في العشر سنوات الاخيرة كثرت الولولة والعويل والبكاء في الكتابات النسوية على وجه التحديد ،لا تجديد ، لا ابداع ، ما سر تلك التقليدية في الاقلام النسائية !!!؟ عندما تقوم بقراءة اعمال لكاتبة شابة الان سواء مصرية او عربية فلا تجد الا اشياء محددة لا يتم الخروج عنها نهائيا ، اولها واهمها الرجل . تعتمد المرأة في كتابتها على ظل الرجل وحيز الفراغ الناشئ من علاقة قامت بها مع رجل او علاقة انقطعت من الرجل ، ذكريات علاقاتية بينهما ، وقت نجاحها معه او وقت فشلها من بعده ثم تقوم اما بمهاجمة ذلك الخفاش مصاص الدماء المتحول او ربما نسميه انسان الغاب طويل الناب اللذي امتص دماء رواء شبابها الجميلة وارتشف رحيقها المتطاير وانها كانت ستنجح لولا ذلك الرجل المتوحش . او تبدأ بالعويل او البكاء على ذلك الرجل لانه رحل وتركها ذاهبا لاخرى وانه لم يحبها رغم كل ما فعلته وماقدمته من تنازلات وتضحيات من اجله في الحياة . او اخيرا اما ان الحياة العصيبة قد فرقتهم فهم لم يكونا لبعضهما من الاصل .. ولكن الحب يفعل ما لا تستطيع اي أرادة اخر ان تفعله . في النهاية ظل الرجل هو الاساس في كتابات المرأة في ال 10 سنوات الاخيرة اما من هو البادئ في ذلك النوع فكانت الكاتبة الجزائرية " احلام مستغانمي " من خلال ثلاثيتها عن الحب والحرب ولكن عندما تقوم يتجريد هذه الثلاثية من لغتها القوية للغاية فلن نجد شئ اخر .. مجرد قصص حب تقليدية حدثت ولكي تكسب الكاتبة تعاطفا وتوافقا على العمل وضعت بعض الاحداث من صراعات الجزائر ... نجح هذا الاسلوب كثيرا مع المراهقات في القراءة على وجه الخصوص فأصبحت كل فتاة خارجة من علاقة فاشلة تحب القراءة في مثل ذلك النوع من الاعمال لكي ترضي فراغ عاطفي او ترضي غرورها كأنثى بأي طريقة تضع اقتباسات لهذه الكاتبة ثم تقول هي تعبر عني انا ...
وبين الانا والانا يولد طبعات وطبعات للبيع حتى اصبحت الخلطة النسائية جاهزة للتعبئة في كل وقت ، لتضع القليل من علاقات حب بين افراد معقدة اما ان تنتهي بالنجاح او بالفشل لا يهم ... ليأتي السؤال هنا اين الابداع .. فعندما تقرا للكاتبة فلانة فلا فرق بينها وبين الكاتبة علانة ... نفس الاسلوب .. نفس اللغة ... نفس الحبكة ونفس النهاية ... يكتفون بتغير اسماء شخصياتهم المسطحة فقط . او هنالك خلطة اخرى ايضا وهي خلطة المثالية الدينية في الابطال التي جاءت بثمار كبيرة في اخر الاعمال في كتابات تسمى الحب الحلال .. اين الابداع !!! ؟ اين الاختلاف !!!؟ حقا لا اعلم اين المرأة التي تكتب في التاريخ ؟. اين المرأة التي تكتب في الفلسفة !!!؟ اين المرأة التي تكتب في الادب الواقعي !!!؟ ادب السجون !!!؟ حسنا لا يهم اين المرأة التي تكتب اي عمل اخر غير قصص حب بين مجموعة من الشخصيات اما تنتهي بالنجاح او الفشل وكأن مجتمعنا ( المنيل بستين نيلة ) هذه مشكلته الرئيسية والاخيرة الان هي الحب ... حسنا فللنظر الى الحب على انه نوع من انواع الاعمال الادبية يجب مناقشته كما يسمى أدب رومانسي .. اين مناقشة الحب من الابعاد النفسية في هذه الاعمال بل اين الابعاد الشخصية لهذه الاعمال من الاساس ... يوسف السباعي كان كاتب يكتب ادب رومانسي وكان يطلق عليه فارس الرومانسية الاول او فارس الرومانسية الواقعية ... ذلك لانه كان يكتب اعمال رومانسية في صلب الواقع .. الرومانسية التي توجد في الشارع او في المنزل وليست رومانسية كوكب المريخ اللتي توجد في تلك الاعمال .. سيأتي من يقول ربما يعبرن عن المرأة نفسها او كينونتها ولكن ذلك لا يحدث .. هنالك كتاب تحدثوا عن المرأة بجدارة مثل احسان عبد القدوس فكان يسمى بكاتب المرأة الاول لانه تحدث عن اغلب المشاكل اللتي تواجه المرأة في المجتمع من قيود او تخلف او عادات وتقاليد . إذن متى تبدع المرأة وتصبح كتاباتها تنافس الرجل او تتخطاه ايضا عندما تكسر قيود ظل الرجل في اعمالها الادبية .. عندما تتحدث عن كل شئ .. عن العالم .. عن الانسان .. عن الفلسفة .. عن المجتمع ككل .. عن الدين ... عن كل شئ وليس عن الحب وفقط !!! هل هنالك امثلة لكاتبات استطعن ان يتخطن حاجز ظل الرجل وابدعن ؟! نعم هنالك .. قرات لبضعة اسماء لكاتبات مبدعات ولكنهن شواذ عن القاعدة .. الكاتبة المصرية رضوى عاشور .. استطاعت رضوى عاشور ان تخرج خارج هذا الحاجز وتكتب اعمال ادبية تاريخية في قمة الروعة وكانت اعمال تعيد تأريخ التاريخ من منظور اجتماعي جيد للغاية ولكن رضوى عاشور لم تكن كاتبة شابة لتكون مثال للكاتبات الشابات ولكن لنضعها نموذج .وكذا الكاتبة العراقية انعام كي جي ... كاتبة مبدعة ايضا استطاعت الخروج خارج هذا الحيز الضيق في التفكير وكتبت اعمال في قمة الروعة على المستوى الاجتماعي .
الكاتبة السعودية رجاء عالم ... كاتبة في قمة الابداع ... خرجت خارج ذلك الحيز لتكتب اعمال تؤرخ للمكان المكي في السعودية بروعة لا مثيل لها . واخيرا المثالين الوحيدين لكاتبات مجتهدات يحاولن ان يتميزن بصدق ويخرجن خارج تلك الحدود هما : الكاتبة الاولى / هي الكاتبة المصرية شيرين هنائي اللتي تحاول الابداع في مجالات مختلفة مثل الفنتازيا التاريخية على سبيل المثال لا الحصر . الكاتبة الثانية والاخيرة / هي الكاتبة الكويتيه بثينة العيسى اللتي تحاول ان تخرج خارج ذلك الحيز ايضا و يظهر نضجها الادبي الكبير في اخر اعمالها "خرائط التيه" ولكن هؤلاء كاتبات هن نقطة في بحر من يكتب الان ... اخيرا ان ارادت المرأة/ الكاتبة ان يعترف بها ككاتبة مبدعة اما ان تخرج خارج ذلك القفص التي وضعته لنفسها وغير كذا فلن يعترف بكتابتها كأدب حقيقي الا من المراهقات اللاتي لا يقرأن الا لها ..