة السياسية ، بما فيهم أولاده . مع مرور الأيام ولكبر سنه وتدهور صحته ، حيث يعاني من أمراض متعددة ، انخفظت قدراته السياسية والفكرية ، وضعفت ذاكرته لدرجة أنه صار كثير النسيان ، فقد نسي رفاقاً له ، كانوا حتى وقت قريب تربطهم به علاقات قوية ، كانوا معه في إطار سياسي واحد ، لذلك كثير مايقع في بعض المواقف السياسية المتناقضة والتي تثير الشكوك ، ولاتليق به وبمكانته السياسية كزعيم معروف في الجنوب ، بحكم تأثره بمن حوله من الشباب ، ويُتَّهَمُ بأنه تربطه علاقات خارجية مشبوهة بكل من حوثيين وإيران ويتلقى الدعم منهم ، ويؤكد هذه الفرضية ، سلبيته وصمته أثناء عدوان قوات الرئيس السابق وقوات الحوثيين عاى الجنوب وإجتياحهم له ، وإرتكابهم المجازر ضد المدنيين ، حيث وقف هو وحراكه متفرجاً ، ولم يصدر عنه موقف مندد بهذا الغزو والجرائم ، في الوقت الذي هبت فيه كل قوى الحراك الأخرى مع كل أحرار الجنوب للتصدى للعدوان والإنخراط في كتائب المقاومة الجنوبية بدعم ومساندة من قوات التحالف العربي ، بقيادة المملكةالسعودية والإمارات ، حتى تم طرد القوات المعتدية ، كما إن َّأحد أبنائه يُقِيمُ في لبنان برعاية حزب الله اللبناني ، ويُدْلِي بين فترة وأخرى بتصريحات مُسْتَفِزِّة للتحالف العربي والجنوب . هذه المواقف المتناقضة وصمته الطويل حيال العدوان الذي تعرض له الجنوب من قبل الإنقلابيين في عام 2015م ، أفقده قاعدته الشعبية ومكانته كزعيم في الجنوب ، كان يصول ويجول فيه ، وحتى في حضرموت معقل نشاطه أختفى دوره وصوته ، هو وأتباعه ولم نعد نسمع عنهم .
وفجأة يظهر إسم الزعيم باعوم ومجلسه الثوري يوم السبت الماضي الحادي عشر من نوفمبر 2017 م ، يقال بأنه في مؤتمره الثاني في عدن ، في المنصورة في قصر التاج ، حيث خرج هذا المؤتمر ببيان ختامي شديد اللهجة حمل فيه على قوات التحالف ، وبالتحديد على السعودية والإمارات ، واصفاًإياهما بدولتي الإحتلال محملهما تبعية مايجري من تدهور معيشي وإقتصادي وصحي وغيره ، في الشمال والجنوب ، في الوقت نفسه خاطب سلطة الإنقلابيين في صنعاء بلهجة ناعمة ، على مايبدو كإعتراف منهم بها ، مبديا آستعدادهم للتفاوض بشأن مصير الجنوب ، محتكرين لأنفسهم صفة التمثيل الوحيد للجنوب ، معتبرين المكونات الأخرى منشقة عنهم ، وتعمل بأجندات خارجية ، ولاسيما المجلس الإنتقالي . ولقد لقي هذا المؤتمر تنديدا واسعا ورفضا من قبل كل قوى الثورة التحررية الجنوبية بكل مكونات ، بمافيهم سكرتارية المجلس الأعلى للحراك الثوري لتحرير وإستقلال الجنوب ، الذي يدعي باعوم رئاسته ، في بيان صادر عنها يوم الأحد 12 نوفمبر 2017 م ، حيث أكدت دعمها للمجلس الإنتقالي الجنوبي ، ونفيها أي صفة رسمية للزعيم باعوم وإتهامه بالخروج عن الإجماع الجنوبي ، هو وجماعته وموالات التوسع الإيراني والغزو الحوثي في الجنوب .
ويأتي مؤتمره المفاجىء هذا ، في ظل أوضاع حرجة يمر بها الجنوب وإشتداد المؤامرات عليه من الداخل ومن الخارج ، حيث تبذل جهود مخلصة من أجل وحدة الصف الجنوبي ، والإصطفاف وراء المجلس الإنتقالي ، مما يثير الشكوك حوله ، ويوحي بأن هناك جهات رسمية معينة داخلية وخارجية ، هي التي دفعت بهم لعقد هذا المؤتمر ومولته بهذه السرعة وبهذه الكيفية ، ويتزامن عقده مع القرارات الرئاسية تلك التي تعترف بالحراك كممثل للقضية الجنوبية ، أي حراك لانعرف ؟ ، لإحداث مزيد من التمزق في الصف الجنوبي ، حتى يتسنى لأعداء الجنوب ومن يسير في ركبهم ، فرض حلول لاتستجيب وتطلعات الجنوبيين وحقهم في تقرير المصير . كم يوسفنا حقّا أن يقف باعوم وحراكه ضد وحدة الصف الجنوبي ،وكم كنا نتمنى ان يظل هذا الرمز وحراكه شامخا شموخ جبال حضرموت التي أحبته وأحبها، وهتفت بحياته ، لكن بالتأكيد أنَّ كبر سنه ووضعه الصحي ، أفقداه كثيرا من صفات القيادة الحكيمة ، وترك الأمور لمن حوله من الشباب الذين يفتقدون إلى الخبرة والحنكة السياسية بمافيهم أولاده الباحثين عن الزعامة على حساب هذا المناضل الكبير والرمز من رموز الثورة التحررية الجنوبية الظافرة .